من هم السياديون الحقيقيون؟
د. عدنان نجيب الدين
تعمل القوى المعارضة للمقاومة على تحميلها مسؤولية انهيار الأوضاع في لبنان وتبرّئ نفسها من مسؤولية الكارثة الوطنية التي حلت بهذا البلد نتيجة السياسات المتبعة من السلطات التي تعاقبت على الحكم طيلة العقود الثلاثة الماضية. فلنفحص صحة هذا الادّعاء من خلال قراءة موضوعية للوقائع وليس من خلال الانحياز الأعمى الذي يحرفنا عن جادة الصواب.
ولنسأل هنا كلّ طرف ماذا حقق خلال الفترة التي أعقبت اتفاق الطائف وما هي الحلول العملية التي قدّمها أو أنجزها.
أولاً ـ في ما خص المقاومة
1 ـ لا يختلف اثنان على حقيقة أنّ المقاومة، وبفضل الجهود الجبارة التي قامت بها، والتضحيات الجسام التي قدّمتها وآلاف الشهداء والجرحى قد حققت أول انتصار عربي على الكيان الصهيوني من خلال دحره وإجباره على الانسحاب من لبنان بعد احتلال دام حوالي عقدين من الزمن.
2 ـ بدأت المقاومة الاسلامية إنخراطها في العمل السياسي منذ التسعينات من القرن الماضي، وذلك بدخولها البرلمان عبر انتخابات دورية وحصلت على كتلة وازنة من النواب. كما شاركت في حكومات متعددة منذ العام 2005، واقتصرت مساهمتها على تمثيلها بوزيرين في كلّ حكومة ولكنها بقيت بعيدة عن التحاصص في الإدارات إلا في ما ندر. وكان همّها الأول بعد أن ثبتت شرعيتها الوطنية من خلال التحرير هو أن تؤكد حضورها وشرعيتها سياسياً من خلال البيانات الوزارية التي كانت تقرّ بطريقة أو بأخرى استمرار المقاومة في دورها الحمائي للبنان والتصدي الميداني للعدو كلما فكر في الاعتداء على هذا البلد. وهذا الإقرار ليس سوى تطبيق لشرعة الأمم المتحدة وحقوق الإنسان بحق الشعوب بمقاومة ايّ غاز أو محتلّ.
3 ـ لم تشارك المقاومة في منظومة الفساد بالرغم من أنها شاركت في الحكومات، وهذا ما يشهد لها به الجميع وكلّ عاقل ومراقب موضوعي.
4 ـ حرصت المقاومة من خلال سلوكها الوطني على عدم الانجرار إلى ايّ فتنة في الداخل اللبناني لأنها تعتبر أنّ ايّ دم يسيل في غير موضع مواجهة العدو “الإسرائيلي” هو دم حرام ويجب تجنّبه لانّ الدماء مسؤولية شرعية ووطنية ويجب الحفاظ على السلم الأهلي.
4 ـ المرة الوحيدة التي اضطرت فيها المقاومة لعملية ميدانية سريعة في الداخل اللبناني كانت لمنع فتنة يعمل عليه بعض أصحاب السلطة استجابة لأوامر خارجية في السابع من أيار عام 2008 وذلك إثر القرارات الدونكيشوتية التي اتخذتها الحكومة يومذاك بالتعرّض لسلاح المقاومة، وكان هناك مسلحون تحت عناوين “شركات أمنية وحراسة” مجهّزين لإثارة اضطرابات وفتن بين المواطنين تصدّت لهم المقاومة، وكان المخطط يقضي بزجّ الجيش اللبناني في مواجهة معها، كما كان يمكن أن تجرّ البلاد إلى حمامات دم ومآسي لا يستفيد منها إلا العدو الاسرائيلي الذي يتربّص بلبنان وبالمقاومة ويريد الثأر منها لهزيمته في عام 2000 ايّ عندما اندحر مذلولاً على أيدي المقاومين عن تراب الوطن.
5 ـ سعت المقاومة وتسعى دائماً إلى لمّ الشمل وتشجيع الحوار بين اللبنانيين والانخراط في أكثر من جولة حوار والتواصل مع مختلف القوى التي ترغب بتلقف اليد التي تمدّها المقاومة للجميع على قاعدة حماية لبنان وسلمه الأهلي وإيجاد سبل الإصلاح ومكافحة الفساد.
6 ـ تصدّت المقاومة لموضوع الفساد من خلال دراسة الخلل في أداء بعض المسؤولين، وقامت بالتقصي وإعداد ملفات تكشف فيها مواضع الهدر والسرقات وقدّمتها إلى القضاء الذي لم يعالجها حتى الآن، لكنها تنزهت عن التشهير وكيل الشتائم ولجأت إلى المحاسبة عبر القانون تاركة للقضاء أن يحمل مسؤولية التحقيق ومحاسبة الفاسدين. وطبعاً كان تصرفها حكيماً لأنه منع الانجرار للصراعات التي هي في غير محلها منعا للفتنة وسفك الدماء.
7 ـ وقفت المقاومة إلى جانب شعبها الذي عانى وما زال من انعدام الخدمات التي هي من مسؤولية الدولة، فأقامت مؤسسات تربوية واستشفائية واجتماعية. ومع بدء الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي تحدت الحصار الأميركي على لبنان وأدخلت كميات من المحروقات والأدوية والمواد الغذائية التي استقدمتها من الجمهورية الإسلامية عبر سورية وكانت تلك ثغرة فتحتها في جدار الحصار وحققت المطلوب منها في زمن شحّ هذه المواد في فصل الشتاء وكان المستفيد منها كلّ محتاج ولم تفرق بين منطقة وأخرى أو طائفة وأخرى.
8 ـ أما على الصعيد العسكري، فقد تصدّت المقاومة ببسالة وشجاعة وتصميم نادر للآلة العسكرية الصهيونية أثناء هجومها على لبنان في العام 2006 وكبّدت العدو خسائر فادحة في المعدات والجنود، فاضطر إلى أن يوقف الحرب وينفذ ولو بشكل غير كامل قرار مجلس الأمن رقم 1701 بالانسحاب الى خلف الحدود، ومن وقتها لم يعد يجرؤ على شنّ ايّ عدوان واسع رغم الخروقات اليومية.
كذلك ذهبت المقاومة إلى سورية لمقارعة الإرهابيين والتكفيريين الدواعش الذين نظمتهم ودرّبتهم وسلحتهم قوى إقليمية غربية على رأسها الولايات المتحدة الأميركية لتدمير المنطقة وتفتيتها، واستطاعت المقاومة هزيمتهم هي والجيش العربي السوري مستندين الى الدعم الإيراني والروسي ومنعتهم من التمدّد داخل لبنان. وهكذا حفظت الحدود وانتقمت للشهداء من الجيش اللبناني ومن المدنيين الذي قتلتهم داعش.
10 ـ لعبت المقاومة وصواريخها المتأهّبة ومُسيّراتها التي أطلقتها فوق كاريش، دوراً في اتفاقية الترسيم البحري، وأجبرت الولايات المتحدة والكيان “الإسرائيلي” الغاصب على التسليم للبنان ببعض حقوقه في غازه ونفطه في مياهنا الاقتصادية. ومعروف أنّ أميركا هي التي منعت شركة توتال من الاستمرار في التنقيب، ولا نقول إنّ الأمر أصبح ناجزاً بالنسبة للبنان، لكن المؤكد هو أنّ المقاومة ستمنع العدو من استخراج الغاز في الحقول التي يسيطر عليها إن لم يُسمح للشركات بالتنقيب عن النفط والغاز عندنا واستخراجه وبيعه.
11 ـ لا بدّ من الإضاءة أيضاً على حقيقة أنّ المقاومة، طيلة مسيرتها، لم تكلف خزينة الدولة اللبنانية أية أعباء، حيث كانت الخبرة العسكرية الإيرانية توظف لتدريب المقاومين وتسليحهم ورفع قدراتهم القتالية، وكان المال الإيراني هو من يتكفل بالدعم العسكري وبدفع رواتب المقاومين وتعويضات أهالي الشهداء وطبابة الجرحى.
وكان هذا الالتزام الإيراني تجاه المقاومة وشعب لبنان التزاماً أخلاقياً ودينياً قائماً على مبادئ حقوق الشعوب بمقاومة المحتلين، وذكرت نصوص الدستور الإسلامي في إيران هذا الأمر، وجاءت ترجمته العملية بدعم اي مقاومة ضدّ العدو الصهيوني، سواء في لبنان او في فلسطين، وهذا ما أكدته من خلال دعمها للمقاومة الفلسطينية في معركتها لتحرير فلسطين والقدس الشريف من براثن الاحتلال.
وهنا، لا بدّ من فهم القضايا الكبرى، فتحالف العدوان الأميركي الصهيوني الغربي لا بدّ أن يقابَل بتحالف قوى المقاومة. ولكي لا نكون طوباويين، فإننا نقرّ بأنّ لإيران مصلحة في دعم المقاومة في لبنان وفلسطين لأنّ الخطر الصهيوني المدعوم غربياً لا يقف عند حدود فلسطين، بل هو خطر سرطاني توسعي يهدف إلى الهيمنة على كلّ المنطقة.
ولا نريد الاسترسال أكثر في إنجازات المقاومة، فما أوردناه هو غيض من فيض.
ثانياً ـ ماذا حققت للبنان القوى الأخرى وبعضها الذي يسمّي نفسه “سيادياً” وهو المعارض للمقاومة؟
1 ـ رفعت القوى المناهضة للمقاومة شعار السيادة ونزع سلاح المقاومة.
فعن ايّ سيادة يتحدثون وهم الذين ارتبطوا بمشاريع خارجية لا تخدم إلا العدو الصهيوني. فنحن لم نرهم يوماً قاوموا الاحتلال “الإسرائيلي” للبنان، ولم يرفعوا صوتهم بالإدانة عند خرق العدو للسيادة اللبنانية في البر والبحر والجو، وكأنهم يعتبرون أنّ هذه الخروق حقّ طبيعي للصهاينة الذين يجولون في الأجواء اللبنانية وينطلقون منها لقصف سورية.
ولم نرهم يوماً يقدمون في أثناء مشاركتهم في السلطة على إعداد او المطالبة باستراتيجية عسكرية لدعم الجيش اللبناني بالسلاح الرادع ولم يضغطوا بهذا الاتجاه. وإذا كانوا هم حلفاء الولايات المتحدة، وحريصين على قوة لبنان وسيادته، فكيف يقبلون منها استمرار حجبها سلاح الردع عن لبنان في الوقت الذي لا تتردّد هذه الدولة الحليفة للعدو في تزويده بكلّ ما يلزم لفرض هيمنته على لبنان والمنطقة..
فهل شعار نزع سلاح المقاومة يخدم لبنان أم يخدم العدو؟ ولماذا التماهي مع العدو والولايات المتحدة وسائر حلفائهما في إصرارهم على رفع هذا الشعار؟ ولماذا يذهب البعض منهم إلى استخدام لغة العدو في اعتبار المقاومة إرهاباً يجب مقارعته والتخلص منه.
أليست المقاومة هي التي حرّرت الأراضي اللبناني المحتلة وإعادت إليها الأهالي المهجّرين منها، وأعادت سيادة الدولة عليها؟
2 ـ لماذا يساهمون بسياساتهم في إضعاف الموقف الوطني الموحد فيُسيئون إلى المقاومة وشهدائها الذين صانوا الوطن وأعادوا العزة والكرامة لأهله؟ هل من المنطق ان نخاصم المقاومة في لبنان ونتحالف مع الدول الداعمة للعدو فيملي علينا سفراؤهم ما يجب أن نفعله وما لا يجب؟
أليس من العار علينا وطنيين وسياديبن ان يرفض المسؤولون عرض الجمهورية الإسلامية إقامة محطتي كهرباء في لبنان والشروط جداً مُيسّرة، وكذلك عدم قبول هبة الفيول الإيرانية، التي ينتظرون الموافقة الأميركية مسبقاً عليها؟ أليست أميركا هي التي وعدت باستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن ثم اخلفت بوعدها؟
أليست أميركا هي من تملي على مسؤولينا عدم قبول عروض قدّمت للدولة من دول الشرق لإقامة مشاريع البنى التحتية وأولها محطات الكهرباء وشبكة الطرق والقطارات وسائر المشاريع التي يحتاجها لبنان وشعبه، ومن هذه الدول الصين وروسيا، فيما أنّ دولاً عديدة مثل دول الخليج تقيم مع هاتين الدولتين علاقات اقتصادية قوية، ورأينا أخيراً عقد قمم صينية عربية في السعودية وفتح مجالات متعددة لاستثمارات صينية كبيرة في مختلف المجالات.
والأخطر من كلّ ذلك أنّ أميركا التي تمنع علينا قبول هذه العروض ومنها ايضاً المساعدات الروسية والإيرانية، وحتى الهبات، لم تقدّم لنا ايّ عروض من جهتها ولم تقم بمساعدتنا بتنفيذ ايّ مشروع إنمائي ذي قيمة في بلدنا، ولم يجرؤ المسؤولون عندنا على الانتفاضة لكرامتهم وكرامة بلدهم ويخالفوا أوامر سادتهم الاميركيين والغربيين. فهلل تكون السيادة التي بها يتغنون في الجبن وطأطأة الرأس خنوعاً أمام سفراء الدول، بحجة اننا أرسلنا طلباً للأميركيين كي يسمحوا لنا بقبول هبة الفبول الإيراني وما زلنا ننتظر منهم الجواب؟
3 ـ ونسأل هنا أيضاً: ما هي إنجازات هؤلاء السياديين وزمرة الحكام الفاسدين؟ أليسوا هم من ساهموا بسياساتهم الخرقاء، وربما المقصودة، بالانهيار المالي والاقتصادي وسرقة أموال المودعين وافتقار الشعب اللبناني الى أدنى احتياجاته من طبابة وخدمات ورعاية اجتماعية وفرص عمل. فهل من أسّس للاقتصاد الريعي وأهمل قطاعي الصناعة والزراعة والتعليم الرسمي والجامعة اللبنانية يريد السيادة للبنان؟
كما نسأل أيضاً: من يسيطر على المصارف ويملكها؟ من قام بالهندسات المالية التي أغنت المصارف وكبار المودعين الذين حصلوا على أموال طائلة وحوّلوها إلى خارج لبنان؟ ماذا عن الفائدة وإغراءات المستثمرين لكي يوظفوا أموالهم في البنوك بدل المشاريع الإنتاجية؟ من؟ ولمن هي الشركات المسيطرة على استيراد المحروقات، أليست هي شركاتهم؟ ومن يمثل حاكم البنك المركزي؟ أليس هو منكم وبحماية أميركية؟ ومن الذي ضرب قطاع الإنتاج الكهربائي وجعله يخسر، وجعل من لبنان بلد النور والإشعاع بلد الظلام والسرقات، لصالح من يعمل أصحاب المولدات وهم كلهم يتزوّدون بالمازوت من شركاتكم المستوردة لهذه المادة؟ ومن يسيطر على احتكارات استيراد أكثر البضائع التي يستهلكها المجتمع اللبناني ومنها الأدوية أليست هي تحت سيطرتكم وقد شرّعت بقوانين مرّرتموها في المجالس النيابية؟ ومن يسيطر على كلّ هذه الدولة العميقة اليوم ألستم أنتم؟ أين سيادة المواطن اللبناني على حقوقه في وطنه وقد نهبتموها ولم تتركوا له شيئاً؟ وأينكم يا حكام لبنان السياديين، سواء كنتم في السلطة أم خارجها، أينكم اليوم من جوع المواطن وحاجات أطفاله، وأينكم من الرعاية الصحية وفرص العمل، بماذا ستجيبون مواطنيكم؟
5 ـ قد يقول قائل انّ المقاومة التي تشارك سياسياً في الحكومات مسؤولة ايضاً، نعم هي مسؤولة لكن مسؤوليتكم أضعاف أضعاف مسؤوليتها، لأنّ الدولة العميقة التي ذكرنا هي دولتكم أنتم، وأنتم من تديرونها، ولو تغيّرت الوجوه. إذاً، ليس صحيحاً انّ الحكومات التي تشكل في لبنان هي حكومات صنعها حزب المقاومة وإن كان هناك ممن هو حليف لها يشارك فيها، إلا أنّ أغلب القرارات تؤخذ دائماً لمصلحة المنظومة الفاسدة التي أنتم جزء أساسي منها وكذلك بعض من يدّعي انه مؤيد للمقاومة.
6 ـ إذا كنتم أنتم مسيطرين على هذه الدولة العميقة، فماذا حققتم للمواطن اللبناني غير الانهيار التامّ في أوضاعه المعيشية، وما زلتم تربحون الأموال الطائلة على ظهره، وهو يئنّ من الجوع والعوز والمرض. فأنتم لم تحرّروا أرضاً محتلة ولم تبنوا وطناً، فعن ايّ سيادة تتكلمون؟
7 ـ من حوّل أمواله بمئات الملايين بل وبالمليارات من الدولارات الى خارج لبنان، ألستم أنتم من فعل ذلك؟ ومن وضع يده على الشواطئ اللبنانية واستثمرها بشكل شبه مجاني؟ ألستم أنتم يا مدّعي الحرص على لبنان وشعبه، سواء كنتم “سياديين” او “وطنيين”. فالكلّ يدّعي السيادية في لبنان؟
ومن هدر أموال الدولة وحقق أرباحاً كبيرة من خلال السمسرات على مشاريع بعضها وهمي وكانت تلك الصفقات بالملايين ومئات الملايين من الدولارات ثم جرى تحويلها إلى الخارج، هل حزب المقاومة فعل ذلك أم أنتم؟
8 ـ أما الضرائب التي يدفعها الموظف مسبقاً وتحسم من معاشه قبل أن يقبضه، فهل أنتم تدفعون مثله الضرائب على أرباحكم، أم أنكم تتهرّبون من ذلك بذكاء وألف حيلة وحيلة؟ وماذا عن صفقات تعقدونها للتهرّب من مستحقات الجمارك؟ وحتى لا نظلمكم نقول: نعم هناك من يستفيد من هذه الموبقة من كلّ الفئات، ولكن من علّم الناس الحرام؟ أليس المسؤولون الذي يقدّمون بسلوكهم الخاطئ نموذجاً عن الفساد فيقتدي بهم كلّ من تسنح له الفرصة؟
9 ـ وأخطر من كلّ ذلك، أنتم الذين أسّستم النظام الطائفي البغيض، وأنتم السبب في تمزيق النسيج الوطني اللبناني الى مذاهب متنافرة، وبحجة تحصيل حقوق المسيحيين أو المسلمين، هدرتم أموال الدولة وانشأتم زعامات تقودون بها المجتمع اللبناني ليس فقط إلى الخراب بل والى الضياع.
وأخيراً، نخلص إلى أنّ الانهيار الحاصل أنتم مسؤولون عنه، وليس المقاومة التي قدّمت أبناءها شهداء فداء الوطن، ولم تشارك منظومة الفساد في فسادها، بينما أنتم كنتم تغتنون وتثرون على حساب الوطن والمواطن. وهذا عار سيلاحقكم، والتاريخ سيذكركم كأسوأ عصابة حكمت لبنان على عقود خلت حكمت على شعبه بالفقر وبإعدام الفرص أمام تطوره وازدهاره.
أنّ العزة التي حصل عليها المواطن اللبناني من خلال دحره للعدو وتحرير أرضه المحتلة واستعادة سيادته على هذه الأرض، جاءت عصابة منكم لتذله وتغصب حقه في حياة كريمة في وطنه.
وأخيراً نقول: يكفيكم عاراً انّ التاريخ سيكتب أنكم كنتم متخاذلين في الدفاع عن وطنكم لبنان ولم تنصروا شعبه ولم يكن لكم شرف المساهمة في تحرير أرضه من دنس الاحتلال الصهيوني البغيض. لأنكم ساهمتم بتحالفكم مع أعداء لبنان بانهيار اقتصاده وتهديد مستقبله. وعندما يتخلى عنكم حلفاؤكم الأميركيون والغربيون سوف يتركونكم تتساقطون كأوراق الخريف. فما يهمّ أميركا ليس أنتم، بل الكيان “الإسرائيلي”،
اذاً، لستم سياديين، ولستم اهلاً لبناء دولة وطنية مزدهرة تؤمّن لشعبها الحماية والرعاية وآلرفاه والسعادة.
السياديون الحقيقيون هم هؤلاء الأبطال من شباب المقاومة وأهلها الأشراف الذين وقفوا في وجه العدو يقاتلونه حتى إخراجه من أرضهم الطاهرة مهزوماً ذليلاً. هم هؤلاء الشرفاء الذين لم يكونوا جزءاً من الفساد ولم يجمعوا الأموال من استغلالهم للسلطة ويهرّبونها إلى الخارج، هم الذين يوظفون علاقاتهم الخارجية لمصلحة لبنان وحريته وسيادته وليس لملء جيوبهم مقابل التطاول على المقاومة والمسّ بكرامة الشهداء الذين رووا الأرض بدمائهم دفاعاً عن لبنان لا عن مصالح خاصة. هم الذين يقفون وقفة عز في وجه الهيمنة الأميركية ويدافعون عن استقلال لبنان بالدم كلما اقتضى الأمر ذلك.
اما أنتم، فسيذكركم التاريخ بأنكم كنتم شرّ أمة أخرجت للناس.