كيري ينظر إلى نتنياهو نظرة ساركوزي وأوباما… و«إسرائيل» ليست الصين

ترجمة: غسان محمد

جاء في صحيفة «ها آرتس» العبرية:

إنّ ما قاله وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الآونة الأخيرة، وتحذيره من أن تصبح «إسرائيل» دولة فصل عنصريّ، وتأكيده أنّ حلّ الدولتين يبقى الخيار الوحيد، يعيد إلى الذاكرة ما قاله في حينه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للرئيس الأميركي باراك أوباما، إذ وصف ساركوزي رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو بـ«الكاذب» وقال إنه «لا يطيقه»، فردّ عليه الرئيس الأميركي قائلاً: «دعك منه، أنا من يتعيّن عليه مواجهته يومياً».

وأضافت الصحيفة، والآن جاء دور وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إذ أعطى كلامه، وإن لم يقال للنشر، وصفاً دقيقاً للواقع، خصوصاً قوله إنه ليس بإمكان «إسرائيل» أن تبقى دولة يهودية وديمقراطية من دون حلّ الدولتين، موضحاً أنّ دولة واحدة ستكون دولة فصل عنصري.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الجمود الذي تشهده العملية السياسية، من شأنه أن يقود إلى انتفاضة فلسطينية جديدة، في حين أنّ من شأن تغيير تشكيلة الحكومة ورئيسها، تغيير الصورة بالكامل.

أمّا صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فأفردت في عددها أمس مساحةً لتقرير جاء

فيه:

إن موظفين في الإدارة الأميركية، يتهمون الحكومة «الإسرائيلية» برئاسة بنيامين نتنياهو، بإفشال المفاوضات مع الفلسطينيين، بسبب سياستها الاستيطانية، ويحذّرون من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، ويؤكدون أنّ رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وخلافاً للادعاءات «الإسرائيلية»، قدّم تنازلات للجانب «الإسرائيلي».

وقال كبير المحللين السياسيين في الصحيفة، ناحوم برنياع، نقلاً عن المسؤولين الأميركيين الذين طلبوا عدم ذكر هويتهم قولهم: يبدو أننا بحاجة إلى انتفاضة فلسطينية جديدة من أجل إيجاد ظروف تسمح بتقدّم المفاوضات.

ونقل المحلل برنياع عن الموظفين قولهم: بعد أن انتهت الانتفاضة الثانية، وبني الجدار الفاصل، تحوّل الفلسطينيون بنظر «الإسرائيليين» إلى مجرد رياح، ولم يعودوا موجودين، لكن يتعين عليكم أن تكونوا حكماء، على رغم أنكم تعتبرون شعباً عنيداً.

وأوضح الموظفون الأميركيون، انه يتعيّن على «إسرائيل» أن تقرأ الخريطة، وتدرك أنّ العالم لن يستمر في القرن الـ21 بتحمل الاحتلال «الإسرائيلي» الذي يتهدّد مكانة «إسرائيل» في العالم، فضلاً عن أنّه يتهدّد «إسرائيل كدولة يهودية».

ولدى قول برنياع للموظفين الأميركيين إن العالم ينافق لأنه يغضّ النظر عن سيطرة الصين على التيبت، ويتلعثم حيال ما تفعله روسيا في أوكرانيا، ردّ الموظفون بالقول: إن «إسرائيل» ليست الصين، وإنها قامت بموجب قرار من الأمم المتحدة، وازدهارها منوط بنظرة المجتمع الدولي إليها.

واتهم الموظفون الأميركيون، بنيامين نتنياهو وحكومته، بأنهما سبب فشل المفاوضات مع الفلسطينيين، قائلين: كان ينبغي أن تبدأ المفاوضات بقرار حول تجميد البناء في المستوطنات، وقد اعتقدنا منذ البداية أنه لن يكون بالامكان اتخاذ مثل هذا القرار، نظراً إلى تركيبة الحكومة «الإسرائيلية» الحالية، ولهذا السبب تنازلنا.

وأضاف برنياع: إن الموظفين الأميركيين اعترفوا بأن الادارة الأميركية لم تكن تدرك أنّ نتنياهو يستخدم الإعلان عن خطط بناء في المستوطنات من أجل ضمان بقاء حكومته، كما لم تفهم أنّ استمرار البناء يسمح للوزراء في حكومة نتنياهو بعرقلة نجاح المفاوضات بصورة فعّالة.

وعلى رغم تشديد الموظفين الأميركيين وجود أسباب أخرى أدّت إلى فشل الجهود الأميركية، إلا أنّهم أكدوا أنه لا يجوز مع ذلك للجمهور «الإسرائيلي» أن يتهرّب من الحقيقة المرة، وهي أن المستوطنات هي سبب التخريب الأساسي، مشيرين إلى أن الفلسطينيين لا يصدقون أنّ «إسرائيل» تنوي فعلاً تمكينهم من إقامة دولة، بينما تواصل بناء المستوطنات في الأراضي التي ينبغي أن تقوم عليها هذه الدولة.

وأشار الموظفون الأميركيون إلى أنّ «إسرائيل» طلبت الاحتفاظ بسيطرة أمنية مطلقة على الدولة الفلسطينية، كما أنها لم تكن مستعدة للموافقة على جدول زمني، بحيث تستمر سيطرتها إلى الأبد. وبالتالي، أدرك محمود عباس أنه لن يحصل على أيّ شيء، على رغم أنه كان مستعداً لمنح عملية السلام فرصة أخيرة، ولكنه كان يقول دوماً أنّه لا يوجد شريك للسلام في الجانب «الإسرائيلي»، وأنّه لن يستطيع التوصل إلى اتفاق سلام مع «إسرائيل».

وأكد الموظفون الأميركيون أنّ عباس قدّم تنازلات كبيرة لـ«إسرائيل»، إذ وافق على دولة منزوعة السلاح، وعلى بقاء المستوطنات التي يقطنها 80 في المئة من المستوطنين تحت سيادة «إسرائيل»، كما وافق على أن تستمر سيطرة «إسرائيل» على مناطق أمنية مثل غور الأردن لمدة خمس سنوات، على أن تحلّ محلّها بعد ذلك الولايات المتحدة.

كذلك، وافق عباس على أن تبقى الأحياء اليهودية في القدس الشرقية، تحت السيادة الأميركية، وأن تكون عودة فلسطينيين إلى «إسرائيل»، متعلقة برغبة حكومة «إسرائيل»، وتعهّد بعدم إغراق «إسرائيل» باللاجئين. لكن «إسرائيل» لم توافق على أيّ من مطالب عباس الثلاثة من أجل تمديد المفاوضات، وهي رسم الحدود، والاتفاق على موعد إخلاء المستوطنين من مناطق الدولة الفلسطينية، وأن توافق «إسرائيل» على أن تكون القدس الشرقية عاصمة فلسطين.

وحول رفض الجانب الفلسطيني الاعتراف بالدولة اليهودية، قال الموظفون الأميركيون أنّ الفلسطينيين توصّلوا إلى استنتاج بأن «الإسرائيليين» يمارسون خدعة قذرة، واعتقدوا، بأنه هناك ثمة محاولة لأن يصادق الفلسطينيون على الرواية التاريخية الصهيونية.

وقال الموظفون الأميركيون أنه بينما حاربت رئيسة طاقم المفاوضات، وزيرة العدل «الإسرائيلية» تسيبي ليفني، بقوّة من أجل التقدّم نحو التوصّل إلى اتفاق، غير أنّ المبعوث الشخصي لرئيس الوزراء «الاسرائيلي» إلى المفاوضات، المحامي يتسحاق مولخو، كان مشكلة كبيرة بالنسبة إلى ليفني، وقد تآمر عليها المرّة تلو الأخرى، وقام بلجمها في كل مرّة حاولت فيها التقدّم إلى الأمام.

وحذّر الموظفون من أنّ أيّ عقوبات ستفرضها «إسرائيل» على الفلسطينيين بعد فشل المفاوضات ووقفها، سترتدّ على «إسرائيل»، مؤكدين أنّ استعداد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، للعودة إلى المفاوضات يتوقّف على مدى استعداد الجانبين لإظهار الجدّية المطلوبة، معربين عن أملهم بأن يقوم أحد في «إسرائيل» بإعادة التفكير بمواقفه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى