«افكار مسموعة» أمسية موسيقيّة على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون
«أفكار مسموعة» هو عنوان الأمسية الموسيقيّة التي استضافتها دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق، من أعمال الموسيقي الأكاديمي مروان أبو جهجاه.
الأمسية التي أحياها ثلاثي مارتون تريو شارك فيها مروان أبو جهجاه على الفيولا ورزان قصار على الكمان وأغيد منصور على البيانو وكانت الولادة أول عمل تمّ إنجازه ضمن مشروع المؤلفات الموسيقيّة لأعمال الموسيقي أبو جهجاه والتي كتبها خصيصاً لهذه المجموعة وعرضت لأول مرة للجمهور.
وأوضح أبو جهجاه في تصريح للإعلام أنه يشارك أفكاره مع الجمهور من خلال هذا العرض بأربع عشرة فكرة مترجمة بلغة موسيقية سلسة يضمن وصولها إلى أكبر شريحة من الجمهور المتلقي وتمّ استخدام تقنيّات متنوّعة في التوزيع لإضافة أكبر عدد من الألوان الصوتية إلى الأعمال المقدّمة.
وبين أن فكرة العمل نشأت عام 2020 حيث سمحت فترة الحجر الصحيّ له باستحضار مخزونه اللحني المتراكم خلال سنوات عمله الطويلة وصياغتها على شكل مؤلفات خاصة تتجسد في هذه الأعمال من خلال بعض الأفكار التي قد تراود أي إنسان حيث تتراوح مزاجياً بين الحزن الشديد والتأمل العميق وبين الفرح والترويح عن النفس.
ويمنح أبو جهجاه كل عمل فسحة من التأمل أمام كل مستمع، حيث يستطيع الربط بين ما يسمعه ويراه من جهة وبين مخزونه الإنساني الخاص من جهة أخرى، لتتحرك مشاعره باتجاهات قد تلتقي مع المؤلف في عمل ما وقد تختلف معه في عمل آخر.
بدأت الحكاية بآلتي.. ولم تزل عنوان المقطوعة الثانية بعد الولادة والتي انفرد فيها أبو جهجاه على الفيولا ليرسم الهدوء والطمأنينة الرومانسية على أجواء دار الأوبرا مع صور الأضواء الصغيرة التي تتناثر على شاشة العرض وهي مكتوبة بسلم دو مينور لتشكّل بطل العمل.
وتعانق الكمان مع الفيولا في لوحة فنية فتية تشابكت فيها الألحان مع ضوء الشمس الساطعة وضوء القمر الدافئ معلناً بداية الحنين في مقطوعة “الشمس والقمر” والتي تبادلت فيها الآلات الثلاث الألحان وهي مكتوبة بسلم سي مينور.
وبعدها أتى الدخان المتميّز بتشابه الأشياء ليعبق بداخله الحزن العميق طافياً على أوتار الأمل الغارق في الحلكة الناعمة في مقطوعة “دخان” المكتوبة بسلم كورد الري وتتناوب الآلات الثلاث بطرح الفكرة، وفقاً لما بيّنه أبو جهجاه مؤلف العمل.
واستكمل الشرح لباقي المقطوعات، حيث قال: استمرّ في التحرّك، عمل حيويّ مكتوب بسلم “لا ماجور” للتعبير عن النهوض بعد التعثر ومتابعة الحركة نحو الخلاص و”سر” هو عمل هادئ مؤلف من جملة لحنيّة واحدة يعرضها الكمان وتؤيّده الفيولا بمباركة البيانو مكتوب بسلم صول ماجور.
ومن الأعمال أيضاً “النهر” مؤلف من جملتين لحنيتين تتناوب الآلتان الوترتيان في عرضهما ويهيئ البيانو الانسيابية لتدفقهما ومكتوب بسلم دو مينور أما برايي (pray) فهي وقفة للابتهال والدعاء، حيث يبدأ اللحن بالظهور بشكل إفراديّ بالتتابع ثم تتداخل أصوات الآلات الثلاث تدريجياً لتشكل في النهاية جوقة منسجمة.
وتأتي بعدها مقطوعة “السعادة” ليكون للبيانو دور البطولة فيها والتي يمنحنا صوتها وعذوبتها شعوراً بالتفاؤل والأمل، حيث يقوم البيانو بعرض الألحان ثم تتشارك معه الوتريّات ومكتوبة بسلم لا مينور.
بدورها رزان قصار مدرسة اختصاص الكمان في المعهد العالي للموسيقى ومعهد صلحي الوادي والعازفة الأولى في الفرقة السيمفونية الوطنية السورية وفي أوركسترا ماري وعازفة كمان في العديد من الفرق الموسيقيّة أكدت أهمية هذه الأمسية معبّرة عن سعادتها بهذه المشاركة الفريدة من نوعها.
كما لفت الموسيقي أغيد منصور رئيس قسم البيانو في المعهد العالي للموسيقى ومدرس للعديد من المقرّرات في المعهد وخبي رصيانة آلة الأورغن في سورية والمنطقة العربية إلى أن الأمسية ممتعة وكانت بالنسبة له تحدياً لكون البيانو يأخذ أدواراً أكثر من آلات الصولو؛ وهذا يحتاج إلى الدقة في الأداء.
وكان قد رافق العرض الموسيقيّ عرض بصريّ منح المتلقي مجالاً لرؤية المشهدية الكامنة وراء كل عمل من خلال منظوره الخاص.
الجدير بالذكر أن مروان أبو جهجاه من مواليد بودابست 1972 وخريج المعهد العالي للموسيقى بدمشق ومدرس اختصاص الفيولا في المعهد العالي ومعهد صلحي الوادي ورئيس قسم موسيقى الحجرة في المعهد العاليّ للموسيقى بين عامي 2004 و2011 ووكيل المعهد العالي للموسيقى منذ عام 2011 وعازف فيولا في الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، وشارك في العديد من الأوركسترات العالميّة وعازف كمان وفيولا مع العديد من الفرق.