كتب المحرر السياسي:
الأسبوع الحاسم يستمرّ حاسماً، وتتقاطع ملامح النهايات للملفات العالقة، فالملف النووي الإيراني المفترض أن يكون قد انتقل إلى الفشل مع نهاية ليلة اليوم الأخير من شهر آذار من دون التوصل إلى الاتفاق الموعود، سيواصل اليوم دورانه بين أيدي المفاوضين الكبار، بعدما أعلنت إيران أن ليس لديها سبب لتوقف المفاوضات، وأنّ وفدها باق في لوزان ما بقي المفاوضون، فإذا بواشنطن تعلن أنّ ما تمّ التوصل إليه من تقدّم كاف لمواصلة المفاوضات، ليتضح من مواقف الفرقاء أنّ العقد المتبقية لا تستحق التضحية بالتفاهمات المحققة، لأنّ إعلان الفشل يعني أنّ كلّ فريق صار بحلّ من النقاط التي أعلن قبولها بموجب التفاوضات، وأيّ عودة مرة ثانية إلى التفاوض ستبدأ من سقوف جديدة ربما تكون قد فرضتها التطوّرات، والخطوات التي يقطعها كلّ فريق، سواء ما تنجزه إيران من تقدّم ستسعى إلى تحقيقه مع وقف التفاوض، كما حصل في كلّ مرة سابقة، أو على مستوى نوع ومستوى وحجم العقوبات التي تشكل الردّ الرئيسي المتبقّي بيد الأميركيّين وحلفائهم، والمخاطرة بالفشل لا تتوقف عند مفردات الملف النووي، كما يرى معلقو الصحف الغربية، على المناخ الذي تجري فيه المفاوضات، وتحوّلت معه إلى كابح لانفجار إقليمي يصير حتمياً، مع إعلان الفشل.
السعودية وتركيا و«إسرائيل» أبرز حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط في حال ضعف واشتباك عالي الوتيرة مع إيران، ويكفي أن تخرج واشنطن من التفاوض مع طهران حتى تنطلق شرارة مواجهات أشدّ عنفاً لا تبقي مجالاً وباباً للتسويات، خصوصاً في سورية ولبنان واليمن.
وكما يرى خبراء إيرانيون، فإنّ واشنطن المتريّثة في التوصل إلى التفاهم مع طهران بانتظار أن ينجز حلفاؤها تحوّلاً في موازين القوى الإقليمية، تبدو مصدومة ومفجوعة بحال الحلفاء، فـ«إسرائيل» منذ عملية حزب الله في مزارع شبعا وعلى رغم كلّ صراخ رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو ضدّ التفاهم النووي مع إيران وعلى رغم فوزه الانتخابي، لا يزال مردوعاً ومذعوراً خشية التورّط في أيّ مواجهة، ولا يملك إلا التصعيد الداخلي في وجه الفلسطينيين إرضاء لليمين المتطرف، وهو ما يزيد من ضعف واشنطن ولا يمنحها أيّ سبب للشعور بالمزيد من القوة. وتركيا التي تلقت إشارة الانتظار الأميركية، لم تستطع فعل شيء سوى الاستعانة بـ«جبهة النصرة» وحماية تقدّمها نحو مدينة إدلب شمال سورية، وهي تعلم حجم الإحراج الأميركي بـ«جبهة النصرة» كفرع رسمي لتنظيم «القاعدة» مصنّفة كفصيل إرهابي لدى واشنطن. أما السعودية التي بدأت قبل أسبوع بدعم أميركي، وحشد عشر دول وراءها لتقليم أظافر إيران في اليمن، فقد فقدت أسبوعها الحاسم في الحرب من دون تحقيق أي إنجاز باستثناء ارتكاب المجازر بحق المدنيّين مستعيدة سيرة الحروب الفاشلة لـ«إسرائيل».
في اليمن، بعد أسبوع من بدء الحرب، تقدّم السعودية تغطيتها لوقائع الحرب، كما يلي: لا يزال الهجوم الحوثي مستمراً على عدن وحرب شوارع، تشهد مقاومة مستميتة من مؤيدي الرئيس منصور هادي، وتقول وكالات الأنباء إنهم مجرّد مقاتلين في «القاعدة» ولا يمتّون بصلة إلى هادي، وتضيف على المشهد صوراً تقول إنها لقوافل دبابات وشاحنات عسكرية تابعة للحوثيين دمّرتها الطائرات السعودية، فتنشر قناة «العالم» الصور نفسها بتاريخها الحقيقي كصور لقوافل عراقية دمّرها القصف الأميركي في حرب الكويت، وتتابع التغطية السعودية للحرب، بنقل ما وصفته بإعلان إنذار مصري للبحرية الإيرانية لمغادرة مضيق باب المندب، فيكشف قائد البحرية الإيرانية أنّ مدمّراته وطراداته تتجوّل في مياه خليج عدن ومضيق باب المندب في إطار ما يُسمّيه «مساهمتها في ضمان الملاحة الدولية»، ولم يصدف أن التقت ولا أن تحادثت مع قطع بحرية مصرية، وتكتمل الفضيحة السعودية، بإعلان وكالات الأنباء أنّ البرّ اليمني، وفوقها طائرات سعودية لا تترك الأجواء، وفي منطقة باب المندب خصوصاً، رمز الحرب على اليمن، صار باب المندب بيد الحوثيين الذين دخلوا المنطقة بعشرين فرقة وتسلّموا الحواجز والمباني الحكومية من اللواء السابع عشر وقائده العميد صالح الصباري وهم يسيّرون الدوريات في المنطقة.
يبني الخبراء الإيرانيون على هذا المشهد الإقليمي، تفسيرهم للمماطلة الأميركية أملاً بتحسين شروط التفاوض وليس للانسحاب منها، ويعتبرون أنّ تخطي المهلة المتفق عليها عائد إلى إضاعة الأميركيين للوقت الجدّي للتفاوض في التمييع بانتظار متغيّرات لم تحدث ليعودوا إلى التفاوض الجدّي منذ أربع وعشرين ساعة فقط، كما يفسّرون بهذه الأحداث الإقليمية إعلان إيران عن تقديم مبادرة لحلّ الأزمة اليمنية، ستصبح حبل نجاة للسعودية، حتى لو رفضتها في البداية، خصوصاً في ضوء الإنجاز العراقي باسترداد تكريت، بالتعاون مع قوات التحالف، وهو إنجاز أراد السعوديون تحويله فشلاً إيرانياً، ليجدوا ما يفرحهم في مشاهد المنطقة، بينما يعرف العراقيون ويعرف الأميركيون حجم الدور الإيراني في صناعة هذا النصر وما سيترتب عليه في حرب الموصل، التي تبدو تركيا مرتبكة مع اقترابها بين التقرّب من إيران والابتعاد عنها، في النقاش التركي الداخلي حول الزيارة المقرّرة للرئيس التركي رجب أردوغان إلى طهران.
إنجاز تحرير تكريت، كان فرصة ليتوحد اللبنانيون، الموجودة حكومتهم في الكويت، تحت عنوان مؤتمر النازحين السوريين، وطلب المساعدات، بعدما قسّمتهم حرب اليمن، ففي تكريت نصر يقول السعوديون إنه فشل إيراني ومسموح لحلفاء السعودية أن يفرحوا فيه حتى لو احتفل به حلفاء إيران، بينما اليمن حرب على إيران وعلى حلفاء السعودية أن يعلنوا دعمها.
وسط أجواء المواقف من العدوان السعودي على اليمن، ورفض حزب الله الموقف الذي أطلقه رئيس الحكومة تمام سلام في قمة شرم الشيخ حول هذا الموضوع، يلتئم مجلس الوزراء اليوم في السراي الحكومية للبحث في جدول أعمال من 47 بنداً عادياً بينها 12 بنداً مؤجلة من الجلسة السابقة. واستبعدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن يؤدي رد حزب الله على الرئيس سلام إلى تعطيل عمل الحكومة، مشيرة إلى أن الجلسة ستشهد نقاشاً في هذا الشأن من دون أن يؤدي الأمر إلى توتير الأجواء.
وشددت المصادر على «أن الحزب يتجه إلى استيعاب الموقف على اعتبار أن البلد لا يحتمل المزيد من الفراغ، فالحكومة هي صمام الأمان الوحيد في البلد في ظل الفراغ الرئاسي وتعطيل عمل مجلس النواب».
ولفتت مصادر مطلعة إلى «أن موقف وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر وزراء الخارجية العرب أعطى الطابة لرئيس الحكومة الذي برر العدوان على اليمن، وأيد إنشاء قوة عربية مشتركة». ولفتت المصادر إلى «أن موافقة لبنان على هذه القوة من دون معرفة من يحركها، ووفق أي دستور تشكلت وفي أي مجال ستستخدم، مدعاة استغراب، لا سيما أن بإمكان هذه القوة اللجوء إلى تأديب أي نظام لا ينسجم مع سياسة الدول المشكلة لهذه القوة».
حزب الله يطالب بتنبيه عسيري
وفي السياق، رد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله على رد السفير السعودي علي عواض عسيري على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. واعتبر فضل الله مواقف عسيري تدخلاً في الشؤون اللبنانية يستوجب التنبيه. وقال: «إن تكرار السفير السعودي في لبنان تصريحاته التي يتعرَّض فيها للسيد نصر الله، تشكل خروجاً عن الأصول الديبلوماسية التي تحكم عمل السفراء، والتي تفرض عليهم عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبنان، ومن هذه الأصول عدم التعليق على مواقف قياداته، أو تحديد ما يجب على نوابه القيام به من خلال الادعاء بأن هناك من يمنعهم من النزول إلى المجلس النيابي، كما فعل السفير السعودي الذي توهم بأنَّه يستطيع التطاول على هامة وطنية وعربية وإسلامية من حجم سماحة السيد نصر الله، أو يؤثر على خيارات اللبنانيين المستقلة عن الإرادة الخارجية، ومثل هذا السلوك غير المتوافق مع مهامه الديبلوماسية يستدعي تنبيهاً عاجلاً من الحكومة اللبنانية لوضع حدٍّ لهذا التدخل في الشأن الداخلي اللبناني».
في الأثناء، عرض رئيس الحكومة تمام سلام لملف النازحين من سورية إلى لبنان في الكلمة التي ألقاها خلال «المؤتمر الثالث للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية» في الكويت.
وأوضح سلام أنّ العلاج المطلوب لموضوع النازحين «يكمن في إدارة الوجود السوري بحزمة من الإجراءات العملية والفاعلة»، مشيراً إلى «خطة مفصلة للحكومة اللبنانية تفوق قيمتها مليار دولار، تتضمن قائمة برامج موزعة قطاعياً، ومترجمة في شكل مشاريع تنموية ضرورية».
وأعلن سلام «أنّ هذا المقترح، القابل لأي تعديلات يأتي في إطار خطة الاستجابة للأزمة للعامين 2015 و2016، التي وضعت بالتنسيق مع المنظمات الدولية والتي تبلغ قيمتها مليارين ومئة مليون دولار».
ولفت إلى «أنّ لبنان يستضيف اليوم حوالى مليون ونصف مليون نازح»، معتبراً أنّ «النتيجة الأخطر للنزوح هي الوضع الأمني الذي شكل ويشكل تهديداً مباشراً للاستقرار. وقد شهدنا تسلل مسلحين إرهابيين إلى لبنان وتمركزهم في بؤر على الأراضي اللبنانية، وفي بعض تجمّعات اللاجئين».
وأكد «أنّ الثمن الذي يدفعه بلدنا، يتخطى قدرته على التحمل، ويحتاج من كلّ أصحاب النيات الطيبة وكلّ الحريصين على حفظ استقراره، وعدم خروج الأمور عن السيطرة فيه، إلى مقاربات جديدة تنطلق من قراءة واقعية بأنّ الأزمة السورية المسببة للنزوح، غير مرشحة للأسف للانتهاء في القريب المنظور».
وانتهى المؤتمر بوعود بتقديم ثلاثة مليارات و800 مليون دولار للدول المضيفة في حين أن المطلوب لتخفيف أعباء النازحين 8 مليارات دولار.
في مجال داخلي آخر، لا تزال قضية تعيينات القيادات الأمنية عالقة على الخلاف حول الآلية التي يجب أن تعتمد في هذا الملف. وفي السياق، رأى تكتل التغيير والإصلاح أن «حكومة مكتملة العناصر والأوصاف يجب ألا ترضى بالتطاول على صلاحياتها»، مشيراً إلى أن التكتل يصر على التعيينات الأمنية معتبراً أنه «يجب أن تحصل في مجلس الوزراء، وأن التكتل لا يقبل أن تستمر الأوضاع الشاذة في ظل وجود حكومة ليست بحكومة تصريف أعمال، لذلك طالب التكتل مجلس الوزراء بالمبادرة إلى إجراء التعيينات الأمنية والعسكرية وفقاً للأنظمة من دون أي تلكؤ.
هيئة التنسيق: سنتجاوز المحرمات
ووسط الملفات الخلافية المتراكمة، نفذت هيئة التنسيق النقابية اعتصاماً أمام وزارة التربية مطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، وسط إضراب عدد من المؤسسات التربوية.
ودعت الهيئة خلال اعتصامها إلى ضرورة «تصحيح الرواتب والأجور، لأن ذلك واجب على الدولة وحق عليها». وأكدت «أن لا علاقة لهيئة التنسيق بالبازارات السياسية ولا بالمواقف الاستعراضية ولا بالاصطفافات من أي نوع كانت.
ولفت رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي عبدو خاطر إلى «أننا لن نتوقف عند هذا الحد نحن على موعد مع الجمعيات العمومية ومجالس المندوبين لاتخاذ القرار المناسب، سنتجاوز المحرمات وسنعود إلى كل أشكال التعبير الديمقراطية».
محاكمة سلفيين
على صعيد آخر، تجري اليوم محاكمة الشيخ السلفي عمر بكري فستق والشيخ حسام الصباغ وجمال دفتردار من قبل المحكمة العسكرية. وعلمت «البناء» أن المحكمة ستستمع إلى إفادات عدد من الأشخاص أبرزهم الشيخ نبيل رحيم في قضية الصباغ.