أخيرة

دردشة صباحية

عندما تفقد الألفاظ حضورها
يكتبها الياس عشّي

 

الألفاظ التي يكثر التداول بها تخلع ثوبها الجديد، وتدخل في الابتذال، وعلى صنّاع الكتابة أن يخترعوا ألفاظاً أخرى تناسب الذوق الحضاري.
من هنا سعى المبدعون دائماً إلى “إنشاء” يطبع أسلوبهم بطابَعهم الخاص، مردّدين ما قاله الجاحظ في مقدّمة كتابه الحيوان: “المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العربي والبدوي والعجمي، وإنما الشأن في إقامة الوزن وتحبير المعنى”.
وما يُقال في الأدب وغيرِه من الفنون، يُقال في السياسة أيضاً؛ فلفظة “الحرّية”، على سبيل المثال، تنازلت عن عرشها، ليتربّع فوقه الفوضويون الذين لم يستطيعوا أن يحدّدوا شكل الحرية التي يسعَون إليها. وما فائدة الحرية إذا كان الوطن مطارداً، ومرتهناً لإرادة دول أخرى؟ ألم يقل أنطون سعاده: “إنْ لم تكونوا أحراراً من أمّة حرّة، فحرّيّاتُ الأمم عار عليكم”؟
ولفظتا “مجلس الأمن” اسم مركّب مصاب بعمى الألوان! مَهمّته الوحيدة أن يستهدف كلّ دولة لا تنفّذ الإملاءات الأميركية، ولا توافق على مخططاتها الاستعمارية. فقد “مجلس الأمن” كلّ المعاني السامية التي، على أساسها، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أمّا لفظة “المعارضة”، فحدّث ولا حرج؛ ولو أحصينا هذه اللفظة في وسائل الإعلام لأصبنا بالملل. وعلى الرغم من هذا التكرار يبقى السؤال: علامَ يعترضون؟
أيها السادة، دعونا نعبر لكلمات أخرى تليق بما يجري من حولنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى