الحقوق اللبنانية بين إعلام «إسرائيلي» مأزوم وبعض إعلام لبناني مهزوم…
} خضر رسلان
الدور المستمرّ الذي لعبه ولا يزال النفط في الاقتصاد العالمي الذي أضيف اليه الدور المتعاظم للغاز هو أحد أهمّ الأسباب التي تمنع الولايات المتحدة من الابتعاد عن منطقة الشرق الأوسط بالرغم من وجود الكثير من الحلفاء والأتباع لها سواء كانوا أنظمة أو قوى فاعلة من شخصيات وأحزاب ونقابات وإعلام الذين يسوقون دائماً وحاضرون باستمرار لتنفيذ كامل أجندتها إلا أنّ هاجس تكاثر الخصوم والازدياد الملحوظ في تنامي القوى المعارضة لسياسة الهيمنة والتسلط التي تنتهجه في المنطقة وانعكاس ذلك على حالة الاستقرار الذي قد يؤثر على الاستراتيجية الأميركية المعتمدة في الشرق الأوسط القائمة على استخراج الطاقة وضمان أمن «إسرائيل» ومن أجل ذلك قامت الولايات المتحدة بإجراءات متعددة لحماية استراتيجتها الآنفة الذكر ومنها…
1 ـ الترويج للنموذج الأميركي
عملت الولايات المتحدة ولا تزال، في سبيل ضمان مصالحها المرتكزة على أمن الطاقة والكيان «الإسرائيلي»، على تأسيس منظومات متعددة ذات أشكال متنوعة وفي مقدمتها شخصيات مؤثرة ومراكز دراسات وإعلاميين وعملت على التشبيك في ما بينهم من أجل غاية واحدة وهي الدفاع عن مصالحها والتصويب الدائم والمستمرّ ضدّ كلّ القوى المناهضة او التي لا تركن الى الإملاءات الأميركية فضلاً عن السعي المتواصل على التسخيف والتهوين لكلّ إنجاز تحققه القوى المقاومة في المنطقة.
2 ـ الحصار والعقوبات
من الأساليب التي درجت على استعمالها الولايات المتحدة الأميركية في سبيل تحقيق استراتجيتها انتهاجها سياسة العقوبات والحصار على المناوئين لها وبخلاف القوانين الدولية، كالذي جرى ويجري في لبنان من حصار وتجويع وتعتيم ولغايات سياسية مستفيدة من وجود المنظومة الكبيرة والمنوعة من الشخصيات والشبكات الإعلامية التي بكلّ بساطة تحمّل مسؤولية الحصار والعقوبات على الضحية وفي الوقت نفسه تجاهر بمشروعية ما يقوم به الجلاد .
ومن هذا المنطلق وبناء على الأدوار المطلوبة من المنظومة الإعلامية المناهضة للمقاومة يمكن قراءة مواقفها اثر تسليم لبنان لملاحظاته حول ملف الترسيم الى الموفد الأميركي هوكشتاين، حيث ظهرت هذه الماكينة كمن يتخطفها الطير، وضاقت بها الخيارات حيث أحلاها مرّ، فهم لا يستطيعون الإقرار بإنجاز ما سواء أكان ذلك للموقف اللبناني الموحد برئاسة العماد ميشال عون أم للمقاومة التي انْ امتدحوها فذلك يعني الإقرار بجدوى سلاحها ودورها، فكان الخيار الأفضل اللجوء الى خطاب التخويف والتشكيك كحال عنوان لصحيفة لبنانية تقول فيه «السلطة تتكمّش بالاتفاق… ونتنياهو بالمرصاد»! وصحيفة أخرى عنونت «إسرائيل توقف الترسيم وتهدّد بتدمير لبنان»! وأخرون ذهبوا الى اتهام الجانب اللبناني بالتفريط في الحقوق! وأنّ «إسرائيل» هي في كلّ الاحتمالات رابح رابح… في إطار خطاب تضليلي مناف للحقيقة لأنّ الصهاينة والأميركيين سيضطرون مرغمين لرفع الحظر المفروض على لبنان والممنوع عنه الاستفادة من نفطه وغازه في البلوكات الواقعة خارج مناطق النزاع والتي لا تجرؤ هذه الأقلام حتى على الإشارة الى المسؤولية الأميركية الكاملة عن هذا الحصار الظالم.
في المقلب الآخر حيث المشهد «الإسرائيلي» مغاير تماماً فهو مأزوم ومحبط كما أشارت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية عن «خيبة أمل شديدة مما سمعوه من عاموس هوكشتاين، الذي لم ينقل أيّ مرونة من جانب لبنان وكان لافتاً ما بثه الإعلام «الإسرائيلي» بلسان الضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي العميد احتياط ورئيس حركة الأمنيين هبيتاحو نيستيم أمير أفيفي أنّ ما جرى «جعل «إسرائيل» تجثو على ركبتيها».
تبقى في الختام الإشارة الى حقيقة دامغة انّ الحقوق اللبنانية التي عمل العدو على استباحتها كما استباح ولا يزال الأراضي العربية المحتلة اضطر في العام 2000 الى الاندحار من لبنان وسيضطر رغماً عن أنفه الإقرار بالهزيمة أمام قوة الثبات والإرادة لدى الجانب اللبناني في تحصيل حقوقه، وأنّ العدو يعلم أنّ «المقــاومة كما قال الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في خطاب له، هي القوة الوحيدة التي يملكها لبنان للحصول على حقه في النفط والغاز.
هذه حقيقة جلية لن تستطيع ايّ منظومة إعلامية ان تطمسها سواء أكان إعلاماً مأزوماً نتيجة لخياراته والتزاماته المناقضة للمهنية والموضوعية، أم إعلاماً مهزوماً سواء أكان من معسكر نتنياهو او ليبيد، فطرفا الصراع في الانتخابات «الإسرائيلية» سيخضعان لمعادلات المقاومة ومُسيّراتها من كاريش الى ما بعد ما بعد كاريش…