أولى

التعليق السياسي

أوروبا: انعدام التخطيط وشراء الوقت بلا أمل

 

تعتقد نخب خبراء الطاقة في العالم أن الحديث عن بدائل للموارد الروسية للطاقة، ليس إلا ملهاة لشراء الوقت قبل الاعتراف بالهزيمة في الحرب المفتوحة مع روسيا، أملاً بأن تصرخ روسيا قبل حلول الكارثة، ما يتيح التوصل الى تسوية بشروط أفضل للحرب في أوكرانيا من تلك التي ستفرض إذا صرخت أوروبا وأعلنت عجزها عن مواصلة تحمل تبعات الحرب.

يقول الخبراء إن كل ما يمكن توفيره من موارد بديلة، سواء عبر اعتماد موارد محليّة معادية للبيئة، أو عبر موارد شرق المتوسط وإيران والجزائر يغطي أقل من نصف الموارد التي كانت توفرها روسيا، وأن الكارثة ستبقى كارثة، حيث لا وجود لنصف كارثة، طالما أن التقنين سيعمّ أوروبا في فصل الشتاء وأن الملايين سيُحرمون من التدفئة وملايين آخرين يفقدون فرص العمل وأن كلفة الحياة تسجل ارتفاعاً يزيد عن 50%.

شراء الوقت الذي تسعى إليه الحكومات الأوروبية هو بإقناع الرأي العام بأن الحل مقبل، وهي تعلم أنه ليس مقبلاً، وتعلم أن روسيا تعلم مثلها ما يحصل، وأن الرهان على صراخ روسيا فقد أي فرصة حقيقية مع الأسواق البديلة للنفط والغاز بالنسبة لروسيا بعد مغادرة الأسواق الأوروبية، وروسيا تنتظر الشتاء للبدء بهجمات عسكريّة نوعيّة في أوكرانيا، بينما ينتظر الأوروبيون منها وقف عملياتها.

تمديد الحرب عبر مواصلة التمويل والتسليح والتغطية السياسية حتى الشتاء المقبل، مفهوم أميركياً لكنه انتحار أوروبي، لأن لا شيء سيتغير في الشتاء المقبل سوى انفجار أزمة الطاقة والأسعار في أوروبا وتحوّلها الى كارثة، وصولاً لتسليم لا مفر منه بالهزيمة المزدوجة، الهزيمة بالرهان على الحرب والهزيمة بالرهان على صراخ روسيا اقتصادياً قبل انفجار الأزمة أوروبياً.

الغريب أنه بالرغم من الغباء الفاضح الذي تكشفه السياسات الأوروبية البعيدة كل البعد عن التخطيط، يُصرّ البعض على الحديث عن تطور العقل الغربي وطابعه الاستشرافي، ويريد أن يبيع اللبنانيين والعرب أوهام انتظار ما سيقوم به الأوروبيون لحل مشاكل اللبنانيين والعرب.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى