بعد الاتفاق النووي بين إيران والدول الست هل تخضع «إسرائيل» للمشهد الجديد في المنطقة؟

ناديا شحادة

البرنامج النووي الإيراني الذي أجريت حوله المفاوضات الشاقة بين أميركا وحلفائها الأوربيين من جهة وبين إيران من جهة أخرى أصبح الشغل الشاغل لصناع القرار في العالم وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط والخليج و«إسرائيل»، حتى أن مصير وتقلبات السياسة الأميركية في المنطقة أصبحت تُدار من خلال بوصلة المفاوضات الإيرانية الدولية. فبعد سلسلة شاقة ومعقدة من المفاوضات استمرت على مدى ثمانية أيام في لوزان أعلن التوصل إلى اتفاق إطاري بشأن برنامج طهران النووي الذي سيمهد لصوغ اتفاق نهائي بحلول 30 حزيران من العام الحالي.

ويرى المراقبون أن «إسرائيل» التي كانت تعتبر النشاط النووي الإيراني الذي يمثله برنامجها بالنسبة لها مسألة حياة أو موت خصوصاً في عهد رئيس حكومة «إسرائيل» بنيامين نتنياهو منذ عام 2009 على رغم التطمينات الأميركية لـها وتعويلها على حزمة العقوبات الاقتصادية والعسكرية ضد إيران لإيقاف العمل بالبرنامج النووي، إلا أن قلقها لم يتوقف. وانتقد نتنياهو الاتفاق أكثر من مرة، بأنه اتفاق غير تاريخي ويعرض أمن «إسرائيل» للخطر ويعد ذلك جزءاً من حملة «إسرائيل» التي بدأت في أيلول عام 2013 في الأمم المتحدة أثناء سير المفاوضات مروراً بمحادثات نتنياهو مع القيادة الروسية، وإرسال كبير مستشاريه إلى واشنطن للنظر في التفاصيل غير المعلنة للصفة، وقد بلغ أقصاه بعد الأنباء التي تحدثت عن قرب توقيع الاتفاق في القريب العاجل بعد تخطي العديد من العقبات، فـ «إسرائيل» لم تتوانَ عن التدخل لعرقلته وكان آخرها زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية في أول آذار، التي جاءت تلبية لدعوة تلقاها من رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بير متخطياً إدارة أوباما في السياقات الدبلوماسية، واعتبر تلك الزيارة بمثابة الفرصة الأخيرة له في مواجهة أي توقيع للاتفاق بين إيران ومجموعة التفاوض.

سياسة نتنياهو التي اتبعها محاولة منه لعرقلة الاتفاق لم تأتِ ثمارها، وجرى التوصل إلى اتفاق بين إيران والقوى الكبرى، الأمر الذي جعل من رئيس الحكومة «الإسرائيلية» يهاجم الاتفاق ويعبر في اتصال هاتفي بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما عن معارضة «إسرائيل» القاطعة لاتفاق الإطار، معتبراً أن أي صفقة ستقوم على هذا الاتفاق ستهدد وجود «إسرائيل»، وفي بيان رسمي صادر عن ديوان نتنياهو أشار الأخير إلى أن إيران أعلنت في أول آذار، أن إبادة «إسرائيل» ليست موضوعاً للمفاوضات وأن في هذه الأيام المصيرية فإن إيران تسرّع تسليح أذرعها الإرهابية، تمهيداً لمهاجمة «إسرائيل» بحسب تعبيره، ويرى المراقبون أن هذه التصريحات والمواقف الرسمية لـ «إسرائيل» ليست محل إجماع وخصوصاً لدى مجموعة من المحللين والمراقبين العسكريين في «إسرائيل» فقد اعتبر المحلل الصحافي براك رافيد في صحيفة «هآرتس» أمس، أنه خلافاً لمواقف نتنياهو وتصريحاته فإن اتفاق الإطار المعلن ليس سيئاً بشكل كبير لـ «إسرئيل»، إذ يضم نقاطاً إيجابية تخدم المصالح الأمنية «الإسرائيلية» وتوفر الحلول لكل مخاوف «إسرائيل»، وقام الكاتب «الإسرائيلي» عاموس هرئي بمهاجمة سياسة نتنياهو قائلاً في مقال في صحيفة «هآرتس» إن كلام نتنياهو لم يعد مسموعاً من إدارة أوباما.

ويرى المتابعون أن نتنياهو الذي قضى وقتاً طويلاً يحارب في معركة خاسرة وربما خسر الرئيس الأميركي باراك أوباما من دون أن يحقق نصراً، فإن إيران أصبحت اليوم في مرحلة جديدة وأصبحت تمسك بمعظم أوراق اللعبة العسكرية والسياسية في المنطقة وقد سجل المفاوض الإيراني نجاحاً منقطع النظير في إدارة الأزمة خلال أكثر من 10 سنوات، واستطاعت صناعة الرعب الذي أربك المؤسسات العسكرية والمدنية «الإسرائيلية»، فمن خلال هذه المتغيرات التي شهدناها يبقى السؤال: هل تتجاهل الدبلوماسية الأميركية الخطر الجسيم الذي يتحدث عنه نتنياهو وتقرر إخضاع «إسرائيل» وتعويدها على المشهد الجديد في المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى