حمص عاصمة عسكرية آمنة وأوكرانيا تدخل الحرب الأهلية عين العالم على بغداد: موقع المالكي يقرّر موقع عون؟
كتب المحرر السياسي
بينما تؤكد المصادر القريبة من العماد ميشال عون، على جدية التواصل مع الرئيس سعد الحريري وفريقه، وعد بلوغه خط النهاية الذي يسمح بالحكم إيجاباً أو سلباً على فرص التوافق في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، بق الوزير السابق سليمان فرنجية بحصة قوى الثامن من آذار المجمعة على الوقوف وراء العماد عون مشروعاً رئاسياً يمثل التوازن المطلوب مسيحياً مع الرئاستين الثانية والثالثة، فكشف أنّ الحريري ليس جدياً لا بدعم ترشيح سمير جعجع ولا بالتوافق مع العماد عون، لأنّ مشروعه الحقيقي هو الرئيس المسيحي الضعيف والطريق لبلوغ ذلك، هو إما قبول الثامن من آذار طرح مرشحها بوجه جعجع فيتم الاستناد إلى استعصاء يرمى على ظهر المسيحيين للقول إنّ استمرار المرشحين المسيحيين الذين يملكون بعداً تمثيلياً سيؤدي إلى الفراغ، ومن ورائه إضعاف مقام الرئاسة بتسلم مسؤولياتها من قبل الحكومة، والمطلوب موافقة بكركي على ملء الفراغ الرئاسي، لأنّ المبدأ هنا أهم من الشخص، فيجري الترويج لاسم ضعيف وتسويقه كمرشح حل وسط، أو الاستناد لتمنع الثامن من آذار عن طرح مرشح وتحميلها مسؤولية الفراغ وابتزاز بكركي والتهويل عليها بمخاطر الفراغ، لتمرير الرئيس الضعيف، وفي الحالتين قال فرنجية: لذلك أنا لا أخشى الفراغ وأدعو بكركي لعدم خشيته ورفض التهويل عليها بالفراغ، لتفريغ الرئاسة من كلّ عوامل القوة.
الترابط بين الأبعاد الإقليمية لزمن التسويات الآتي ورئاسة الجمهورية يستدعي الانتظار ريثما تتبلور المعادلات التي تصنع التسويات، ولا بدّ للبنان أن يكون جزءاً منها وتتمحور المعادلات الناشئة بثلاثة: واحدة، مستقبل الصراع الروسي الغربي حول أوكرانيا، وثانية، كيف سيتم ترتيب البيت العراقي، والثالثة، الأهم مسار الرئاسة السورية على إيقاع موازين القوى العسكرية التي تبقى وحدها العامل الأهم.
في أوكرانيا تبدو الحرب الأهلية قد أطلقت صفارة البدء مع المواجهات التي تفجرت أمس والتي أدت إلى إعلان موسكو عن تلقيها مناشدات للتدخل العسكري، وظهور مؤشرات على تخلخل بنية الجيش الأوكراني بدءاً بتمرد شرائح منه على إيقاع الانقسام الأهلي بين حكومة لون واحد في كييف ومواطنين من أصول روسية في شرق البلاد، وجيش يضمّ مواطني الغرب والشرق ولا يمكن له التماسك باستخدامه آلة لحسم الصراع لحساب مكون طائفي وعرقي ضدّ مكون آخر طائفي وعرقي.
الانفجار الأوكراني يعني تأجيل الفرص الإقليمية للتسويات قبل اتضاح التفاعل الأوروبي والأميركي مع مخاطر الحرب الأهلية في أوكرانيا، وامتداد نيرانها نحو بلدان أوروبية أخرى تشبه أوكرانيا من حيث التكوين الإتني والديني كحال رومانيا وهنغاريا.
اختبار أوكرانيا الضروري لخروج الغرب بخلاصات نهائية لمضمون التوازنات وبالتالي اتجاه التسويات، ينتظر لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل والمرجح هو تخفيف حدة التوتر مع موسكو تمهيداً لبدء التفاوض.
في هذا المناخ من التجاذب الروسي الأميركي، وحيث إيران على ضفة مقابلة للأميركي وفي صف حلف مع روسيا، بدا أنّ القاسم المشترك بين طهران وواشنطن الذي يجسّده نور المالكي يتفوّق بقوة في الانتخابات العراقية حاصداً 40 في المئة من أصوات الناخبين، بمعزل عن عدد المقاعد الذي يقرره النظام الانتخابي الجديد.
نور المالكي يشكل الحكومة أم يكون الرقم الصعب في المعادلة الحاكمة يشبه وضع العماد ميشال عون، صورة تسمح بفرضية ربط الشكل الذي سترسو عليه معادلة الرئاسة اللبنانية بمستقبل تشكيل الحكومة العراقية، ومثلما لن يكون في العراق إلا حكومة تلتزم ذات خط الحكومة الحالية في السياسة الخارجية، وفي مقدمها المكانة المميزة للوقوف مع سورية، لن يكون في لبنان رئيس إلا من كنف حماية المقاومة ما لم يكن العماد عون هو الرئيس.
ثالث المؤثرات وأهمها، هو مستقبل الصراع في سورية حيث الجيش يتقدم بقوة وينجز في حمص نموذجه القابل للتعميم، في سائر المناطق بسيطرته العسكرية بعد حصار لأشهر وتفاوض مع المسلحين لحلحلة أوضاعهم بين من يريد الانسحاب، يريد تسوية لوضعه والانضمام للدفاع الوطني.
المهم أنّ سورية تخطو بسرعة نحو الجواب على الأسئلة ولبنان لا يزال في دائرة الأسئلة الكبرى.
الاستحقاق الرئاسي: دَوران في الحلقة المفرغة
في ظل هذه الأجواء، بقيت الاتصالات والمشاورات حول الاستحقاق الرئاسي تدور في حلقة مفرغة، على رغم بداية الدخول الغربي ـ السعودي على خط الانتخابات من خلال الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبل أيام مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، وعودة السفير السعودي علي عواض عسيري أمس إلى بيروت بعد فترة انقطاع استمرت لأشهر عدة، وسط معلومات تتحدث عن قيام موفد من الخارجية الأميركية بزيارة قريبة إلى بيروت بخصوص الملف الرئاسي، بالتوازي مع استمرار تحرك السفير الأميركي في بيروت دايفيد هِل باتجاه المسؤولين والقيادات السياسية، حيث زار أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما تحدثت معلومات أن هِل قد يزور السعودية لهذه الغاية.
استمرار مناورات «المستقبل»
ومردّ هذه المراوحة ـ وفق مصادر سياسية بارزة ـ إلى استمرار المناورة من جانب تيار «المستقبل»، وهو الأمر الذي بدا واضحاً في الكلام الذي كان قد أبلغه رئيسه سعد الحريري إلى موفد العماد عون الوزير جبران باسيل من حيث دعوته «الجنرال» للتفاهم مع مسيحيي 14 آذار حول اسم المرشح الرئاسي، قبل إعلان الحريري موقفه من ترشح العماد عون أو أي مرشح توافقي آخر، وتقول المصادر إن هذا الكلام من قِبل رئيس «المستقبل» بخصوص ترشيح عون، هو رفض ضمني لهذا الترشح، لأنه على معرفة كاملة أن حلفاءه لن يسيروا بترشيح «الجنرال» وبالأخص من جانب رئيس حزب «القوات» سمير جعجع الذي يصر على استمرار ترشحه، ما يعني حكماً الدفع باتجاه الفراغ في رئاسة الجمهورية واستحالة حصول الانتخابات قبل 25 أيار الجاري.
وفي معلومات المصادر أن عزوف كل من رئيس حزب الكتائب أمين الجميل والوزير بطرس حرب عن الترشّح في مواجهة جعجع، على رغم إعلان قيادات في حزب الكتائب أن رئيس الحزب سيذهب نحو إعلان ترشيحه بعد انفراط عقد الجلسة النيابية الثانية، مردّه إلى ضغوط من تيار «المستقبل» ورئيس حزب «القوات» على الجميل لمنعه الحزب من إعلان ترشيحه. وقالت إن «المستقبل» يريد استمرار ترشح جعجع حتى النهاية، لأنه بذلك يقطع الطريق على وصول العماد عون كمرشح توافقي. وكذلك لكي يكون له القرار الأول في تسمية إسم الرئيس الجديد عندما تحين الظروف والمعطيات لهذه التسمية.
تفاقم الخلاف والتجاذبات
إذاً، فقد بقي الاستحقاق الرئاسي يتأرجح في حركة مراوحة بسبب استمرار التجاذب والخلاف المستحكم حوله. ووفق معلومات من مصادر موثوقة لـ«البناء» فإن اللقاءات والمشاورات التي أجريت على الصعيد اللبناني داخلياً وخارجياً لم تخرج من إطار العموميات ولم تتطرق إلى نقاط محددة أو أسماء. كما علم أن رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري لم يُعطِ للبطريرك الماروني بشارة الراعي أيّ تطمينات ملموسة تبعد شبح الفراغ الرئاسي، وقد اكتفى بالكلام عن رفضه للوصول إلى الفراغ، بينما بقي من جهة أخرى على استمراره بدعم ترشيح جعجع الذي شكّل عقدة ومشكلة إضافية بالنسبة للاستحقاق الرئاسي.
حراك دبلوماسي غربي ـ أميركي
وفيما بقيت المشاورات اللبنانية تدور في الحلقة المفرغة لوحظت أمس حركة دبلوماسية ناشطة، لا سيما جولة السفير الأميركي على المسؤولين اللبنانيين، وكانت محطتها أمس في عين التينة وحرصها بعد اللقاء على تكرار القول: «إن شأن الانتخابات الرئاسية هو شأن لبناني وليس لواشنطن وأي قوة خارجية اختيار مرشح للرئاسة». كذلك كان الموقف ذاته بالنسبة لسفراء الاتحاد الأوروبي الذين التقاهم الرئيس بري أمس، في حين أعرب رئيس المجلس النيابي أمامهم عن خشيته وخوفه على الاستحقاق في حال استمرت الأمور على المنوال ذاته، مؤكداً مرة أخرى على لبننة الاستحقاق الرئاسي وبذل المزيد من الجهد في سبيل انتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 أيار الجاري.
وعلم في هذا الإطار، أن كلاً من السفير الأميركي وسفراء الاتحاد الأوروبي اكتفوا خلال اللقاء مع الرئيس بري على عدم الدخول في تفاصيل الاستحقاق الرئاسي ومسألة المرشحين، واكتفوا بالدعوة إلى انتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 الجاري، وأن يتمكن اللبنانيون من انتخاب الرئيس حتى لا تدخل البلاد في الفراغ.
مصادر 14 آذار: جعجع يراهن على تغيير بموقف جنبلاط!
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر في 14 آذار أن رئيس «القوات» سمير جعجع يراهن على نجاح الضغوط الغربية وضغوط تيار «المستقبل» على النائب وليد جنبلاط في إحداث تحوّل في موقف زعيم المختارة لمصلحة ترشح جعجع، أو الاسم الذي قد يتم تبنّيه بين الطرفين. ولاحظت المصادر أن ما كان قد أبلغه رئيس «المستقبل» سعد الحريري للوزير جبران باسيل يشير بطريقة غير مباشرة إلى أن الحريري إذا كان لا يريد وقف الحوار مع العماد عون لكنه في الوقت ذاته لن يسير بترشيحه، خصوصاً عندما ربط هذا التأييد بحصول توافق بين عون ومسيحيي 14 آذار. وأضافت إن الحريري الذي لا يريد أن يقطع التواصل مع التيار الوطني الحر وضع الكرة في ملعب حلفائه، عندما وضع معادلة التوافق بين عون ومسيحيي 14 آذار. ولاحظت المصادر أنه على رغم أن الفرنسيين والأميركيين يتجنبون الخوض في دعمهما لأسماء معينة، إلا أن الحَراك الفرنسي ـ الأميركي يعمل لتسويق أسماء معينة، وهذا الأمر ستظهر مؤشراته في الأسابيع القليلة المقبلة، لكن المصادر رجحت عدم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، متوقعة أن يمتد الفراغ لحوالى عشرة أشهر في الحد الأدنى.
