دبوس
الظاهر والباطن
ليس كلّ ما يلمع ذهباً، وإذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن انّ الليث يبتسم، وترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسدّ مزير، وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى ان تحبّوا شيئاً وهو شرّ لكم… هذه هي العبرة المستخلصة من قصة الخضر مع موسى، وهو الخضر في الإسلام، ومار جرجس في المسيحية، ويوشع بن لاوي في اليهودية، رجل صالح أوتي من العلم كثيره وعظيمه، وتختلف الروايات عن مكانه وعن عمره، فالبعض يرى أنه يعيش مخلداً لا يموت، والبعض يرى أنه مات مثل بقية البشر، خلاصة قصة موسى معه انّ ما يتبدّى لك من الأمور خيراً، قد يكون شراً مستطيراً في المدى البعيد، وانّ ما قد يبدو لك مؤذياً سيئاً قد يتبيّن لاحقاً انه كان في مصلحتك، وأنه تبعاً لهذه الحقيقة، فلا يجب ان يغرّنّك المشهد الخارجي للناس، والأوْلى أن يكون الواحد منا أكثر حذراً وأكثر تحسّباً من أولئك البالغي الجاذبية في المظهر وفي معسول القول، أوَحسبْتُم ان يتجلّى لكم الشيطان منفّراً بشعاً يبعث على الازدراء والاشمئزاز…
إذن فأين هو المجهود الإنساني في مقاتلة الذات، حريّ أن يكون الشيطان جذاباً شديد الجاذبية، حتى يمارس الإنسان مجهوداً يُجزى عليه في مقاتلة تلك الجاذبية.
في مملكة الحيوان، تعتبر الأفعى واحدة من أكثر الحيوانات نعومة وتلوّناً وانسيابية، ولكنها تحمل في جوفها سمّاً زعافاً قاتلاً، او كتلة عضلية قابضة مرعبة، أما في مملكة الإنسان فليس هنالك أكثر جمالاً ونعومة وتلوّناً من الإنسان الأنجلوساكسوني، ولكنه في جوفه كلّ شياطين الأرض، ولا يفهم ملفوظاً يدعى القناعة، لديه قدرة على ابتلاع كلّ ما تقع عليه عيناه، ولا يرعوي ولا يكتفي ولا يشبع، كلما امتلأ بأشياء الحياة طلب المزيد، والدليل على ذلك أنه، وفي غفلة من هذه الإنسانية الساذجة، ها نحن نجد أنفسنا وقد امتلك هذا الإنسان الذي لا يزيد عدده عن عشر البشرية، نصف اليابسة، وهو يتطلع الى المزيد، بما يرافق ذلك من عمليات إبادة وقتل وإفناءٍ للبشر.
حذار، حذار… من هذا الانسان القاتل، ومزيد من اليقظة والتكاتف ورصّ الصفوف أيها الناس، فلن يوقف هذا الوحش إلّا توحدنا واستنهاض عبقرية الشرق للجم هذا الوحش، ووضع حدّ لتغوّله ولأنانيته المفرطة، وإلا فعلى الأرض السلام…
سميح التايه