نداء ورجاء وإخاء من «الدوحة» حيث العالم في عرس كرويّ جامع
} إبراهيم وزنه
… وخاب الحاقدون وكذب المنافقون وسقط الفاسدون، وغاب المفبركون عن المشهد… فيما على الضفة الأخرى، أثمرت الجهود أجمل الإنجازات.. وفاز القطريون بتنظيم المونديال الاستثنائي منذ انطلاقه في العام 1930، على الرغم من خسارة منتخبهم في مباراة الافتتاح. إنه المونديال الاستثنائي في دوحة العرب، ويحمل الرقم 22 في العام 2022، ومن مزاياه الاستثنائية نذكر الآتي:
ـ أوّل مونديال في بلد عربي ـ إسلامي، وفي الشرق الأوسط تحديداً.
ـ أوّل مونديال يقام في بلد لا تتجاوز مساحته عشرة آلاف كيلومتر مربع، وعدد مواطنيه لا يتجاوز خمسمئة ألف نسمة.
ـ أوّل مونديال يُقام في بلد لم تسبق له المشاركة في نهائيات كأس العالم.
ـ أوّل مونديال تصل كلفته إلى ما يزيد عن مئتي مليار دولار.
ـ أوّل مونديال يتعرّض منظّموه إلى هذا الكم من الافتراءات والتهم والإساءات.
ـ أوّل مونديال ينطلق في خضم حروب عالمية دائرة وأزمات اقتصادية وبيئية وصحية في معظم بقاع الأرض، بالإضافة إلى الانقسامات الحادة بين عدد كبير من الدول.
ـ في مونديال قطر يستطيع المواكب ميدانياً أن يتابع مباراتين أو أكثر في اليوم الواحد.
ـ للمرّة الأولى تدور مجريات المونديال في فصل الشتاء، وكان قد وافق الفيفا على ذلك لاعتبارات مناخيّة، ومن نتائجه الحتمية أن تأتي المستويات الفنية للمنتخبات المشاركة عالية، نظراً لانطلاق جميع الدوريات في جميع دول العالم منذ عدّة أشهر.
ـ من النتائج الإيجابية على قطر، بناء ملاعب حديثة رائعة وإنشاء مترو وفنادق جديدة وشق أوتوسترادات حديثة، وهذا سينعكس خيراً ورفاهية على أبناء قطر وسكانها وضيوفها.
أما في الحديث عن حفل الافتتاح المبهر الذي جاء بمثابة نداء إلى العالم أجمع، خصوصاً إلى المتنازعين من دول الشرق والغرب، وبرز النداء من خلال تلاوة آيات المحبة والإنسانية القرآنية “وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا”، كما أضاف الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر على المشهد الإنساني والحضاري لقطة لم نعهدها في البطولات السابقة، حيث تقدّم ناحية والده الشيخ حمد وقبّل يده وسلّمه القميص الذي كان يرتديه في شبابه مع الإشارة إلى أنه سيتمّ توزيع قمصان شبيهة به إلى جميع الموجودين في ملعب البيت، وفي كلمته أعلن الأمير الشاب رسالة الإنسانية السمحاء، قائلاً: “سيجتمع الناس على اختلاف أجناسهم وعقائدهم وتوجّهاتهم وحول الشاشات من جميع القارات للمشاركة في هذا الحدث، وما أجمل أن يضع الناس ما يفرّقهم جانباً ويتجمّعون، أتمنى لكل الفرق أداءً كروياً ممتعاً، ولكم المرح والتشويق… فأهلاً وسهلاً بالعالم كله في دوحة الجميع”.
هذا، وأقامت اللجنة المنظمة حفل الافتتاح على ستاد “البيت” في مدينة الخور، قبيل انطلاق مباراة قطر والإكوادور التي انتهت بفوز الضيوف (2 ـ 0). واستمر الحفل لمدة 30 دقيقة، وتابع العالم بأسره لقطات مميزة، أبرزها تلاوة الشاب القطري غانم المفتاح من ذوي الاحتياجات الخاصة آيات من القرآن الكريم بحضور الممثل الأميركي مورغان فريمان، وما تضمّنه الحوار بينهما من دعوات صريحة للتحلي بالإيجابية والقيم الإنسانية بين البشر.
ختاماً، مع انطلاق العرس الكروي العالمي، نتمنى أن نشهد على مدى أيام المونديال الاستثنائي، التنافس الشريف المصحوب بالمحبّة والتلاقي على الفرح، ففي دوحة الأمل والصفاء… يحلو التألق الكروي، ومتابعة نجوم العالم على أرض الملعب… في الدوحة ستلتقي الحضارات، وستبرز القيم بأبهى صورها، والناس الذين أتوا من جهات العالم الأربع سيكونون في عيد حقيقي… هو مونديال قطر، الاستثنائي بامتياز، وعلى جنباته الكثير من الرسائل الإنسانية والمجتمعية، هو بحق، منصّة ساطعة بنداء وحيد عنوانه المحبة، ودعوة صادقة للتلاقي والإخاء، وكل الرجاء أن يعمّ الأرض السلام… والسلام عليكم.