لقاء موسكو أول الغيث
للمرة الأولى منذ أحد عشر عاما ينعقد لقاء رسمي وعلني يضمّ هذا المستوى القيادي من الدولتين السورية والتركية، حيث يشكل اجتماع وزيري الدفاع ورئيسي مخابرات الدولتين بمشاركة روسية على المستوى ذاته حدثا ومنعطفا في مسار الحرب التي تعرّضت لها سورية ولا تزال، وشكلت لها تركيا قاعدة وسندا.
من خمس سنوات والمحاولات الروسية والإيرانية مستمرة لإقناع تركيا بعدم جدوى رهانها على الحرب، ومنذ خمس سنوات لم ينجح مسار أستانا بتمثيل أكثر من هدنة طويلة، رغم الإنجازات التي حققتها المصالحات في جنوب سورية ووسطها وانتهت بنقل آلاف المسلحين وعائلاتهم الى مناطق السيطرة التركية في محافظة إدلب.
العقبة كانت دائماً في وهم تركيا بإمكانية توافر ظروف تتيح تحقيق الأطماع بالبقاء في منطقة شمال غرب سورية، والتوسّع تحت شعار مواجهة خطر الجماعات الكردية المسلحة، نحو شمال شرق سورية، وتقديم ذلك إنجازاً سياسياً داخلياً لصالح تجديد زعامة الرئيس رجب طيب أردوغان.
كانت المقاربة السورية التي فرضت حضورها على الأتراك وتبناها بعد جهد كل من روسيا وإيران، قامت على ركيزتين، الأولى لا يمكن فصل الحل لمنطقتي الشمال السوري شرقاً وغرباً وفقاً للرغبات التركية، في حصر الحديث عن مواجهة الإرهاب في الشرق، وغض النظر عن التشكيلات الإرهابية في الغرب تحت الرعاية التركية، والثانية لا يمكن تجزئة مفهوم السيادة في مواجهة خطر المشروع التقسيمي شرقاً، بما يستدعي اعتبار انسحاب الاحتلال الأميركي شرطاً سيادياً، ويستدعي ربطاً اعتبار انسحاب الاحتلال التركي شرطاً سيادياً، واذا استدعت اللغة الدبلوماسية عدم ذكر الأمور بهذا الوضوح فلا يجب أن يقبل تمييع جوهرها بكلام عام عن السيادة السورية ووحدة الأراضي، فالمطلوب إعلان التزام واضح بالانسحاب التركي من الأراضي السورية والتسليم بأن ضمان أمن تركيا عبر الحدود مع السورية ترعاه القوات السورية الشرعية.
انعقاد لقاء موسكو أول الغيث لانطلاق مسيرة تموضع تركي جديد ونوعي، وتغيير في التوازنات الحاكمة لمنطقة شمال سورية، وفتح الباب لمسار سوف ينتهي حكماً بزوال الاحتلال الأميركي والاحتلال التركي، وإنهاء مشاريع التقسيم وتفكيك تشكيلات الإرهاب، ما يعني أن لقاء قمة ثلاثي روسي سوري تركي لم يعد بعيدا.
التعليق السياسي