السفير السعودي: على اللبنانيين اختيار الرئيس
وفي سياق متصل، قال السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري بعد عودته إلى لبنان، وبعد فترة انقطاع استمرت لأشهر عدة، أن بلاده «لم ولن تتدخل في الشأن الداخلي اللبناني». وأضاف: «على اللبنانيين أن يختاروا رئيسهم وهم قادرون على ذلك، ونرى أن الخيار يجب أن يكون لبنانياً، وما نعمل عليه هو أن يكون هناك توافق بين جميع القوى السياسية بعيداً عن الفراغ لكي يختاروا رئيساً للبنان للمرحلة المقبلة».
وبينما اتصل عسيري بكل من الرؤساء سليمان وبري وسلام، لوحظ أن جعجع أجرى اتصالاً بالسفير عسيري بعد وقت قصير من عودة الأخير، معلناً «ترحيبه بعودة السفير السعودي».
فرنجية: عدم تأمين النصاب حق دستوري
وأمس، استبعد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، واعتبر أن الطبخة الإقليمية لم تستوِ بعد.
وردّ فرنجية بطريقة غير مباشرة على رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وقال: «إن عدم تأمين نصاب جلسة انتخاب الرئيس هو حق دستوري. ولاحظ أن هناك تهويلاً يمارس على الراعي، مشيراً إلى أن سعد الحريري مع وصول رئيس ضعيف، لا مع ميشال عون ولا مع سمير جعجع».
سليمان ينتقد!
وكان سليمان واصل حملته غير المباشرة على قوى 8 آذار وسلاح المقاومة، فاعتبر أمس أن تعطيل نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية عمل غير ديمقراطي». كما خلط بين المجموعات المسلحة وسلاح المقاومة واعتبر أن القرار 1701 نص على سحب السلاح من كل المجموعات». كما دعا لإعادة النظر بقيام المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري المشترك!!
مجلس الوزراء يعيّن خمسة محافظين
في سياق آخر، عقدت جلسة مجلس الوزراء عصر أمس في قصر بعبدا خلافاً لما كان حدّد في جدول الأعمال الذي وزّع على الوزراء وهو السراي الحكومي، وأفادت مصادر وزارية أن نقل مكان الاجتماع مردّه إلى حصول توافق على بعض التعيينات من خارج جدول الأعمال وأبرزها تعيين خمسة محافظين هم: فؤاد فليفل جبل لبنان وزياد شبيب بيروت وعماد لبكي عكار ورمزي نهرا الشمال وبشير خضر بعلبك ـ الهرمل .
كما أن الموضوع الآخر البارز في جلسة مجلس الوزراء كان في تقديم وزير الخارجية جبران باسيل كتاباً إلى مجلس الوزراء دعاه فيه إلى إعادة النظر في القرار الاتهامي للمحكمة الدولية بحق قناة «الجديد» وجريدة «الأخبار» والزميلين ابراهيم الأمين وكرمى خياط.
وأوضح وزير الإعلام رمزي جريج بعد الجلسة أنه لم يتم البحث خلال الجلسة بكتاب باسيل وأنه قد يتم بحثه في الجلسة المقبلة، مشيراً إلى أن الوزير باسيل ترك الجلسة قبل انتهائها بنحو ساعة.