التعليق السياسي
ما هي مشكلة ميقاتي مع الفيول الإيرانيّ
– كان الكثيرون يتساءلون عما إذا كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتخذ موقفاً سلبياً أو متريثاً من العرض الذي أعلن عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، باستعداده لضمان توفير إيران هبة من الفيول الكافية لتشغيل معامل الكهرباء ورفع ساعات التغذية لشهور تصل الى سنة، لأن ميقاتي يخشى أن يؤدي ذلك لتعرّض لبنان لعقوبات أميركية، لكن الكلام القاطع الذي أورده وزير الطاقة وليد فياض عن تبلغه رسمياً نفياً أميركياً لفرضية فرض عقوبات على الهبات، أسقط هذه الفرضية عن تفسير موقف ميقاتي.
– آخرون كانوا يعتقدون أن ميقاتي يتريث بانتظار تلقي كلام إيرانيّ رسميّ حول العرض، لأن ما قاله السيد نصرالله لا يلزم إيران، بقدر ما يعبر عن استعداد السيد نصرالله للسعي بهذا الاتجاه، لكن ماذا بعد كلام السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني عن “استعداد إيران لإرسال الفيول كهبةٍ دون شروط فور قبول الحكومة اللبنانية وإيفاد وفد رسميّ إلى طهران للتنسيق المباشر بشأن خطة التنفيذ؟”.
– الحديث عن ذريعة التحقق من المواصفات التقنية مردود عليه سلفاً، عبر تجربة استجرار الفيول العراقي الذي تتم مبادلته بـ فيول يناسب المعامل اللبنانيّة، ما يجعل التذرع بالمواصفات حجة ساقطة.
– يبقى سبب وحيد يرجو اللبنانيون ألا يكون هو السبب في تردّد ميقاتي ورفضه، وهو أن مافيا المحروقات في لبنان ومن ضمنها الفيول، قد سطت على هذه السوق منذ عقود، بعدما كانت تحتكره الدولة، وليس سهلاً على هذه المافيا التسليم بخسارة سوق يبلغ حجمه قرابة الخمسة مليارات دولار سنوياً تتقاسمه ست شركات تحظى بحماية وشراكة سياسية، أمنت خلال عشرين سنة سوقاً يتجاوز الـ 100 مليار دولار وحققت منه أرباحاً تزيد عن عشرين مليار دولار، ولا يذكرها أحد في أدبيات الهدر والفساد، مثلها مثل فوائد المصارف البالغة 120 مليار دولار خلال عشرين سنة، وتتم التعمية عليها.
– هل يجرؤ مدّعو ملاحقة الفساد والثوار ونواب التغيير، على مساءلة رئيس الحكومة عن سبب تلكئه في ملف الهبة الإيرانية، أم أنهم يصومون عن الكلام اذا تعلق الأمر بمافيا المصارف والمحروقات، أو إذا تعلق بما يزعج الأميركي ولو لم يفرض عقوبات، فكيف إذا اجتمع الأمران في قضية واحدة؟!