إعادة إنتاج «القاعدة» في مسرحية تبادل الأدوار من درعا إلى إدلب
لمى خيرالله
يتبادل الممثلون الأدوار في عرض مسرحية الإرهاب ليعاد إنتاج القاعدة بديكور جديد لعلّه يصيب الهدف المنشود، إذ ما زال يتم السعي من خلاله بغية إدراج أدوار جديدة في المرمى السوري.
فازدياد تفاقم الخلافات بين الفصائل المسلحة و«تنظيم القاعدة وجبهة النصرة»، سهّل دخول تنظيم «داعش» إلى مخيّم اليرموك إذ توغّل مقاتلو «داعش» والمرابطون في حيّ الحجر الأسود وشارع الثلاثين في الحارات الجنوبية من المخيم، خلال أقل من خمس ساعات على بدء الاشتباكات، والسيطرة على عددٍ من نقاط التمركز التابعة إلى فصائل «الجيش الحر» و«أكناف بيت المقدس».
دخول مقاتلي تنظيم «داعش» جاء انطلاقاً من شارع الـ«15» الذي يُعدّ من أهم نقاط تمركز «النصرة» جنوب دمشق، ليُعزّز ادعاءات فصائل المعارضة المسلحة حول «قيام النصرة باستجارة داعش» لضربها.
فمع تنامي الخلافات بين هذه الفصائل و«النصرة» في جنوب العاصمة وبعد انسحاب الأخيرة في أكثر من بلدة جنوب دمشق، وما لحق ذلك من تداعيات، لم يكن آخرها اتهام «النصرة» باغتيال القيادي في حركة «حماس»، يحيى الحوراني. الأمر الذي أشعل نار الخلافات بين «أكناف بيت المقدس» ــ القريب من حركة «حماس» ــ و«النصرة».
إضافة إلى «ازدياد التنسيق الذي جرى أخيراً بين عددٍ من مقاتلي ببيلا وبيت سحم الموجودين في اليرموك وكتائب أكناف بيت المقدس ومجموعات أخرى من الجيش الحر، كل هذا جعل «جبهة النصرة» في حالة هلع وارتياب شديدين». وبالتوازي مع اندلاع معارك شديدة جنوب المخيم بين الفصائل المذكورة و«النصرة» «توحدت فيها وللمرة الأولى الفصائل السورية المعارضة والفصائل الفلسطينية لقتال «النصرة»، فعادت الأخيرة إلى شارع الـ15، وبعد أقل من 7 ساعات دخل داعش ليكون حليفاً جديداً للنصرة».
أحداث متسارعة أفضت إلى تقدم مقاتلي التنظيم والسيطرة على كامل الشارع الرئيسي من المخيم، إضافة إلى شارعي العروبة والتقدم، قبل أن تسارع فصائل المعارضة المسلحة إلى تنسيق دفاعها وبناء المتاريس، ما أدى إلى تراجع التنظيم نحو الجزء الجنوبي من الشارع.
الأمر الذي دفع الجيش السوري إلى تحركات دراماتيكية تتوازى مع التداعيات الأمنية فسهّل الخروج للحالات الإنسانية في المخيم، والتي سَجلت خروج 16 عائلة تمكنت من الوصول إلى الجزء الشرقي من حي التضامن.
وليس بعيداً من الجنوب وتحديداً في الشمال السوري سارع الإعلام الغربي الأميركي والبريطاني والفرنسي على إعلان سيطرة «القاعدة» في 30 من آذار،على مدينة إدلب، وفي هذا الإطار، أشارت إيريكا سولومون في صحيفة «ذي فايننشال تايمز» البريطانية إلى الفكرة التي تتحدّث عن «إمكان استمالة «النصرة» للمشاركة في تحالف ضد «داعش» على رغم معاداة المجموعات المدعومة من الولايات المتحدة له، إلا أن تركيا وقطر والسعودية تسعى إلى إبعاده من شبكة الجهاد العالمية» لتكشف التنسيق الحثيث بين تلك المجموعات وداعميها وليعود إلى الظهور في إدلب خالد الحمد الملقب بأبي صقّار أبرز مسلحي «جبهة النصرة» والذي هز العالم بصوره وهو يشق صدر جندي سوري ويقضم قلبه.
محاولات تركية حثيثة لإعطاء المجموعات الإرهابية الشرعية وإظهارها تحت عنوان المعارضة المعتدلة، يبرز فيها الدعم التركي من خلال فتح الحدود وإرسال المقاتلين ودعمهم بالجنود الأتراك إضافة إلى ترحيب ما يسمى بالائتلاف السوري بسيطرة «النصرة» وتوابعها على إدلب، ما يعزز الكلام عن تعويم المجموعات الإرهابية بعد انهيار العديد منها والمحسوبة على واشنطن وحلفائها على أيدي القوات السورية.
يبدو أن المسرحية الهزلية باتت في مشهدها الأخير حيث نقلت وكالة «رويترز» أن أنقرة قادت العمليات وخططت لها، مضيفة أن المسلحين يستخدمون أجهزة اتصالات متطورة حصلوا عليها عبر تركيا.
وكذلك التصريحات الصادرة عن وزير الدفاع التركي عصمت يلمظ في 31 آذار ببدء برنامج تدريب مقاتلي «المعارضة» السورية بقيادةٍ أميركية في شهر أيار المقبل، وتأكيد مسؤولين أميركيين عزمهم تدريبَهم نحو خمسة آلاف مقاتلٍ سنوياً لمدة ثلاث سنوات.
تركيا واحدة من أكثر دول المنطقة إلى جانب السعودية وقطر التي تدعم بشكل مباشر المسلحين «لوجستياً وعسكرياً» وتجري لاهثة لبسط نفوذها في المنطقة في ظل صمت أممي عن الدعم «الإسرائيلي» جنوباً والاحتضان التركي شمالاً ليُطرح تساؤل بريء، أين هي القرارات الأممية 2170 و2178 و2199 ؟ ولماذا لم تطبق توصيات ونصوص هذه القرارات على تلك الدول؟