مقالات وآراء

هل حان الوقت لإلغاء الطائفية السياسية؟

‭}‬ عمر عبد القادر غندور*
دخل لبنان الأسبوع الأول من العام الجديد وكلّ شيء على حاله، ولا رائحة حلول للاقتصاد الذي يلفظ أنفاسه، ولا الانهيار المالي على موعد مع الخلاص، ولا الأزمة الصحية على موعد مع الشفاء، ولا الثقة المفقودة بين الناس والسلطة الى استرخاء! ولا سبيل لحكومة تصريف الأعمال أن تقوم بأيّ شيء.
ولو أردنا أن نفكك أزماتنا عقدة عقدة لفشلنا ولو استنجدنا بالخبراء والاختصاصيين لفشلنا أيضاً! لأن لا أحد في لبنان يثق بالآخر! وبالتالي لا يمكن حلّ مشكلاتنا طالما نحن نلجأ الى الأشخاص الذين أوجدوا المشاكل، مثل الذين يدفنون رؤوسهم في الرمال كالأنعام.
وقد أعجبني قول للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعبّر فيه عن مثل حالنا «القدرة على حلّ وسط ليست بالأدب الديبلوماسي مع الشريك، بل في مراعاة واحترام المصالح المشروعة لشريكك».
ولعلّ من أهمّ أزماتنا السياسية انّ محترفي السياسة في لبنان يكذبون ويكذبون حتى على أنفسهم، وعن مثل حالهم يشبه الأديب اللبناني جبران خليل جبران فيقول «السياسي المزيّف كالظلّ يسير معي في الشمس ويهجرني إذا حلّ الظلام».
ولا شك أنّ الأزمة العميقة في لبنان، والتي يوصّفها البنك الدولي بأسوأ الأزمات في العالم، تعاظمت كوارثها من عام 1975 حتى الآن نتيجة الفساد والنهب والمحاصصة بين كبار الساسة والانفجار اللانووي في مرفأ بيروت وجائحة كوفيد 19 والأزمات المتراكمة والمتداخلة بات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، ومن ثم تعاظمت الاختلافات بين أقطاب السياسة حتى بتنا اليوم بلا رئيس ولا حكومة ولا توافق بالحدّ الأدنى، ما جعل الفوضى النقدية والمالية تغذي الانهيار وبلغ التضخم ثالث أعلى مستوى في العالم (167%) بالرغم من الإيرادات التي وفرتها السياحة بفضل حضور الملايين من اللبنانيين المهاجرين الى وطنهم في فترة الأعياد.
وفي زحمة هذا الانهيار لا ننسى دور القطاع المصرفي الذي حجز أموال المودعين بالتنسيق مع المصرف المركزي «حاميها حراميها»!
أما كيف الخروج من أزماتنا المتوالدة؟ لا نرى بداً من التسويات الطائفية ريثما تتوفر عوامل جديدة تنتج تسوية جديدة، ولما لم يكن لبنان بمنأى عن تقلبات الصراعات في المنطقة، لا بل هذه التقلبات كان لها دور في ضبضبة الكيان اللبناني واستمراره؟ ومن خلال القراءة التاريخية والخارجية التي أرست قواعده، يمكن التصويب على العوامل التالية:
ـ النظام في لبنان قائم على توازنات وثيقة.
ـ قدرة كلّ طائفة على حماية مصالحها عبر ممثل يعطيها الغطاء الطائفي والوطني وتعزز موقفه عند حصول التسويات السياسية.
ـ الاعتراف بأنّ اشتداد الأزمات لم يكن يؤدّي الى عملية إصلاح النظام السياسي والمالي بدليل فشل انتفاضة 17 تشرين الأول 2019.
ولذلك ينبغي العودة الى مؤتمر بين الممثلين الحقيقيين للطوائف اللبنانية كافة صغيرها وكبيرها للاتفاق على أيّ نظام يريدونه شرط أن يكفّ الجميع عن التدخل في شؤون مسيرة الدولة واعتماد الكفاءة والنزاهة في تسيير الوزارات والإدارات الرسمية وانتخاب مجلس النواب من خارج القيد الطائفي وتشكيل مجلس شيوخ تطبيقاً لاتفاق الطائف.
هل حان الوقت…؟
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى