التعليق السياسي
الكوليرا وإنجازات المجتمع المدني
أمران كشفتهما التحقيقات التي أجرتها هيئات أممية في تفشي الكوليرا في لبنان، الأول هو أن التفشي محصور في مخيمات النازحين السوريين، خصوصاً في منطقة عكار، والأمر الثاني أن التفشّي ناجم عن سوء أداء جمعيات المجتمع المدني التي تتولى إنفاق الأموال المخصّصة لمراعاة المعايير الصحيّة في الموارد المائية لهذه المخيمات.
حجم الأموال المخصّصة لإبقاء النازحين السوريين في لبنان يفوق وحده مجموع المساهمات التي تقدّمها كل المنظمات الدولية لمساعدة لبنان في مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية في لبنان، وما يخصص للاجئين الفلسطينيين، رغم أن فرص عودة النازحين السوريين إلى ديارهم متاحة بعكس اللاجئين الفلسطينيين، وأن الجمعيات اللبنانية التي تأسست خلال السنوات العشر الماضية على كتف حاجات النازحين السوريين، وأنجبت قادة 17 تشرين واستثمرت في عائدات انفجار مرفأ بيروت، وتلقت مئات ملايين الدولارات تحت عناوين إنسانية، تحولت الى بؤر فاسدة تضاهي في ثراء القيّمين عليها فساد الكثير من المؤسسات الحكومية وثراء المستفيدين منها.
الجمعيات المعنية تجاهر بتبني رفض عودة النازحين، وبقائهم باب رزق لا تريد خسارته، لكن فضيحة الكوليرا تفضح كذبة الحرص على النازحين، حيث التهاون بالمعايير الصحية لصالح السطو على الأموال هو الفضيحة التي كشفتها التحقيقات الأممية، التي لا يبدو أن الإفراج عنها سيتمّ، بعد تدخل سفارات غربية للتكتم على النتائج.
هذه عيّنة عما سيجلبه هؤلاء للبنان عندما يُقيّض لهم تولي مسؤوليات عامة.