الفلسطينيون في الداخل والضفة والتاريخ المشتبك…
} حمزة البشتاوي*
لا تغيب عن ذاكرة الفلسطينيين في خضمّ الأحداث الصعبة، قدرتهم على صناعة النصر من خلال وحدة المصير والهدف، ويتذكّرون كيف هُزم نابليون على أسوار مدينة عكا بمشاركة أهالي نابلس الذين قاموا بإحراق طريق نابليون عبر إضرام النيران وحرق الأعشاب البرية في الجبال لإيقاع الخسائر في صفوف جيش نابليون، ومنذ ذلك الوقت سُمّيت نابلس بجبل النار، ويتذكرون بحرقة طازجة كيف كان اللاجئ الفلسطيني يسعى مشتبكاً كي يعود إلى بيته بالدوريات الفدائية سيراً على الأقدام أو في المراكب البحرية أو بالطائرات الشراعية، قبل أن تدور عليه الدوائر ومربعات الانقسام ومستطيلات الأزمات المتعددة.
ويدرك الفلسطينيون أيضاً أهمية الوحدة والتمسك بالأرض والذاكرة والتاريخ المليء بحكايات الاشتباك في سياق سباق المارتون الكفاحي المستمر منذ بداية الصراع. والذي يخوضونه اليوم حاملين راية المقاومة من خلال أشكال وأساليب متعدّدة ومنها الحراكات الشبابية في الداخل والمنتشرة في الشمال والمثلث والمدن المختلطة والنقب لمساندة القدس والضفة وغزة بفعاليات مشتبكة تصل إلى حدّ الهبّة وقد تصل في العام المقبل إلى حدّ الانتفاضة في وجه الجيش والمستوطنين الذين يعملون على طريقة عصابات الهاغاناه والبلماخ والإيتسل من خلال وجودهم في الحكومة بشخصيات مثل بن غفير وسموتريتش اللذين سيعملان على نشر الجيش والوحدات القتالية في أحياء المدن والبلدات في الداخل كما حصل خلال هبّة أيار عام 2021، لمنع أيّ حراك خاصة حين حدوث تصعيد كبير في القدس او حرب على أيّ جبهة من الجبهات.
أما في الضفة اليوم فإنّ حالة الاشتباك تشهد ارتفاعاً في عدد ونوعية العمليات رغم الاعتقالات والاغتيالات ضد قادة الخلايا والمجموعات الجديدة التي ينظر إليها بإعتبارها حركة مقاومة جديدة مشتبكة في الميدان وخاصة في نابلس وجنين وطولكرم والخليل وكافة مخيمات الضفة حيث ولدت مجموعات شابة غير مؤطرة فصائلياً تدعو لتحريم سفك الدم الفلسطيني وعدم الصدام مع السلطة أو أيّ فصيل ووضع كلّ الخلافات جانباً والتركيز على إدامة الاشتباك مع الاحتلال، وهذا ما يفسّر اتساع شعبية هذه المجموعات وترقب الكثير من المفاجآت منها في الآتي من الأيام.
ويتوقع ان يتكرّر التاريخ المشتبك نفسه مع الاحتلال كما حصل في هبّة البراق عام 1929 والتي حصلت بسبب الاقتحامات في القدس من قبل المستوطنين الذين سيصعدون من اعتدائهم خاصة على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، وهذا ما سوف يفجّر بركان الغضب الفلسطيني في الضفة والداخل ويشهر مجدّداً سيف القدس في غزة وفي كافة الساحات المشتبكة.
*كاتب وإعلامي