نافذة ضوء
النظرة القومية الاجتماعية الى الفن*
A visão Nacionalista – Social da arte
يوسف المسمار**
النظرة القومية – الاجتماعية المادية – الروحية التي تنبثق من جوهر الحياة، هي نظرة فاعلة وغير منفعلة في هذا الوجود، يحفّـزها التفكير القومي الاجتماعي الذي أطلقه عالم الاجتماع والفيلسوف أنطون سعاده في أمتنا كحركة عقلية مبدعة أو كمحرك عقلي ديناميكي وإبداعي يحرّض الإنسان على الخروج من الجمود الى الحركة، ومن الرتابة الى الفعل والتوليد، ومن المألوف الروتيني الى التصوّر الراقي، ومن البلادة والتقليد الى الفعالية والخلق، ومن الخمول الى الإنتاج والابتكار والإبداع، ورفع مستوى الحياة بالوعي، والسعي الدائم لاكتشاف أعماق الكون بالعزم والشجاعة، وتخطّي كل مألوف بتسامي التصوّر، وروعة الخيال، لخلق كل جميل وراقٍ من الفنون الجميلة والمتطورة، لأن الإنسان هو المخلوق العقلاني والفني الوحيد الذي يمكن تسميته بالإنسان العقلي والفني المبدع من بين جميع أنواع الكائنات الحيّة.
وبناء على ذلك نستطيع أن نفهم المعنى الحقيقي لما ورد في الفصل الثالث من كتاب نشوء الأمم لمؤلفه أنطون سعاده:
«ان الطبيعة والجغرافية هما الطبقة الداخلية في تاريخ حياة الإنسان، فمع أنهما تميّزان الجماعة تمييزاً واضحاً فإنهما، فيما يختص بتاريخ الجماعة، لا تقدّمان الاضطراريات الا نادراً وفي حالات استثنائية ولكنهما تقدمان الإمكانيات».
ونفهم أيضاً على ضوء النظرة القومية الاجتماعية الى الفن أن نفسية الأمة العظيمة الواعية لا تنتظر ان تقدّم لها الطبيعة والجغرافية الاضطراريات او تأمل ان تقدم لها الارادات الخارجية احتياجاتها الضرورية، بل إن هذه النظرة الجديدة هي ان تفعل وتتفاعل ولا تخضع للأمر المفعول بروحية نفسيتها الحرة وشعورها المستقل لتحويل الامكانيات الى حاجات اضطرارية وضرورية وتكييفها لتلبي احتياجاتها المادية والروحية.
وقد عبّر الفيلسوف أنطون سعاده عن هذه النظرة الى الفن في المحاضرة الثالثة في الندوة الثقافيّة بتاريخ 25 كانون الثاني سنة 1948 بقوله:
«ليست المادة التي تُخضع الفنان، بل الفنان الذي يُخضع المادة والوضع لشعوره ليُكيّف ما شاء منه بفنه».
ووفقاً لهذه النظرة الجديدة، فنحن مجتمع – أمة هي الفنان الحر والفاعل في الحياة الذي يجب ألا يستسلم أبدًا في هذا الكون للطبيعة أو البيئة الجغرافية، ولا للإرادات الخارجيّة مهما تراكمت الصعوبات والمصائب.
*ترجمة لمقال منشور في البرتغالية.
* * المدير الثقافي للجمعية الثقافية السورية – البرازيلية التابعة للحزب السورية القومي الاجتماعي.