أولى

التعليق السياسي

العراق ومشروع تسوية؟

 

منذ نتائج الانتخابات الأخيرة والعراق مأزوم، بعدما قرّر التيار الصدريّ تحويل فوزه بـ 73 مقعداً مدخلا لتصفية حضور منافسيه في التمثيل الشيعي وعلى رأسهم ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي، تحت شعار حكومة أغلبية أمن لها المشاركة الكردية والسنية، وسقطت أمام الثلث المعطل لانتخابات رئاسة الجمهورية التي تشكل معبراً إلزامياً لتسمية رئيس الحكومة. ومصدر الفشل كان تضامن قوى الإطار التنسيقي مع المالكي تحت شعار حكومة توافقية، ورفضهم الشراكة في حكومة أغلبية لعزله، ولم يكن ذلك بعيداً عن الشكوك التي تحيط بخيارات التيار الصدري الإقليمية بعدما اقترب كثيراً من الدول الخليجية مبتعداً عن ايران من جهة، وبعدما صارت مواقفه من الحشد الشعبي بالتلميح حيناً والتصريح أحياناً تثير الريبة حول موقفه من قوى المقاومة.

استقال نواب التيار الصدري وحل مكانهم الردفاء وتوسّع حجم الإطار التنسيقي وصار لاعباً وحيداً في ساحته الطائفية فقام بتسمية مرشحه لرئاسة الحكومة، وردّ له التيار الصدري التعطيل بالتعطيل، بينما لم تتبلور فرص المضي باللعبة البرلمانية بسبب تضامن كثير من أطرافها مع التيار الصدري، واجتاح مناصرو التيار مقرّ المجلس النيابي، وبعد اعتصام مقابل اعتصام وتهديد بتظاهرة المليونيّة مقابل تهديد مواز، استوى ميزان القوى على معادلة تخلي التيار الصدري عن حكومة مصطفى الكاظمي مقابل تخلي الإطار التنسيقي عن البرلمان، والذهاب لحكومة توافقية تدير انتخابات مبكرة يقبل نتائجها الجميع.

الحوار الذي بدأ في بغداد يبدو مفتوحاً على فرص تسوية تقوم على التفاهم على اسم رئيس جديد للحكومة، لا يزال ممكناً أن يكون الكاظمي نفسه لكن بحكومة جديدة متفق عليها، لانتخابات بالقانون نفسه أو بقانون جديد يلقى قبول الجميع، لكن كل هذا التوافق مليء بشياطين التفاصيل التي تجعل المناخات الإقليمية والدولية المحيطة عوامل تشجيع على التوافق أو عوامل تشجيع على الانقسام، فيصعب توقع استقرار سياسي في العراق خارج إطار اتجاه الإقليم إلى الاستقرار.

العلامة الأهم على استقرار العراق ستبقى في رؤية مستقبل القوات الأميركية فيه، فعندما يقرّر الأميركيون الانسحاب يعطون الإشارة لمعادلة عراقية تحكم العراق وتفتح طريق الاستقرار السياسي فيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى