أخيرة

دبوس

 

حادثتان وما بينهما من قواسم

في الخامس والعشرين من فبراير/ شباط سنة 1994 قام صهيوني متطرف يُدعى باروخ غولدشتاين بإطلاق النار من مدفعه الأوتوماتيكي على مجموعة كبيرة من الرّكّع السجود الفلسطينيين في المسجد الإبراهيمي، فاستشهد 29 منهم، وجرح الكثيرون، تمّ ضربه حتى الموت من قبل بقية المصلين، البارحة قام وهّابي قاتل بمهاجمة مزار في مدينة شيراز، لا يتواجد فيه إلّا إناس متوجهون الى حب الله في سلام ومحبة وسكينة، ولكن الوحش الوهابي لا يعترف بأيّ شيء سوى بشحنة الكراهية المدمّرة التي تمّ حشوها في نطاق عقله وقلبه فقطّعت أوصال الحقيقة إرباً إرباً، وحوّلته الى ماكينة للقتل وارتكاب أبشع الفظائع!
حادثتان كانت الضحية فيهما مسلمين ذهبوا الى بيوت الله طلباً للعفو والغفران والمحبة، فملأ رصاص الحقد والتوحّش صدورهم وأكبادهم وقلوبهم، وأريقت دماؤهم على جدران وأرصفة المساجد، بلا ذنب اقترفوه، سوى انّ نمطين من البشر، أحدهما صهيوني يهودي، والآخر وهابي ضال، اجتمعا على كراهية المسلمين المستضعفين، وعلى اعتبار الآخر الذي لا ينضوي تحت لواء ضلالهم وكفرهم هو شيء للقتل والإفناء…
يخرّج الفكر التلمودي العنصري القاصر الآلاف وعشرات الآلاف منهم، ويتمّ حشدهم بالكراهية والضلال وباحتقار القيمة الإنسانية، ثم ينطلقون لينفثوا سمومهم وديماغوجيتهم في كلّ مكان، تماماً كما تخرّج مملكة الخير الوهابية عشرات الآلاف منهم ليعيثوا في الأرض فساداً، ويقلبوا صرح الحقيقة عقباً على رأس، بخطاب شعبوي مفرط في مجافاته للحقيقة، وأضاليل ما أنزل الله بها من سلطان.
نهجان متفقان حتى النخاع في كراهية بني البشر وفي العداء لله ورسله، متفقان حتى النخاع بإهراق دم المستضعفين وبالذات المسلمين منهم، وبأنّ الدم اليهودي الصهيوني هو دم مقدس لا يُمسّ، والدليل على ذلك انه ومنذ ان انبثقت جيوش الوهابية الضالة منذ أربعة عقود أو ينوف، لتعمل قتلاً وتدميراً وتفجيراً، لم تهرق قطرة دم واحدة لصهيوني أو يهودي!
في العراق وحده قام 5000 وحش وهابي بتفجير نفسه في المارّة من الناس، جلّهم الأعظم من الأطفال والنساء والعجزة، ثم نجد بين ظهرانينا من يرفع راية الدفاع عن مملكة الخير وعدائها المريع للإنسانية باستثناء «بني إسرائيل»، تلكم هي الحقيقة التي لا مراء فيها، والحقيقة الأخرى التي تسطع كما الشمس في رابعة النهار، هي انّ هذا الوحش والإرهاب القاتل، والموجه فقط نحو المستضعفين من شعوبنا لن يتوقف ولن يرعوي إلّا بقطع رأس الأفعى هناك عند قرن الشيطان، وما عدا ذلك هو خوض فارغ بلا طائل.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى