هل تصحّ مراهنة وزير الاقتصاد على ضمير التجار
} عمر عبد القادر غندور*
أعلن وزير الاقتصاد أمين سلام أنه لن يوقع ايّ رسم يُضاف الى أعباء المستهلكين بعد العمل بالدولار الجمركي، وقال انّ التجار استغلوا الضعف الرقابي وعجز الدولة عن تغطية جميع المحلات والسوبرماركت، لغرض تسعير بضائعهم الموجودة في مخازنهم قبل السعر الجمركي الجديد، مناشداً الجميع الالتزام الكامل بالدولار الجمركي على المواد التي وصلتهم قبل شهر من صدور قرار الدولار الجمركي، وتعهّدهم ببيع السلع بالسعر الذي سبق إقرار الدولار الجمركي.
أتصوّر انّ «قبيلة» التجار سيقولون بعد سماع كلام معالي وزير الاقتصاد لجهة تحكيم ضميرهم «إجا الفرج» كما سأل القاضي الموقوف بتهمة السرقة: هل تقسم أنك لم تسرق؟ فقال الحرامي في نفسه «إجا الفرج» وأقسم!
طبعاً لا أقصد جميع التجار بالمطلق، بل فيهم رجال عدول يخافون الله ويُحكّمون ضمائرهم، ورجال ثقة وأهل امانة، ولو كان جميع التجار على آثارهم لما عانى اللبنانيون من قسوة أعباء الحياة…
ولأن بعض التجار هذه الأيام لهم مواسم متواصلة على مدار الساعة، ومتحرّرون من كلّ ضوابط الضمير والأخلاق والرحمة ولا حدود لجشعهم، اخترنا هذه الحكاية التي تتحدث عن لص محترف يعمل معه تسع صبيان. في أحد الأيام تسلل هذا اللص وصبيانه الى منزل أحد كبار التجار، وأراد اللص ان يبدأ من إحدى الغرف ففتح بابها وفوجئ بالتاجر يتهيّأ لترك سريره فقال له اللص: استر أهل بيتك، فستر التاجر زوجته ودار بينهما الحوار التالي:
ـ خذ ما تريد ولا تقتلنا،
ـ ما أتينا للقتل.. ما نريده فقط طعام يومنا،
ـ كم عددكم؟
ـ تسع صبيان وأنا…
فأخرج التاجر عشرة اكياس في كلّ كيس ألف درهم وأعطاها للص، فقال اللص:
ـ خذ دراهمك نحن لا حاجة لنا إلا بكيس واحد.
وفيما كان يخرج اللص وصبيانه امتدّت يد احد الصبيان الى صحن على المائدة فيه مادة بيضاء، فمدّ اللص إصبعه ولحس من هذه المادة فوجدها ملحاً. فما كان منه إلا ان دفع بكيس الدراهم الى التاجر قائلاً:
ـ بما انني أكلت من بيتك ملحاً فلا يحقّ لنا ان نخون الملح وانصرف مع صبيانه…
هكذا كانت أخلاق اللصوص أيام زمان… وزمان يا أخلاق…
ويقول رب العالمين محذراً من ظلم العباد «فاليوم لا تظلم نفس شيئاً ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون».
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي