الالتزام… والقضية
ربيع الدبس
ليس شأناً عابراً ، حتى في مسيرة الأحزاب العريقة، أن ينضوي ألف شاب وشابة، دفعة واحدة، في موكب النضال الجادّ ومقتضياته . ذلك أن حركة نهضوية، كالحزب السوري القومي الاجتماعي، لا تنخرط فيها عناصر الجيل الجديد على شكل انتسابٍ الى جمعية أو نقابة أو تنظيم سياسي عادي. فالانخراط في جسم النهضة هو انتماء فكري- روحي – وجداني كليّ، يُقسم المقبلون عليه بشرفهم وحقيقتهم ومعتقدهم ، أنه انتماء حصل بكل ايمان وكل عزيمة صادقة، أولاً لأن فِعْل الانتماء يحصل بموجب تعاقد على أمر خطير يساوي الوجود، فيصبح الدم والوقت والجهد والجيب ملكاً للأمة لا للفرد. هذا الالتزام النوعي الجديّ لا يأتي عفوياً أو تلقائياً، بل ينتج عن عملية بنائية منهجية ركناها العقلانية والمناقبية. وقد كثفهما أنطون سعاده بمقولة العقلية الأخلاقية الجديدة، وهي قيمة عليا متأصلة في العقيدة القومية الاجتماعية التي يتحول حامل المفاهيم المريضة في مصهرها تحوّلاً بنيوياً ليغدو انساناً جديداً يسمو بذهنيته وسلوكيته الجديدتين الى الاجتماعية الرفيعة التي هي صِنْوُ الانسانية الأرفع.
ولعلّ الاحتفال الرصين في قصر الاونيسكو، أمس، الذي تقدمته قيادة الحزب ، وازدان بالحضور الشبابي الحاشد ، تحت شعار «قضية تزهو … بجيل يلتزم» والذي تخللته أناشيد ورقصات فولكلورية للفرقة الفلسطينية «حنين» ينم عن أبعاد لا بد من تظهيرها أو الاشارة الى بعضها على الأقل:
1 – البعد التربوي الثقافي الذي يتجلى في مئات المقبلين على نهضة تُحرِّرُ معتنقيها من العصبيات التفكيكية المتخلفة وتزرع فيهم فكرة الأمة، بالمعنى السوسيولوجي الذي كان غائباً عن حياة معظمهم في مرحلة ما قبل التعرف الى البيئة الجديدة الحاضنة التي تمثل ولو بشكل مصغّر نموذج الدولة المدنية اللاطائفية القائمة على أساس المواطنة الحقيقية.
2 – البعد القومي الذي يختلط أحياناً بالبعد الوطني أو يلتبس فيه. هذا البعد المفصلي يوجه عناية الشباب الى الشأن الاجتماعي العام. ويتضمن في ما يتضمنه تنمية الوجدان القومي، وتجذير مفهوم السيادة القومية، والاستقلال الثقافي، وتأصيل خيار المقاومة وممارسته بالاقتناع الكامل والعطاء الأكمل.
3 – تصويب البوصلة بحيث يتحدد العدو من الصديق، والخائن من المواطن الصالح، والمخلص من الانتهازي، والذي يشهد له تاريخه ممن يشهد عليه التاريخ.
4 – البعد الأخلاقي الذي لعلّه، بمنظومته القيمية الشاملة، أثمن ما تقدمه النهضة القومية الاجتماعية من تكريس الحق، وتنكيس الباطل، والعمل على تسديد حاجات الأمة، والأخذ بمشروع ارتقائها الى قمم المجد والفلاح.