المريجة في الحزب السوري القومي الاجتماعي
من مناطق المتن الجنوبي التي شهدت حضوراً للحزب منذ الثلاثينات، ومنها الحدث، برج البراجنة، بليبل، كفرشيما، نذكر منطقة تميّز فيها الحضور الحزبي بنوعية أعضائه وبانتشاره في مختلف عائلاتها الأساسية: سعاده، متى، الطويل، هذه المنطقة هي المريجة.
من رفقاء المريجة نذكر الراحلين منهم:
د. روبير سعاده: وكان تعيّن مديراً عاماً في وزارة الصحة اللبنانية.
خليل سعاده
المهندس يوسف متى: وكان انتخب رئيساً لبلدية المريجة وله فيها أياد بيضاء لا تنسى.
ميشال سعاده: الذي كان استقرّ في بلدة شتورة، وامتلك فندقاً فيها، كان مرجعاً لرفقاء منطقة زحلة والبقاع.
جوزف(1) وخليل(2) الطويل: من الرفقاء المناضلين، الذين سطروا الكثير من المواقف في المسيرة الحزبية لكلّ منهما.
ومن الذين هم على قيد الحياة نذكر: المحامي الرفيق إميل سعاده، شقيقه الرفيق رفيق المقيم في الريو دي جانيرو(3)، والرفيقة أنجليك متى عقيلة الرفيق سمير ريّس.
* **
يفيد المواطن نبيل سعاده، خلال إقامته في بلدة عينطورة كسروان(4)، وكان انتخب رئيساً لبلدية برج البراجنة في أواخر أربعينات القرن الماضي انه، ورغم معرفته بالزعيم وإيمانه القوي بتعاليمه وطروحاته وبمبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي لم ينتم رسمياً الى الحزب بسبب وضعه الاجتماعي والسياسي والمهني في ذلك الحين. أما شقيقه ومعظم أقاربه والنسبة الأكبر من سكان برج البراجنة كانوا قوميين ناشطين ومؤيدين للحزب».
وعن معرفته بالزعيم يقول: «في مطلع شبابي كنت كتائبياً متحمّساً وكنا نحضر اجتماعات ونعقد لقاءات وندوات مع الأحزاب الطائفية آنذاك ونمارس نشاطات عدة في هذا الإطار، الى ان تعرّفت الى مجموعة من الشباب القومي في برج البراجنة وكنت حينها رئيساً لبلديتها. ومن ضمن تلك المجموعة كان الشهيد عبد الحفيظ علامة الذي ربطتني به صداقة مميّزة، وفي أحد الأيام أصرّ عبد الحفيظ ان يصحبني معه الى مطار بيروت للمشاركة في استقبال الزعيم أنطون سعاده العائد الى لبنان من مهجره القسري. فذهبت ورأيت بأمّ العين عشرات الآلاف من الناس بانتظار هبوط الطائرة التي عندما هبطت وأطلّ من بابها الزعيم، انطلقت الهتافات والزغاريد والتصفيق الحادّ التي توقفت لحظة رفع سعاده يده بالتحية وهو يطلّ من باب الطائرة». عدت بعدها الى بيتي وأنا متأثر جداً بهذا الرجل المميّز والمدهش والواثق من نفسه. ولكن مركزي الاجتماعي والمهني منعاني من المجاهرة بالانقلاب الكبير الذي حصل في كياني ونفسي حينذاك».
يضيف انّ الرفيق عبد الحفيظ علامة حضر لعنده ذات يوم: ليبلغني بانّ الزعيم سعاده يودّ زيارتي في منزلي. فانتابني قلق وحيرة من هذا الخبر. أولاً اني كنت متشوّقاً جداً ان استقبل الزعيم في منزلي وهذا شرف كبير لي. ومن جهة ثانية كان الزعيم مصدر خوف ورعب للنظام السياسي في لبنان والمنطقة. وبصفتي رئيس بلدية عليّ أن أكون يقظاً ومتحفظاً في تحركاتي. اقترحت ان يكون الزعيم بمفرده وان تكون الزياره ليلاً ايّ بعد التاسعة. دعوت خمسة أشخاص فقط لحضور المقابلة ومن بينهم على ما أذكر نصري أبو سليمان، وهيّأنا خمسة أسئلة لنطرحها على الزعيم أثناء وجوده بيننا، وفي تمام التاسعة وصل سعاده وبرفقته عبد الحفيظ علامة فرحبنا به ثم طرحنا عليه السؤال الأول على ان نتبعه بالأسئلة الباقية. ولكننا لم نضطر لذلك إطلاقاً اذ أنّ ردّه على السؤال الأول كان جامعاً وفلسفياً مما أعطانا أجوبة على جميع أسئلتنا وتساؤلاتنا دون ان يتسنّى لنا طرح أيّ سؤال آخر. إذ أبهرنا جميعنا بثقته الكبيرة بنفسه وإيمانه الكبير بما يقوم به ويسعى بإصرار الى تحقيقه «وهنا أقول لو انّ الزعيم تسنّى له ان يعيش سنة إضافية لغيّر وجه التاريخ بالفعل».
وبعد انتهاء السهرة دعانا الزعيم لحضور محاضرة في منزله الصغير الكائن في أحد شوارع منطقة الحمرا وكان الموعد بعد أسبوع والمحاضرة كانت المحاضرة الأولى من المحاضرات العشر.
فلبّينا الدعوة وكان عددنا لا يتجاوز العشرة أشخاص ومن بيننا نصري أبو سليمان وجورج عبد المسيح الذي كان يقف بالقرب من النافذة ويدوّن كل كلمة يقولها الزعيم بمحاضرته الأولى التاريخية.
وفي المحاضرة الثانية كان الحضور قد تضاعف. وبعد المحاضرة الثالثة لم يعد المكان يتسع إطلاقاً لعدد الحضور الذي كان يتضاعف باستمرار فتمّ استئجار صالة كبيرة تجاه الجامعة الأميركية في بيروت وهناك رأينا الحضور قد أصبح بالمئات ومن بينهم أدباء وشعراء ومثقفون وسياسيون. كلهم كانوا يتسابقون لحجز أماكن لهم في الصالة التي أصبحت أيضاً تضيق بالحضور الكثيف لسماع محاضرات الزعيم أنطون سعاده وأكثريتهم المطلقة انضمّت الى صفوف الحزب».
عن الشهيد عبد الحفيظ علامه فيقول: «انه كان قومياً اجتماعياً مؤمناً بالعقيدة متحمّساً، نشيطاً وقبضاي».
في اللقاء مع الرفيق المحامي إميل سعاده، يفيدنا انه انتمى في الأربعينات وكان تلميذاً في معهد الحكمة. ومعه الأمين يوسف الاشقر، الأمين المحامي ميشال نعمة ورفقاء آخرون.
بعد «الحكمة» درس في الجامعة اليسوعية، وكان زميله في الصف الرفيق رياض أبو فاضل. إلا انه تابع دراسته الحقوق في جامعة دمشق، حيث تولى فيها مسؤولية مدير مديرية مستقلة. كان معه الأمين الراحل بشير موصلي والرفيق المحامي الراحل سهيل مسابكي(5).
انتقل بعد ذلك الى الأكاديمية اللبنانية في بيروت(6) منهياً دراسته الحقوق، مع زميليه الرفيقين نقولا والياس نمار(7).
يذكر من الرفقاء في برج البراجنة، والمريجة تعتبر من أحيائها، اسكندر ملكون، ابرهيم الدرسا، محسن علامة، سليم منصور، محمد رحال، وشقيقه سامي، ابرهيم عدلوني.
يضيف انّ شقيقه الرفيق نزيه، الذي غادر الى البرازيل كان ضمن مجموعة الرفقاء الذين ساهموا بنقل الأسلحة من الطائرة العسكرية العراقية التي حطت لفترة قصيرة في مطار بيروت أواسط خمسينات القرن الماضي(8).
هوامش
(1) كان في مطبعة الجميزة حرساً لسعاده عندما هوجمت المصيطبة في حزيران 1949. اعتقل، وسجن.
(2) اشترك في الثورة القومية الاجتماعية. تمّ القبض عليه في سرحمول. حكم عليه بالإعدام ثم أبدل بالمؤبد. خرج من الأسر في الدفعة الأخيرة من الرفقاء المفرج عنهم، في أيلول 1957.
(3) تخرج من الجامعة الأميركية، قسم إدارة الأعمال، غادر عام 1950 الى البرازيل واستقرّ في الريو دو جانيرو. وما زال مقيماً فيها.
(4) اجرى معه المقابلة الرفيق مرسيل بولس في أوائل العام 2002. هو شقيق الرفيق خليل سعاده، والدكتور بطرس وهو طبيب مشهور (في الولايات المتحدة)، وسمير في كندا.
(5) عرفته رفيقاً عقائدياً، مثقفاً، وناشطاً حزبياً، وافته المنية في الثمانينات.
(6) لصاحبها الأستاذ الكسي بطرس، تحوّلت الى جامعة باسم ال Alba.
(7) نشط حزبياً في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، أحدهما نقولا نقولا، تولى مسؤوليات في عمدة الثقافة. عيّن محافظاً لبيروت.
(8) سنحكي عن موضوع الطائرة، لاحقاً.