كاريش: تخبّط العدوّ في الوقت الضّائع
شوقي عواضة
نقل موقع (والاه) العبريّ بالأمس رسائلَ عديدةً تضمّنت تحذيراتٍ «اسرائيليّةً» للبنان حملت في مضمونها تهديداً واضحاً وصريحاً يقول بأنّ إقدام حزب الله على أيّ عملٍ عسكريٍّ سيلقى ردّاً «اسرائيليّاً» من جيش العدوّ الذي لن يتوانى في ذلك.
وما عزّز التّهديد ما نقله موقع «والاه» عن وزير الحرب بني غانتس عن إمكانيّة انتقال جيشه من مرحلة الدّفاع إلى الهجوم، مشيراً إلى إمكانيّة مباشرة كيانه بالعدوان على لبنان في حال تلقيه معلوماتٍ استخباريّةً وأمنيّةً مبكرةً تؤشّر لقيام حزب الله بشنّ عملياتٍ تستهدف كيانه. رافق تلك التّهديدات قيام طائرات العدوّ بمهمّات استطلاع فوق مناطق الجنوب ترافقت مع تصريحات غانتس، ومصادر أمنيّة رفيعة في المؤسّسة الأمنيّة حملت تقديرات تشير إلى إمكانيّة شنّ حزب الله وفقاً للموقع (عمليّة إرهابيّة) ضدّ منشآت النّفط والغاز في الكيان.
تهديدات وتصريحات العدوّ وجنرالاته تظهر مدى التّخبّط الذي يعيشه الكيان في ظلّ عدم الوصول إلى أيّ اتفاق بعد وعدم حصول لبنان على جواب الوسيط الأميركي غير النّزيه عاموس هوكشتاين الذي بات إنجاز مهمّته مطلباً (إسرائيليّاً) عاجلاً قبل نفاذ الوقت الذي يريد أن يستثمره العدوّ سياسيّاً في الانتخابات المقبلة، وعلى المستويينِ الأمنيّ والعسكريّ الذي لا يتوانى عن توجيه التّهديدات للبنان في محاولةٍ لتحسين شروطه في الوقت الضّائع ومحاولة إرسال رسائلَ ناريّةٍ قد تدفع لبنان للتراجع وفقاً لمخيّلة العدوّ…
لم ينتظر هذا العدو طويلاً حتّى جاءه الردّ الواضح والصّريح بكلام الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله ضمن فعاليات الأربعين عاماً على تأسيس حزب الله في احتفال وضع الحجر الأساس لمعلم جنتا السّياحي في البقاع.
كلام السيد نصر الله أسقط كلّ التّحذيرات (الإسرائيليّة) ومعها سقطت كلّ المراهنات في الدّاخل والخارج على إمكانيّة إخضاع لبنان للشّروط «الإسرائيليّة» أو تراجعه والموافقة على أيّ اتفاق لا يخدمه. والتّأكيد على وطنيّة القضيّة وجديّة المقاومة في تبنيها بعيداً عن توقيع الاتفاق النّووي الإيراني أو عدم توقيعه وفقاً للمؤشّرات الآتية:
1 ـ تأكيد السّيد نصر الله للصّديق والخصم في الدّاخل على وطنيّة القضية وعدم ربطها بأيّة قضيةٍ إقليميّةٍ أو دوليّةٍ وتبنيها كقضية لا تقلّ أهميّة عن معركة التّحرير عام 2000 .
2 ـ إعادة تأكيد السّيد نصر الله على الثّوابت بالتّمسّك بحقوق لبنان البحريّة والنفطيّة والغازيّة.
3 ـ إنذار العدوّ بعدم اللّعب بالوقت الضّائع الذي سينعكس على العدوّ بردّ المقاومة الذي سيُرضخه لشروط لبنان.
4 ـ التّأكيد على جهوزيّة المقاومة وانحسار الخيار باستهداف منصّات النّفط والغاز وأهدافٍ أخرى في حال لم ينجز الاتفاق قبل أيلول.
على المستوى العمليّ يدرك العدوّ «الإسرائيلي» وبالتّجربة أنّ كلام السيّد نصر الله يعني تحقيق مطالب لبنان، ويدرك أكثر أنّ عليه استغلال الوقت الضّائع لانتزاع اللّغم الذي إذا ما انفجر ستكون نتائجه كارثيّةً عليه، وبالتّالي فإنّ العدوّ الصّهيوني وخلفه الأميركيّ أصبح أمام خيارينِ أسهلهما مرٌّ فإمّا أن ينجز سريعاً قبل انتهاء الوقت اتفاقاً يعطي لبنان كامل حقوقه مع حقّه باستخراج النّفط والغاز، وهما بذلك يسجّلان إنجازاً كبيراً لحزب الله وانتصاراً جديداً يُضاف إلى انتصارات المقاومة ولبنان على العدوّ «الإسرائيليّ»، وإمّا عليهما أن يخوضا مواجهة لن يستطيعا أن يتحمّلا نتائجها الكارثيّة وإنْ بادر العدوّ إلى فتحها فهو لا يملك توقيتها ونتائجها وحدودها وبقعتها، وما يؤكّد ذلك معركة الأيّام الثّلاثة في غزّة. وبكلا الحالتين يبقى هو الخاسر والمهزوم وتبقى اليد العليا للمقاومة ولسيّدها الذي ينتظر منه المقاومون كلمة السّرّ. فهل سيشهد أيلول إعلان الاتفاق أم سيعلن فيه البيان رقم واحد للمقاومة؟