بطاركة المشرق: لرفض التهجير والإرهاب والعمل من أجل إحلال السلام في المنطقة
لفت بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، إلى «أنّ المسيحية المشرقية دفعت مع كلّ صوت اعتدال في هذا المشرق ومع كل وطن أراد العيش بسلام ثمناً باهظاً لإرهاب أعمى».
وقالوا في رسالة مشتركة لمناسبة القيامة: «آثرنا هذا العام أن تكون الرسالة واحدة تقرأ في الكنائس الأنطاكية كافة لتؤكد أنّ مسيحيي هذه الديار هم واحد، رغم أنّ الشدة الحاصلة والضيق المطبق لن يسكت فيهم قوة الرجاء وشكيمة الثبات في أرض الأجداد».
واعتبروا «أنّ هذا المشرق هو من صلب هويتنا، وأما صون خميره المسيحي وطابعه الاجتماعي المتعدّد الأديان والذي يضم الكلّ تحت مظلة الإنسانية فهو اليوم محك صدقية العالم تجاه هذه البقعة من الأرض وتجاه ناسها. أما أمنه وسلامه فهو محكّ الضمير أمام لغة المصالح».
وأضافوا: «كفانا قتلاً وتشريداً وكفى إنساننا معاناة. كفانا ترهيباً وإرهاباً منظَّماً ضدّ إنسان هذا المشرق. كفانا اغتصاباً لفلسطين وتعامياً عن قضيتها العادلة. كفانا جراحاً تنزف في سورية لعامها الخامس واستيرادا لأيديولوجيات متطرفة. كفانا لبناناً يغلي تحت نار الحسابات الإقليمية والفراغ الدستوري، ومصراً تتلوى تحت نار القلاقل. كفانا عراقاً يُدمّر وأقليات، على مختلف انتماءاتها تهجر وتستباح وسط تفرج دولي مريب».
وأشار البطاركة إلى أنّ «فصحنا اليوم فرصة لنتأمل ما جرى ويجري ولننادي بالحق في وجه الباطل ولنقول الحقيقة بلا وجل. نحن لا نرى الآن فيما بشر به ربيعاً لأنّ الربيع يزهر بتفتح كلّ سندسه ولا ينقلب صراعاً دامياً يدهس بعض أزهاره».
ولفتوا إلى أنّ «المسيحية المشرقية دفعت مع كلّ صوت اعتدال في هذا المشرق ومع كلّ وطن أراد العيش بسلام ثمناً باهظاً لإرهاب أعمى ولتسخير للدين ولتجيير لشعارات ولامتهان لسيادة دول ولتكفير مرّ قاسى لسعه إخوتنا المسلمون أيضاً. وهذا الثمن الباهظ تجلى ويتجلى قتلاً، تهجيراً وخطفاً لم يوفر أية بقعة من هذا الشرق».
وتطرق البطاركة في رسالتهم إلى قضية مطراني حلب مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم وبولس يازجي المخطوفين منذ قرابة العامين، وسألوا: «أين العالم بحكوماته ومنظماته الدولية من ملفهما وملف كلّ مخطوف»؟. ودعوا إلى «إطلاقهما وإطلاق كلّ مخطوف ولدفع الجهود نحو التأكيد على تشبثنا بأرضنا ورفض كلّ تهجير وإرهاب والعمل يداً بيد من أجل إحلال السلام في المنطقة، ووضع حدّ للتجاذب العالمي واستغلال الإنسان المشرقي».
وفي ختام الرسالة، قال البطاركة: «نحن أبناء هذا المشرق، مدعوون أن نجبل بالرجاء ونحافظ على حضورنا المسيحي ودورنا الفاعل، لأننا من صلب تاريخه وفي صلب قضاياه. نحن لسنا زوار الحاضر ولا ضيوف لحظات ولا مخلفات حملات. … نحن، مع إخوتنا المسلمين وكلّ متقي الله، في بحور سلامه عبرنا وعلى جلجلة ضيقه سرنا وإلى غار نصره وإكليل روائه صبونا ونصبو بقوة إرادتنا وبرجائنا الوطيد بالرب الخالق الذي غرسنا هنا وشاءنا أن نكون في أخوة كاملة، وسنبقى، كقادة روحيين، حريصين على القيام بدورنا تجاه أبنائنا ومستقبل بلدنا».