«البناء» بيتنا…
} جمال محسن العفلق
عندما حشد العالم كلّ قواه العسكرية والمالية والإعلامية، وتحوّلت كلّ المنصات الإعلامية إلى أبواق تخدم مشروع تدمير بلادنا، وفي زمن لم نكن نعلم من أيّ اتجاه تأتي الطعنات ولم نعد نميّز بين الصديق والعدو، كنت أنا المواطن السوري البعيد عن بلده والمُحتاج إلى مكان أو نافذة أكتب فيها عن موقفي وأدافع من خلالها بالكلمة وأحارب من أجل وطني في محاولة للتخفيف عن أبناء وطني، فكانت «البناء» مشكورة منبراً لي ولغيري نكتب فيها رغم ركاكة الجمل في بعض الأحيان، ولكننا كنا نبحث عن مخرج نساهم فيه ولو بجزء بسيط في معركة وجودنا السوري الذي كان يتعرّض كلّ يوم من خلال إعلام رخيص وأبواق تخدم المشروع الصهيوني عن عمد وتنقل أخباراً كاذبة وملفقة لتحوّلنا الى قطيع لا حول له ولا قوة.
فـ «البناء» صحيفة وطنية وقومية لم أجد فيها مقالاً في أيّ يوم من الأيام متطرفاً أو بعيداً عن الواقعية، ورغم أنها لا تملك نفس ما تملكه صحف أخرى مدعومة بالمال السياسي، إلا أنها بقيت بجنودها وطاقم العمل فيها تنشر وتكشف الزيف وتدعم كلّ فكر مقاوم وتعمل ليل نهار على بلسمة الجراح، وبقيت «البناء» محافظة على ما يجب ان يحافظ عليه كلّ من التزم بالأخلاق الصحافية والإنسانية.
اليوم… ونحن نعيش حالة من الفصام الفكري بين مجموعات تتناسى مجزرة صبرا وشاتيلا التي اغتالت أكثر من ثلاثة آلاف إنسان بريء، في وقت يحتفل بعض الإعلاميين ويعتبرها ذكرى انتصار، وقادة عرب وبعض المتملقين والمنافقين الذي يتباكون على سيدة العرش البريطاني وصاحبة التاج الأسوأ في التاريخ حيث جرائم أسطولها الملكي وجيشها لا تعدّ ولا تحصى، أجدني ملزماً أخلاقياً وأدبياً للدفاع عن بيت الصحافة الحرة ومتضامناً مع صحيفة «البناء» والقائمين عليها، فأنا لم ألتقِ بهم شخصياً ولكن عرفتهم جميعاً من خلال الصحيفة وتعلّمت منهم وتشرّفت بالعمل معهم.
وحتى لا أخالف ما تعلمته أقول للجميع اتركوا الإعلام يعبّر عن نفسه وليبقى الحوار هو سيد الموقف وللناس حقّ الحكم، فلو كان هناك ضرورة لمهاجمة مكاتب أعتقد انّ مكاتب الصحف والمحطات التي تدعو الى تسليم الأوطان ومقدّراتها للعدو هي التي يجب مهاجمتها…