كذبة نيسان السعودية على توقيت لوزان السويسرية…
سعد الله الخليل
يراود سعود الفيصل حلم وردي يعلن فيه وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف العودة من لوزان إلى طهران بخفي حنين، فيما يندب كبير مفاوضيها عباس عراقجي حظ بلاده بفرصة العمر التي أطاحت بها مملكة النفط وسيدة المنطقة الأولى بلا منازع، كما يفرك وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف يديه ويطلق تنهيدة عميقة حسرة على دعم ضاع بلا نتيجة، ويتحسّر على خسارة قطب رئيسي في محور بلاده المترنّح، وفي الحلم أيضاً يطلق وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس صرخة النصر بهزيمة طهران ومشروعها النووي، مثنياً على نصائح الرياض الرشيدة في قدرة أبناء طهران على المراوغة، ويحمد الله ويشكره على رؤية آل سعود السديدة، كيف لا وهم أصحاب الأيادي البيضاء في العالم، فيما يتصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري برئيسه باراك أوباما طالباً إلى لوزان السويسرية المزيد من العقوبات «ديليفري مستر أوباما ديليفري بليز»، ونشوة النصر في صوته الذي أعيته ساعات طويلة وجولات مفاوضات كسر العظم الإيراني، فيما ينام السعودي على حرير براميل نفطه بعد وجبة دسمة من دم اليمنيّين أثقلت معدته وعقله، وفعلت فعلها في أحلامه، ولأنّ السعودي يملك من الفطنة والذكاء الخارقين ما يكفيان فقد اتخذ كامل الاحتياطات وتهيأ قبل النوم وراجع التقويم وانتبه إلى إمكانية وقوعه في فخ كذبة الأول من نيسان، ابتسم بدهاء وقال في قراره نفسه «كلاّس ما يغبّر على طحّان» وخلد إلى هوايته المفضلة منذ عقود، وزاده اليومي النوم.
رغم حلاوة الأحلام الوردية يضطر الأمير السعودي إلى قطع أحلامه على صوت ممرّضته الأميركية، تذكره بموعد أدويته وتقرّر زيادة جرعة الرجفان، تحسّباً لأيّ طارئ قادم من لوزان، وبكلّ ديبلوماسية تنقل إليه الأخبار يبتسم ويسخر من سذاجتها ويقول: «كذبة نيسان كذبة نيسان… لا اتفاق لا اتفاق» ويعود إلى النوم قبل أن تبلغه باقي الأخبار القادمة من تكريت وسيطرة الجيش العراقي على المدينة فلا داعي للقلق حتى ولو سيطر الحوثيون على خليج عدن.
تنتقل رسالة الأمير على امتداد المملكة ويردّد من بايعه على السمع والطاعة «كذبة نيسان لا اتفاق لا داعي للقلق».
بعيداً عن هذيان آل سعود يدرك الغرب أنّ التوصّل إلى إتفاق نووي مع طهران بات ضرورة غربية أميركية والبديل الوحيد لضمان أمن المنطقة في ظلّ عجز حلفائها على إحداث أيّ تحوّل في موازين القوى الإقليمية من «إسرائيل» العاجزة عن الردّ على عملية شبعا وانكفائها الداخلي لارتكاب المجازر إلى تركيا المنتشية بدعم «جبهة النصرة» خيارها الوحيد للتقدّم في الأراضي السورية فتقرّر السير في التفاوض في ظلّ الأنباء القادمة من العراق واليمن، فالمجازر بحق المدنيين لا تحدث انقلاب على الأرض التي يتقدّم عليها الحوثيون والجيش اليمني والعراقي وقوات الحشد الشعبي.
لا خيار آخر أمام واشنطن سوى التوصل إلى تفاهم نووي مع طهران فيما مشايخ آل سعود غارقون في وهم كذبة نيسان غير قادرين على مواجهة الحقيقة المرّة بأنّ طهران قاب قوسين أو أدنى من نيل الاعتراف بحقها النووي شاء من شاء وأبى من أبى.
«توب نيوز»