نافذة ضوء
رسالة تهنئة إلى الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا
} يوسف المسمار*
فخامة رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية
لويس ايناسيو لولا دا سيلفا الجدير بالاحترام الكبير
إن كلمتكم الرائعة التي ألقيتموها بعد إعلان فوزكم بنتائج انتخابات رئاسة جمهورية البرازيل الاتحادية، ذكّرتنا بالعبارة الحكيمة لعالم الاجتماع والفيلسوف السوري أنطون سعاده، مؤلف كتاب «نشوء الأمم». الذي أكمل دراسته في ساو باولو – البرازيل عندما قال:
«الإنسان العزيز إذا مثّل أمته يُعزّها، والذليل يُذلها».
إن خطابكم الرائع حضرة الرئيس المستقبلي للجمهورية الاتحادية البرازيلية لم يكن، مجرد تمثيل للأمة البرازيلية العظيمة، بل كان تعبيرًا رائعًا عن عقليتها الحرة وطموحاتها القومية والاجتماعية في عالم اليوم، حيث يمكن للعقليات المتعصبة المتناقضة أن تقود العالم بأسره إلى مصير التخلف والخراب والفناء.
إن مبدأ الديمقراطية بحسب المفهوم الفلسفي القومي الاجتماعي لا يكتفي بتمثيل الإرادة الشعبية العامة فقط بل يعني أيضاً التعبير الحقيقي الصحيح عن إرادة الشعب في تحقيق خيره العام وحياته للأفضل.
وحتى لا يستمر العالم على طريق حروب التعصب والجشع المدمرة للحضارات الانسانية فقد أبدع عالم الاجتماع والفيلسوف انطون سعاده «فلسفة القومية الاجتماعية المادية – الروحية» لإنقاذ الأمم من مخاطر الفلسفات الجزئية الفردية الروحية والمادية، والرأسمالية والشيوعية، واليمينية واليسارية، والفئوية والعرقية، والطغيانية العنصرية بوجهيها الديني والعلماني التي تمزّق المجتمعات الطبيعية وتسبب النزاعات المدمرة لوحدة الروحية في كل مجتمع عملاً بحكمة السيد المسيح الذي قال:
«كل مجتمع ينقسم على نفسه يخرب».
ولذلك أود بهذه المناسبة من خلال تهنئتكم على فوزكم برئاسة جمهورية البرازيل الاتحادية، وبعد الاستماع إلى خطابكم القومي – الاجتماعي التاريخي أن تكون الأمة البرازيلية العظيمة بقيادتكم قدوة للأمم في حركتها القومية والاجتماعية التي تنقذ المجتمع البرازيلي من التفتت والأمة البرازيلية من التخلف، ويكون لها دور كبير في توطيد العلاقات الانسانية الودية بين الأمم على أساس الاحترام المتبادل للحقوق، والتعاون والتشارك على اساس الاخوة الانسانية على كوكب الأرض الذي جعلته الطبيعة بيئات جغرافية طبيعية لا تنفصل عن بعضها البعض، بل تتواصل فيما بينها من دون ان تبتلع البيئة الكبيرة البيئة الصغيرة، ومن غير أن تحقد البيئة الصغيرة على البيئة الجغرافية الأكبر، مما يعني أنه يجب على الشعب الكبير أن يساعد الصغير وعلى الشعب الصغير ان لا يحمل اي حقد او ضغينة على الكبير.
كما أود بمناسبة تهنئتي لفخامتكم بترجمة عن غاية الفلسفة القومية الاجتماعية مقتبسة من المحاضرة العاشرة لأنطون سعاده في بيروت بتاريخ 4 نيسان 1948 قبل استشهاده في 8 تموز 1949، حيث قال:
«إن غاية الفلسفة القومية الاجتماعية قضية شاملة تتناول الحياة القومية من أساسها ومع جميع وجوهها. إنها غاية تشمل جميع قضايا المجتمع القومي، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والروحية والمناقبية وأغراض الحياة الكبرى. فهي تحيط بالمثل العليا القومية وبالغرض من الاستقلال وبإنشاء مجتمع قومي صحيح. وينطوي تحت ذلك تأسيس عقلية أخلاقية جديدة ووضع أساس مناقبي جديد وهو ما تشتمل عليه مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي الأساسية والإصلاحية، التي تكوّن قضية ونظرة في الحياة كاملة، أي فلسفة كاملة».
فباعتماد الفلسفة القومية الاجتماعية البرازيلية التي تهتمّ بالحياة القومية البرازيلية من جميع وجوهها وجميع قضايا المجتمع البرازيلي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والروحية والمناقبية وسائر قضايا الحياة الكريمة، تنشأ العقلية المناقبية النهضوية الجديدة التي تحثّ الجيل الجديد على العمل والجهاد في سبيل تحسين مستوى الحياة والسير بثبات على طريق التقدم للوصول تحت قيادكم وقيادة أمثالكم من رجال البرازيل المخلصين الى المجد الذي تستحقه البرازيل.
نتمنى للشعب البرازيلي التوفيق والنجاح والتقدم في ظل قيادتكم الحكيمة التي تجعل الأمة البرازيلية سيدة على نفسها ووطنها، وعاملة مع غيرها من الأمم الكريمة من أجل الإنسانية المتحضرة ومن خلال مبادئ الحق والعدل وحقوق جميع الشعوب في الحياة والحرية وتقرير المصير.
كوريتيبا في 31 تشرين الأول 2022
*المدير الثقافي للجمعية الثقافية السورية البرازيلية التابعة للحزب السوري القومي الاجتماعي.