العلوان… ذاكرة الانتصار البطولة المؤيدة بصحة العقيدة
} جابر جابر
كثير من الدوي، جلبة دون مطر. وأروع الارتواء يكون بزخات هادئة تتسرّب إلى جوف الأرض وتتفجّر ثماراً.
وهذا يتماهى في الحياة، في حقّها وتجلّيها.
قد تمتلئ الأرض غضباً. سخطاً، صراخاً ضجيجاً، عويلاً وتوعّداً وتهديداً، فيما «تحت طبقةٍ من الثرثرة والصياح المنتشرة فوق هذه الأمة، يقوم السوريّون القوميّون الاجتماعيون بعملهم بهدوء واطمئنان».
بخطوات ثابته هادئة، وأعصاب فيها من عروق الأرض هدأةً وصلابة، اقترب من مجموعة للاحتلال، يحتسون القهوة في مقهى الويمبي، ويطلبون الفاتورة ليسدّدوها بـ «الشيكل». أبى العلوان أن يُسَدّد الحساب بالعملة، وأخذ على عاتقه تصفية الحساب برصاصاتٍ عظيمةً أطلقها من مسدّسه واستقرّت في قلوب وأجساد الجنود فأردتهم قتلى. غادر البطل بهدوء وغادر رصيف «الويمبي»، لتسود حالة من الذعر والغليان، انسحب على أثرها الجيش الواهن من بيروت وجنوده يصيحون «يا أهل بيروت لا تطلقوا النار نحن راحلون».
خالد علوان… اسم البطل الذي تخمّرت في شرعه العقيدة وفي لبّه الثبات. الرجل الذي انضبط بتصميم مقاتل، برؤية مقاوم، بهدوء الواثق العارف المعقدن. فعل البطولة لا يكون ردود فعل، بل هو فعل ينتج عن تفكير وتصميم. حينها فقط تكون البطولة مؤيدة بصحة العقيدة.
أين نحن من العلوان؟ أين نحن من البطولة؟ من العقيدة؟ كيف تفاقمت الثرثرات والوهن؟
يُقال، في الزمن الرديء تسوء الأقدار، ونقول الزمن الرديء هو صنيعة الفشل، ولم يكن الأحرار يوماً صنّاع الوهم. حين تخوض في الأخلاق، في العقائد، في مسار جسّده أبطال الأمة، تجد أنّ الحرّ هو القضاء وهو القدر، وما الانهزام إلا خنوع يسلم بترهّات الأقدار فيرتمي في وحول رماد العابثين.
سؤال مشروع، كيف تحتفل بذكرى مفعَمة بالفخر، وتجاهر ببطلها فخراً وتمجيداً وعزّاً، فيما تغيب عنك معاني هذه البطولة؟
البطولات فعل مشرّف، واحتفالك بالذكرى وجب أن يستحضر مزايا الواقعة، بمكنونات القيَم التي جسّدها البطل، وبالنصر الذي أنجزه ووقعه.
العقيدة فعل إيمان، والإيمان يقين مطلق.
للعقائد طقوس تنظمها الأخلاق، للعقائد نفوس تنصرها.
العقيدة وجدت لننتصر بها، ولتنتصر بنا…
إني لأرى حشوداً، استسهلت التشويش، امتهنت التبعية، وتقوقعت في ثرثرات الشوارع الضيقة، فيما رفعت شعارات أكبر بكثير مما تستطيع أن تحمله أكتافها.
يبقى الشعار صوَراً ما لم يكن فعل إيمان وقدوة.
من هدأة العلوان، حكمته، ثباته، قراره، تصميمه، انتصاره وأكثر، لملموا بقايا نفوس تشظت وأعيدوا لـ «الحمرا» مجدها، عزّها، جبروتها،
أعيدوا لنفوس الحقّ اعتناق الحقّ،
واهجروا الباطل المتزيّن بثوب النفاق،
التاريخ لا يرحم قوماً، أُعطيوا عقيدةً تشرّف الوجود وأهملوها نفاقاً تبعيةً وأكثر.
على خطى العلوان
خطى الشهداء
وخطى الزعيم
كونوا للحياة دوماً أبناءها…