فلسطين تتقدّم رغم الحصار المُركب
بشارة مرهج*
قرار أستراليا سحب اعترافها بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب لفت الأنظار خاصة أنه يصدر بعد تصريح رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس عن رغبتها الاقتداء بالموقف الأميركي والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة العدوان والتمييز العنصري. ومن يعرف موقع أستراليا من الكومنولث وعلاقتها الوثيقة بلندن يدرك أهمية ومعنى التباين في المواقف بينهما حول مسألة في غاية الأهمية بالنسبة للتاج البريطاني الذي نكث بوعوده للعرب مراراً وتكراراً كرمى لعيون «إسرائيل» وقادتها الذين توغلوا بالدم الفلسطيني دون أن يرفّ لهم جفن، ودون ان يتقدّم أحد من العالم الغربي «الحريص» على حقوق الإنسان لمساءلتهم ومحاسبتهم على ما اقترفت أيديهم من جرائم أو مجازر كان أبرزها مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت.
وأستراليا التي اعترفت بالكيان الغاصب باكراً تدرك أيضاً أنّ بريطانيا كانت في طليعة الدول الاستعمارية التي ساهمت، بعد إصدارها لوعد بلفور الشرير، في بناء الوكالة اليهودية في فلسطين وتحويلها الى دولة ضمن الدولة، كما تدرك عضوية العلاقة بين لندن وتل أبيب التي تحظى بحماية بريطانيا في كلّ الأوقات.
ولذلك عندما تتراجع أستراليا عن قرارها السابق فيما تتحفز بريطانيا لاتخاذ نفس القرار يمكننا ان نستنتج وجود خلل في العلاقات بين أطراف الكومنولث الذي ينظر زعماؤه بغضب وخوف وقلق تجاه نمو قدرات الشعب الفلسطيني وتنامي نفوذه واستعداده الهائل للتضحية كما تشهد بذلك كلّ المعارك والمواجهات التي يخوضها على امتداد الأرض الفلسطينية ابتداء من الأقصى المبارك والقدس الى نابلس وغزة وجنين وكلّ أراضي الضفة وصولاً الى الناصرة وحيفا ويافا المطلة جميعها على آبار الغاز والنفط المستباحة من قبل الاستعمار الصهيوني والإمبريالية الأميركية.
انّ الزمن يتغيّر وفلسطين أصبحت اليوم أكثر من أيّ وقت مضى حقيقة سياسية ونضالية يصعب بل يستحيل على أحد في العالم تجاهلها او تجاوزها رغم تجاهل معظم الأنظمة العربية وانصرافها عن تنفيذ مقرّرات القمم العربية وتقاعسها عن دعم القدس والمقدسات التي تزخر بها أرض فلسطين العربية.
