ماكرون ليلة الميلاد في بيروت ويلتقي بري وميقاتي… حول إدارة الفراغ آخر جلسة رئاسية هذا العام… والجلسات الحكومية مؤجلة حتى العام الجديد القومي : نشعر بأوجاع الناس وندعو للحوار…وفهمي : 3500 منظمة مخترقة للفتن
كتب المحرّر السياسيّ
حسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمر زيارة بيروت ليلة عيد الميلاد، كما نقل «مصدر لبناني موثوق» لوكالة سبوتنيك الروسية ما تبلغته الجهات الرسمية اللبنانية من السفارة الفرنسية في بيروت، لجدول أعمال الزيارة التي ستشمل لقاء كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووفقاً لمصادر نيابية لا يبدو أن ماكرون يحمل بيده شيئاً يعرضه على اللبنانيين كحصيلة لزيارته الى اميركا ولقائه بالرئيس جو بايدن، حيث الحديث عن مبادرة فرنسية وتفويض أميركي، وتصوّر لحل المأزق الرئاسي أقرب للتمنيات منه للوقائع. والأرجح أن ما سوف يناقشه ماكرون يقتصر على كيفية إدارة الفراغ الرئاسي بأقل الخسائر، بانتظار نضوج المناخات لقيام مساعٍ لردم الفجوة بين اللاعبين الداخليين والخارجيين، وتؤكد ذلك وفقاً للمصادر المعلومات التي توافرت عن لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي خلا من أي نقاش في تفاصيل الاستحقاق الرئاسي ويكاد يكون أقرب للقاء المجاملة من لقاء العمل.
في هذا السياق تعقد جلسة الانتخاب الرئاسية لمجلس النواب اليوم، كنسخة مكرّرة عن الجلسات السابقة، خصوصاً بعد سقوط دعوة الحوار التي اطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي نقل عنه نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب قوله، «إن الوقت من أجل أن يكون هناك تفاهم وتشاور محدّد وليس إلى ما لا نهاية، وبعده سوف يكون هناك عمل جدي أكثر ابتداء من العام المقبل»، موضحًا أنّ «جلسة الغد سوف تكون جلسة انتخابية مثل سابقاتها».
آخر جلسة هذا العام تشبه الجلسة الحكومية التي عقدت وأثارت سجالات واسعة، وتؤكد مصادر وزارية أنها آخر جلسة هذا العام، وأن الباب مفتوح الآن للتشاور حول صيغة العمل الحكومي، الذي تقول المصادر إنه بدأ ثنائياً وسوف يستمر على مستوى مجموعات وزارية وربما يتوج بجلسة وزارية جامعة ليست لها صفة انعقاد دستوري، بل لبلورة الأفكار التي تضمن أعلى نسب التوافق حول العمل الحكومي، وتحصّن أي دعوة مقبلة للحكومة تفرضها الحاجة.
بالتوازي انشغلت الأوساط الإعلامية والسياسية بقنبلة فجرها وزير الداخلية السابق محمد فهمي في حوار تلفزيوني قال فيه إن في لبنان أكثر من 3500 منظمة من جمعيات المجتمع المدني مخترقة لصالح جهات خارجية، أو تقف وراءها بالكامل جهات خارجية، ومهمتها صناعة الفتن الداخلية. وهو ما قالت مصادر سياسية إنه سبب كافٍ للحذر والقلق من استمرار الفراغ في ظل تدهور الأوضاع المالية والاجتماعية، بالصورة التي تحدثت عنها معاونة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف، بقولها إنه يجب أن يحدث الأسوأ حتى يتحرك الشارع ويفرض صيغة للخروج من الفراغ الرئاسي، ودعت المصادر الأجهزة الأمنية الى التدقيق في التدفقات المالية لجمعيات المجتمع المدني ومصادرها وأحجامها، خصوصاً ما يهتم منها بشؤون النازحين السوريين، كمدخل للعبث الأمني.
في الشأن السياسي عقدت قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي اجتماعاً برئاسة رئيس الحزب أسعد حردان أصدرت بنهايته بياناً أكدت فيه أنها تستشعر أوجاع الناس وتؤيد الدعوة للحوار للبحث عن حلول.
ودعا الحزب السوري القومي الاجتماعي القوى السياسية الى الاستجابة لدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار، ورأى فيها مخرجاً وسبيلاً لجلوس الجميع على طاولة واحدة والوصول الى قواسم مشتركة تصبّ في مصلحة لبنان وتحفظ استقراره وتصون وحدته الوطنية.
موقف «القومي» جاء بعد لقاء لقيادته برئاسة رئيس الحزب الأمين أسعد حردان بحثت خلاله الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في لبنان، والحالة المعيشية الصعبة التي ينوء تحت وطأتها السواد الأعظم من اللبنانيين.
وشدّد الحزب على أنّ أول الاستحقاقات انتخاب رئيس للجمهورية يُقسم على احترام الدستور، في المحافظة على وحدة لبنان وسلامة أراضيه ويصون علاقاته مع محيطه القومي. ولكن، إلى الآن لا نرى خطوات جدية، فعلى ضفة نرى أوراقاً بيضاء تحرص على التفاهم والاتفاق على رئيس يحترم الدستور، وعلى ضفة يستمرّ وضع العصي في عجلات جلسات الانتخاب.
واعتبر انّ المطلوب رئيس للجمهورية، مؤتمن على الدستور، ولا بدّ من الحوار للوصول الى إنجاز هذا الاستحقاق، وتشكيل حكومة جديدة وتفعيل عمل المؤسسات، كي لا يضيع لبنان في مهبّ عاصفة الأطماع والأخطار.
وأكد الحزب السوري القومي الاجتماعي، وقوفه الى جانب الناس وحمل قضاياهم، ورأى أنّ مطالب الناس لا تتحقق بثورات غوغائية غبّ الطلب، استخدمتها جهات وقوى معروفة لتحقيق أهداف الخارج، فأوصلت لبنان الى المربع المكشوف على كلّ احتمالات الخطر، وقد استفادت من سياسات اقتصادية تكفلت بضرب قطاعات الزراعة والصناعة والإنتاج، ومؤسّسات نأت بنفسها عن تحقيق الإنماء المتوازن وتخلت عن أبسط الواجبات تجاه المواطنين.
في غضون ذلك، وعلى وقع الارتفاع القياسي لسعر صرف الدولار حيث بلغ 43 ألف ليرة للدولار الواحد للمرة الأولى منذ بدء الأزمة، يعقد مجلس النواب الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية لن تأتي بأي جديد يذكر عن الجلسات العشر التي سبقتها، لا سيما بعد إجهاض حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر مبادرة رئيس المجلس نبيه بري الحوارية، وسط ترقب داخلي للحراك الخارجي الذي يجري على أكثر من عاصمة لا سيما بين باريس والدوحة بانتظار تبلور مبادرة قطرية – فرنسية تتحول الى تسوية رئاسية تنهي الشغور الرئاسي بانتخاب رئيس قبل وقوع الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والأمني الذي يتحدث عنه الأميركيون ومسؤولون دوليون آخرون.
وأشار نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة إلى أنّ «هناك أفرقاء لم يقتنعوا بطريقة عقد طاولة الحوار، وفكرة عقد الحوار قبل نهاية العام لا أعتقد أنها واردة»، مشيرًا إلى «أننا لن نخرج من الأزمة الحالية دون أن يكون هناك حوار، وأتمنى أن نصل إلى قناعة بأن نذهب إليه». وكشف أنّ «ما لمسته من رئيس المجلس أن الوقت من أجل أن يكون هناك تفاهم وتشاور محدد وليس إلى ما لا نهاية، وبعده سوف يكون هناك عمل جدي أكثر ابتداء من العام المقبل»، موضحًا أنّ «جلسة الغد (اليوم) ستكون جلسة انتخابية مثل سابقاتها».
ومن المتوقع وفق معلومات «البناء» أن يطلق الرئيس بري موقفاً حاسماً في نهاية جلسة اليوم يتوجه خلاله الى الكتل النيابية كافة بضرورة اللجوء الى الحوار في نهاية المطاف والذي من دونه لن نصل الى تفاهم وتوافق على رئيس جمهورية، ما يفتح المجال أمام تدخلات خارجية تفرض تسوية على اللبنانيين.
ووفق معلومات «البناء» فإن تكتل لبنان القوي سيصوّت بالورقة البيضاء ولن يطرح أي مرشح في هذه الجلسة على أن يحسم موقفه من هذا الأمر مطلع العام المقبل. في المقابل ستبقى خريطة تصويت الكتل النيابية الأخرى على حالها باستثناء بعض التغيير بعدد أصوات النائب المرشح ميشال معوض والورقة البيضاء وظهور أسماء أخرى، كما سيسجل المجلس غياب عدد كبير من النواب بداعي السفر والمرض، إذ علمت «البناء» أن أكثر من 4 نواب مصابين بوباء «الكورونا» أو بـ»الرشح» وسيلتزمون منازلهم حتى تعافيهم.
وإذ وصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مساء أمس، وحضر مباراة منتخب بلاده مع منتخب المغرب في التصفيات النهائية لمونديال قطر 2022، يتواجد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في العاصمة القطرية لحضور المباراة أيضاً ولم يعرف ما إذا كان سيحصل لقاء بين باسيل وماكرون أو لقاءات أخرى يجريها ماكرون أو باسيل مع المسؤولين القطريين بالشأن اللبناني.
وأفاد مصدر لوكالة «سبوتنيك« بأن الرئيس ماكرون سيزور بيروت في 24 كانون الأول ويلتقي الرئيس بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
ويحاول ماكرون وفق معلومات «البناء» جسّ نبض القيادات اللبنانية من قدرة اللبنانيين على التوافق على شخصية رئاسية تترافق مع تسهيلات دولية، كما سيحث ماكرون اللبنانيين على الإسراع بعقد حوار داخلي للتفاهم على رئيس وتأليف حكومة جديدة وإنجاز الإصلاحات المتبقية لاستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي. ويحاول ماكرون بالتزامن إقناع السعوديين بالعودة الى لبنان سياسياً ومالياً وإشراكهم بالتسوية الرئاسية بالتعاون مع القطريين والتفاهم مع الأميركيين.
ويجري التعويل في الكواليس السياسية على الدور القطري – الفرنسي الذي يقود تحالف الشركات لاستثمار الغاز والنفط اللبناني، بإقناع الولايات المتحدة والسعودية بعقد تسوية للأزمة اللبنانية بانتخاب رئيس يحظى بتوافق داخلي – إقليمي – دولي ويجري الرهان أيضاً على حدث هام سيأتي على المنطقة يتمثل بانعقاد قمة عمان التي سيحضرها الرئيس الإيراني وولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي والملك الأردني وربما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وتشكل هذه القمة اول اختبار لإمكانية الوصول الى تسويات في المنطقة لتهدئة حدّة الصراعات الحالية بين المحورين الإيراني والعربي بقيادة السعودية، وتنسحب على لبنان تهدئة بشكل ما وانفراج بالاستحقاق الرئاسي، طالما أنه من دون توافق أميركي – فرنسي على المستوى الدولي وتوافق سعودي إيراني على المستوى الإقليمي لن نخرج من الأزمة والاستحقاق الرئاسي.
وتوقفت المصادر السياسية عند اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس ميقاتي مشيرة لـ«البناء» الى أنها كسرت جليد العلاقة اللبنانية – السعودية وفتحت ثغرة في جدار المقاطعة السعودية للبنان وخطوة على طريق العودة السعودية الى الساحة اللبنانية، داعية الى انتظار انعكاسات هذا اللقاء على الداخل اللبناني.
وأشارت مصادر حكومية مطلعة لـ«البناء» الى أن «مجرد فتح صفحة جديدة مع السعودية بعد فترة طويلة من الانكفاء عن لبنان مسألة أساسية، لكن الأمور مرهونة بجملة اتصالات وخطوات ثنائية، لكن في المرحلة الحالية السعودية تعتبر أن الأولوية انتخاب الرئيس وإجراء الإصلاحات وتشديد واضح بهذه الفترة على أن فرنسا والسعودية ستستمران بتقديم الدعم الإنساني للبنان، أي أن الدعم سيقتصر حالياً على الصعيد اللوجستي والانساني بموازاة البحث بالعلاقة السياسية بين البلدين والذي يأخذ وقتاً»، موضحة أن حصول اللقاء وإعادة احياء هذه العلاقة لا يعني حل الأمور والمشكلات، والعلاقة قيد المتابعة والبحث».
ورأى المطارنة الموارنة أن الاتصالات الدولية والعربية الجارية في الشأن الرئاسي اللبناني، تُعطي مزيدًا من الأمل بوصول المجلس النيابي إلى انتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية. وأسفوا خلال اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للسجال السياسيّ الحادّ حول اجتماع الحكومة الأخير، ورأوا «أنه كان بالإمكان تحاشيه لو أن المسؤولين عالجوا الأمر برويّة وتشاور، وبالحوار البنّاء، بعيداً عن الكيد السياسي، ومع احترام الدستور والميثاق الوطني نصًا وروحاً».
وفي سياق ذلك، تلقّى وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجّار اتصالاً هاتفياً من ميقاتي يبلغه نيّته عقد لقاءٍ تشاوري يوم غدٍ في القصر الحكومي، على أن يبلّغ الوزراء اليوم عبر أمانة سرّ رئاسة مجلس الوزراء.
وكان حجار كشف في تصريح تلفزيوني بقوله «التقيت ميقاتي على هامش أحد الاجتماعات بالسراي وسألته: أين أصبحنا باللقاء التشاوري بعدما كنت أبلغته أمس استعدادنا للحضور، فرد ميقاتي: هلق منشوف».
وأشارت مصادر «البناء» الى أن ميقاتي سيتشاور مع الوزراء غداً بمسألة عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل نهاية العام، على أن يعرض عليهم جدول أعمال يتضمن بنوداً ملحة وترتبط بحياة المواطنين اليومية واستمرارية عمل الإدارات والمرافق العامة. كما علمت أن التيار الوطني الحر سيطلع من وزرائه الذين سيحضرون الاجتماع الوزاري التشاوري على مدى الضرورة بعقد جلسة. ولفتت المعلومات الى أن أكثر من فريق سياسي من ضمنهم حزب الله أبلغ ميقاتي ضرورة التفاهم المسبق بين مكونات الحكومة على أي جلسة لمجلس الوزراء لتفادي التداعيات والسجالات السياسية والطائفية التي اندلعت غداة الجلسة الماضية.
على صعيد الدولار الجمركي علمت «البناء» أنه سيطبق على الكماليات فقط ولن يطال الأساسيات، وتعمل الوزارات المعنية على إعداد لوائح السلع والمواد الغذائية التي سيشملها الدولار الجمركي.
أمنياً، أعلن وزير الداخلية بسام مولوي بعد اجتماع مجلس الأمن المركزي عن وضع خطّة أمنيّة لفترة الأعياد، قائلًا: «سنتشدّد ليلة الميلاد، واتُّخذت كل الإجراءات الضروريّة والاستباقيّة».
وأضاف: نعمل على تخفيف إطلاق النار ابتهاجاً وسنتشدّد في محيط المطار لمنع إطلاق النار العشوائي»، مشيرًا إلى أن «للقوى الأمنيّة الحقّ بالتحرّك التلقائي أمام الجرم المشهود والموقف الرّسمي ثابت بحماية المطار ومحيطه وسمعته ومنع أيّ عمل غير مقبول يحصل فيه أو عبره وسنتصدّى لتصدير الأذى والتهريب عبر المطار».
وأكد أن «الخطّة الأمنيّة في طرابلس نجحت بنسبة مرتفعة و»ما في غطاء فوق رأس أحد» ونُطمئن المواطنين «عَيْدوا بأمان وفرح ومحبّة لأنّ أمانكم مسؤوليّتنا ومسؤوليّة كلّ عنصر أمنيّ وعسكريّ».