التعليق السياسي
فخامة الرئيس.. مبارك
تشبه الحملة التي استهدفت الرئيس العماد ميشال عون في نهاية عهده تلك التي استهدفت الرئيس العماد اميل لحود في نهاية عهده. ومهما اجتهد المناصرون والمؤيّدون لإيجاد أسباب تتصف بالخصوصية وراء هذا الاستهداف، لما وجدوا سبباً أهم من موقف كل منهما الثابت والوطني المتمسك بالمصالح اللبنانية الوطنية الصافية في مواجهة الأطماع والعدوانية الإسرائيليين، ومن رفض الانصياع للضغوط الأميركية وما يتجند في خدمتها من حصار عربي وحملات داخلية. ولعل موقف كل منهما من موقعه خلال حرب تموز 2006 الى جانب لبنان ومقاومته كان المفصل الأهم في صياغة وضعه على لائحة الأهداف.
الفارق أن الرئيس لحود استهدف في مناخ لبناني في ذروة الانقسام دون أن ننسى أن من بين الأهداف التي تسهل قراءتها من وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري تفجير الشارع بوجه الرئيس لحود وحليفيه في سورية والمقاومة، بينما استدعى استهداف الرئيس عون تنظيم انقلاب انتهى بإقصاء الرئيس سعد الحريري عن المشهد السياسي لإنتاج الانقسام المطلوب لفرض الحصار، وتنظيم انهيار اقتصادي ومالي يفجّر الشارع بوجهه، وإذ أمكن تصنيف استهداف الرئيس لحود في الشارع المسيحي كجزء من تداعيات المواجهة مع سورية التي استقطبت أغلب الساحة المسيحية، اقتضى استهداف الرئيس عون الذهاب بالانقسام المسيحي إلى طريق اللاعودة، وقد نجح الرئيس عون وشعبيته بخلق توازن سياسي ونيابي منع نجاح خطة الحصار.
الفارق الأهم أن الرئيس لحود اضطر أن ينهي ولايته وهو يقاوم الحصار دون أن تتيح الظروف الدولية والإقليمية للمقاومة أن تحمي حضوره ودوره وتقدّم له تحيّة يستحقها، بينما سمحت الظروف الدولية والإقليمية الراهنة وتنامي قدرات المقاومة، بأن تضع المقاومة ثقلها مستفيدة من حساباتها لأهمية التوقيت، لفرض نهاية ترسيم المصالح الاقتصادية للبنان بشروط مشرّفة على مشارف نهاية عهد الرئيس ميشال عون، ليخرج من القصر ملوحاً بشارة النصر وقد منح لبنان واللبنانيين فرحة الأمل بما يضيء نهاية النفق الذي وضعه فيه الانهيار المالي والاقتصادي، الذي لم يكن بأدواته الخارجية والداخلية بعيداً عن العقاب المرسوم لكل من تمسّك بالحقوق والمصالح الوطنية، وفق سياسة «التجويع طريق التركيع وصولاً للتطبيع»، وفق وصفة جيفري فيلتمان بدعوة اللبنانيين غداة حراك 17 تشرين للاختيار بين «الفقر المؤكد عبر خيار المقاومة والازدهار المحتمل عبر الخيار الأميركي».
سقطت وصفة فيلتمان وسقط التجويع ولم ينجح التطبيع، وفاز لبنان بشرف أن يكون أول بلد عربيّ يُنجز حماية مصالحه الوطنية المتداخلة مع سيطرة كيان الاحتلال، دون تفاوض مباشر ودون اتفاق مباشر ودون اعتراف ودون تطبيع، ودون إنهاء حالة الحرب، ما دامت هناك أراضٍ لبنانية تحت الاحتلال، ومن حق لبنان أن يفخر بالإنجاز التاريخي، ومن حق العماد ميشال عون أن يفخر بأن تكون هدية نهاية عهده للبنانيين على هذا المستوى.
ألف مبارك فخامة الرئيس.