المصالح الإقتصادية تجمع العرب مع الصين…
} رنا العفيف
دخلت الصين من البوابة الاقتصادية وبقوة إلى المنطقة، لا سيما من بوابة النفط، حيث أنّ الصين تستهلك حوالي ٢٥ بالمئة من الصادارات النفطية من المملكة السعودية، وعلى وقع المصالح الجمة، تمّ عقد القمم الصينية الثلاث (السعودية والخليجية والعربية)، والتي جمعت أكثر من ثلاثين رئيس دولة ومنظمة دولية.
كيف تنظر الولايات المتحدة الأميركية إلى هذة الشراكة؟ وما تأثيرات هذة الخطوة الجديدة بين العرب والصين على المنطقة؟
طبعاً ليست المرة الأولى التي توقع فيها الصين اتفاقية استراتيجية، أيّ أنّ بعد توقيع الصين اتفاقية استراتيجية على مدى خمسة وعشرين عام مع إيران، ها هي اليوم توقع مع السعودية الدولة المقرّبة من الولايات المتحدة الأميركية اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة، بينما الرياض تحقق اختراقاً في اتفاق التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، معتبرة أنّ هذه الخطوة ستساعدها على القفز اقتصادياً وفق رؤية محمد بن سلمان.
لكن في حقيقة الأمر هناك معطيات ضمن أطر الطليعة يلعب دور الفارق الذي يتقلص ما بين القوة الاقتصادية للصين وبين القوة الاقتصادية للولايات المتحدة، ما جعل دول الخليج تنظر إلى الأسواق خشية التقارب ربما، أو تغيير السياسة الأميركية جعلتهم في محط أنظار الأسواق وأمور أخرى متبادلة في سياسة المصالح المشتركة، باعتبار أنّ اميركا لا تملك استراتيجية تصفية الملفات في المنطقة، بحسب مفهوم دول الخليج والمملكة السعودية، بقدر ما هي تملك خيارات الفوضى، وبحسب مصادر أخرى تؤكد، أنّ البيت الأبيض لا يملك هذه الاستراتيجيات أو لا تملك مواصفات قياسية تخدم الجميع تجاه هذة الملفات، وعليه يجب أن تعيد الولايات بناء هيكل سياسي جديد يخلصها من مأزق التنافس التي دخلت عليه الصين، إذ أنّ واشنطن تعتبر هذه الخطوة بمثابة تحدّ لنفوذها في المنطقة، لذا كانت نظرة الولايات المتحدة لهذه الشراكة، بمثابة رسائل مفادها، أن لا يمكن للدول العربية أن تعتمد على الولايات المتحدة، لأنّ طريق الحرير وعلاقات الصين في المنطقة باتت أقوى…
أما في ما يتعلق بالردّ الأميركي، إزاء هذه الشراكة، فقد أفادت مصادر أنّ الولايات المتحدة لن تخوض حرباً في الشرق الأوسط، خاصة بعد تجربة عاصفة الصحراء، ولن تتحمّل تكاليفها مرة أخرى، ولكن لا أحد يثق بقرارات الولايات المتحدة، خاصة عندما يشوبها إفلاس سياسي، قد تضطر لاستخدام ملفات أخرى تحارب بها الدول التي تعارضها لأهداف سياسية، كنوع من التأديب…
إّن… يبقى السؤال: من سيختار العرب والدول العربية؟ أميركا التي تتراجع في المنطقة وفي العالم، أم الصين التي أصبحت قوة اقتصادية ضخمة في العالم؟ وبالتالي عندما تجتمع المصالح تتغاضى أطراف بعض الخلافات على حساب دول أخرى، خاصة إذا كان الأمر متعلقاً بالنفط وتحديداً الولايات التي لا تشتري النفط وإنما تبيع النفط للأوروبيين، أيّ لم تعد تشتري النفط، ومن يشتري الحصة الأكبر لدى العرب هي الصين والولايات المتحدة المنحازة لـ «إسرائيل»، لتبقى قضايا العرب معلقة بين فكي كماشة الغزو الأميركي…