رياضة

مدينة البصرة العراقية تستضيف كأس الخليج في كرة القدم… حدث كروي يؤشّر إلى الأمل والتعاون

سارة السهيل

تحتضن مدينة البصرة عرس الكرة الخليجية، الذي يعود إلى العراق بعد 44 عاماً، ويعود به العراق إلى حضن الخليج، ويعود الخليج إلى جزء أصيل منه وهو العراق.
متابعاتي لهذا الحدث الكروي لطالما أثلجت صدري، وأنا أرى جاهزية البصرة لاستقبال الأشقاء من دول الخليج والفرحة تكسو الوجوه وتملأ قلوب أهل العراق شوقاً وحنيناً لإخوانهم الخليجيين والعرب، وفي المقابل انتظار عشاق الدائرة المستديرة من الخليجيين بكلّ شوق وحنين الحضور إلى العراق ومتابعة كأس الخليج على أرض بلاد الرافدين .
إنه حنين متبادل ومشاعر قلبية واحدة لا تفرّق بين عراقي أو كويتي أو سعودي أو إماراتي أو بحريني أو قطري أو عُماني أو يمني، انها لحمة عربية خليجية واحدة فرّقتهم ظروف سياسية وأمنية وتحديات دولية، ولكن عندما تحين لحظة اللقاء يكون العناق وتجاوز كلّ العثراث السابقة.
فما أجمل ان نعبر الحواجز، ونفتح مغاليق الأقفال، ونمضي في طريق عربي واحد موحد، رغم تباينات عالم السياسة، خاصة أنّ العراق قد تجاوز أزمته الطائفية وعبَرها بشكل مطمئن، وحتى الفساد بدأت بوادر إطفاء شرارته من قبل رئيس الوزراء العراقي الحالي وفريق العمل معه الى جانب الجهود المبذولة لدحر الفساد، وهو ما يعني انّ الارض مهيأة ومعبّدة للتلاقي الخليجي العراقي، والعمل سوياً على دفع العراق في جهوده لاستعادة دوره الخليجي في أمن واستقرار شعبه والشعوب الخليجية معاً سياسياً واقتصادياً وامنياً.
نعم انه في ظاهره مجرد حدث كروي رياضي، لكنه يحمل في طياته العديد من علامات الأمل وبشائر الوحدة الخليجية وعودة العراق إلى حضنه الخليجي خاصة والعربي عامة، وشمل الأسرة الخليجية وجمع ضالتهم، بعد سنين عجاف من الفرقة والتشظي والمخاوف الخليجية من الصور الذهنية التي رُسمت ضدّ العراق من إرهاب او من مخلفات نظام سياسي سابق كانت بعض دول الخليج لا تتوافق معه .
لا شك انّ حضور نجوم الكرة الخليجية سيدعم هذه البطولة ويحقق نجاحها للعراق ولدول الخليج معاً، وسيدعم رسالة العراق الآمن من الإرهاب والتشظي، خاصة أنّ كلّ العراقيين بكلّ أطيافهم السياسية والحزبية يقفون خلف إنجاح هذه البطولة، وهو ما ينعكس إيجابياً لفتح آفاق العلاقات الاقتصادية الخليجية مع العراق.
صحيح انه مرت سنوات طويلة على العراق ولم تجد يد العون تمتدّ له من أشقائه، وهو يخوض معارك قاسية من الصمود في وجه تحديات أثّرت بدورها على الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، وانْ كان لدول الخليج العذر في مواقفها، أما اليوم فقد انفتحت طاقة جديدة من الأمل للمّ شمل العراق على الخليج عبر هذا الكأس الكروي المستمرّ من 6 حتى 19 كانون الثاني.
البشائر تتجلى ونحن نستقبل عاماً ميلادياً جديداً تشتدّ فيه عواصف دنيا المال والاقتصاد، ويسعى فيه العراق لتضميد جراحه النازفة خلال السنوات الماضية ودعم استقرار أرضه ومحاربة الفساد لتحقيق الأمن السياسي والاقتصادي لشعبه، واستثمار موراده الطبيعية من نفط وزراعة وغيرها لمواجهة أية أزمات عالمية محتملة من نقص غذاء وما شابه.
بينما تفتح دول الخليج صفحة جديدة مع العراق عبر هذا الكأس، ومن خلاله يعبرون الخلافات القديمة، ويلتقون معاً على المصالح الحيوية السياسية والأمنية والاقتصادية بما يحقق استقراراً وأمناً لشعوب الخليج جميعاً.
فالأزمات العالمية الراهنة والناتجة مؤخراً من الحرب الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من نقص في توريد الغذاء ومستلزمات الإنتاج ومن ثم ارتفاع السلع والمنتوجات المختلفة، علماً بأنّ معظم دول الخليج تستورد غذاءها من الخارج، تستدعي وحدة الصف الخليجي، والعمل معاً على تجاوز هذه الأزمة العالمية والتعاون في إقامة اقتصاد خليجي قوي قادر على تحمّل الصدمات العالمية والمنافسة ايضاً.
كنت أتمنى على منظمي البطولة في العراق، لو توسّعوا في تغطيتها ودعمها عربياً أكثر، بدعوة كتاب ومثقفين وفنانين عرب وإعلاميين من مختلف الدول العربية وهو ما يُسهم أكثر في إنجاح هذه البطولة الكروية، وإبراز الجهود العراقية المبذولة في التنظيم .
أتمنى بطولة ناجحة ومتعة شيقة لكلّ عشاق الكرة المستديرة بالخليج والدول العربية، وان تستثمر البطولة الكروية الى بطولة تجاوز خلافات الماضي والارتفاع عن أشواك تباعد المصالح، والالتقاء على وحدة المصالح ووحدة الصف الخليجي وحدة المصير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى