كلنا مطالبون بالوقوف مع سورية…
} م. مدحت أبو الرب
منذ أن ارتكبت أميركا جريمة من أكبر الجرائم في التاريخ تجاه العراق من حصار ظالم تبعه حرب احتلاله مما تسبّب في قتل الملايين من الشعب العراقي، ثم الإمعان في تدمير مؤسساته عدا المؤسسات التي ممكن ان توفر ما يمكن سرقته مثل وزارة النفط ووزارة المالية، حيث قامت بحلّ الجيش العراقي ووضع دستور طائفي مستهدفة تدمير نسيجه الاجتماعي المبني على التعايش بين مكوناته.
منذ تلك الفترة كان المطلوب لسورية نموذجاً مشابهاً للنموذج العراقي، يمكن ملاحظته وفهمه من خلال ما طلبه وهدّد به كولن باول وزير الخارجية الأميركي في ذلك الوقت من الرئيس الأسد، الذي رفض بشدة تلك المطالب ومنها قطع العلاقات مع إيران وحركات المقاومة وعدم استقبال الفارّين من العراق من علماء وعسكريين.
من يعرف سورية ويعرف تاريخها كدولة وطنية عروبية يعرف انّ سورية كانت دائماً مميّزة بمواقفها الوطنية والعروبية، وتتميّز بذلك عن بقية الدول العربية بل تكاد تكون الوحيدة التي تواجه الهيمنة الأميركية ومنذ عقود ماضية.
بعد تلك الفترة وفي عام 2006 تمّ استهداف المقاومة في لبنان وكان نصر تموز الذي قال عنه سماحة السيد إنه نصر كان لسورية دور كبير فيه، فهي كانت الظهر والسند ومصدر كبير من مصادر السلاح الفعّال في تلك الحرب.
بعد فشل الكيان الصهيوني في تلك الحرب والتي كانت بقرار أميركي في انطلاقها واستمرارها مدة ثلاثة وثلاثين يوماً.
منذ ذلك الوقت بدأ التحضير لاستهداف سورية ومعاقبتها، فبدأت بعد 5 سنوات وفي 2011 تحديداً الهجمة الشرسة على سورية فدفعت مئات المليارات وجنّد مئات الآلاف من الإرهابيين والمرتزقة للقضاء على الدولة الوطنية في سورية ومحاولة تدمير جيشها وتفكيك نسيجها الاجتماعي الذي يشكل نموذجاً للتعايش بين الطوائف المختلفة على مدى عشرات القرون.
سورية مستهدفة لدعمها حركات المقاومة في فلسطين ولبنان بكلّ ما تملك من إمكانيات فهي وفرت أرضها لتدريب المقاومين وفتحت مخازن أسلحتها لهم ووفرت لهم ملاذاً آمنا يوم لم يجدوا مكاناً آخر يجرؤ على استقبالهم.
سورية مستهدفة لصمودها وعدم تنازلها في القضايا الوطنية او القومية، وهي مستهدفة لأنها تجرّأت على محاربة الهيمنة الأميركية قبل الجميع فهي التي أسّست وأوحت للقوى الحالية التي تحارب التغوّل الأميركي والغربي بإمكانية مواجهة هذه الغطرسة الغربية. وما زيارة الشهيد سليماني لروسيا وإقناعها بالتدخل في سورية إلا نتيجة لصمود سورية وكونها شكلت ذاك الملهم والنموذج للقوة التي تقاوم الهيمنة الأميركية.
سورية مستهدفة لصمودها ورفضها مسار التطبيع المخزي الذي سارت فيه كثير من الدول العربية، وسورية ذات المواقف الثابتة والمتينة ضدّ التطبيع او حتى شبهة التطبيع تستحق من كلّ وطني عروبي مخلص لقضايا أمته يرفض التطبيع ان يقف معها، لأنّ رفض التطبيع والوقوف مع سورية مساران لا ينفصلان فرفض التطبيع ومقاومته لا يختلف عليه اثنان ولا يتناطح عليه ثوران، فكيف لا نقف مع سورية التي ترفض وتقاوم التطبيع بكلّ أشكاله.
سورية انتصرت على الإرهاب وانتصرت على الهجمة الغربية وعلى التكفيريين وكلاء الغرب لذا تعاقب الآن ويعاقب شعبها بحصار ظالم يشمل كلّ مناحي الحياة، ويُضاف إليه سرقة نفطها وتخريب وسرقة منتوجها الزراعي من خلال الجماعات الإرهابية المدعومة من قوى الشر العالمي.
سورية مستهدفة في اقتصادها ولقمة عيشها بعد ان انتصرت على التكفيريين ووكلاء الغرب الإرهابيين.
فأميركا هزمت في سورية وجرّبت كلّ ما يمكن أن توظفه في الحرب ضدّ سورية ولم تفلح الا في تدمير الحجر ولم تنجح في تدمير إرادة البشر وتمسكهم بمبادئهم وعيشهم المشترك،
لكن هذا العدو لا يزال يملك إمكانية التخريب من خلال العقوبات الاقتصادية وسرقة الموارد من نفط ومنتجات زراعية.
نقف مع سورية ضدّ هذه الحرب الظالمة ونطالب برفع العقوبات عنها لأنها تستحق ذلك ولأنها الصوت العربي العالي وأول من رفض الهيمنة وقاوم التطبيع، وهذا ما نتوقع من كلّ عربي وطني حر غيور على أمته.