متغيّرات إقليمية تنشّط الياسمين الشامي
خضر رسلان
بدأت التصريحات الروسية والإيرانية المشجعة والداعمة بالظهور على الإعلام، حول الاتجاه للتسوية بين سورية وتركيا بعدما ورد على لسان الرئيس التركي قوله: «يتوجب علينا الإقدام على خطوات متقدمة مع سورية»، وما ورد على لسان وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو لصحيفة الأناضول التركية أشار فيه الى أنه أجرى «محادثة مع وزير الخارجية االسوري فيصل المقداد، على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد في تشرين الأول الماضي»، مؤكداً «أنّ السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة هو الحلّ السياسي، والقضاء على الإرهابيين دون أيّ تمييز بينهم، وتحقيق اتفاق بين النظام والمعارضة، وتركيا تدعم هذه الخطوات».
ما هي أهمّ التداعيات للتسوية السوريّة- التركية؟
1 ـ الحدّ من قدرة الأميركي على المناورة:
انّ أيّ تطور إيجابي في العلاقات بين سورية وتركيا وخاصة في مسألتي الأكراد والمجموعات المسلحة يحتم تضييق هامش العبث الأميركي في سورية ويساعد في إخراجه منها، وهو هدف يتشارك فيه الروس والإيرانيون وسيؤدّي الى تغيير الموازين والظروف وتقليص التناقضات التي يستفيد منها الأميركي لتمديد فترة بقائه في سورية تحت حجج وذرائع واهية وأبرزها:
أ ـ محاربة داعش وأخواتها:
انّ مفاعيل أيّ تسوية بين تركيا وسورية تتضمّن خروج العناصر المسلحة من سورية ستؤكد انتفاء ذريعة بقاء القوات الأميركية في سورية التي تحت عنوان محاربة داعش تتحكم في عملية سرقة ونهب الحقول النفطية والغازية في شمال شرق سورية في وقت تعاني سورية أزمة كبيرة في المشتقات النفطية كالغاز والمازوت والبنزين، والمواطن بأمسّ الحاجة لنفط بلاده.
ب ـ ذريعة حماية الاكراد
أية تسوية سوريّة ـ تركية، بالتنسيق والتكامل مع روسيا وإيران متوازية مع تفاهمات حقيقية، يمكن أن تنهي الاستثمار الأميركي في القضية الكردية على المنطقة بأسرها، كنقطة صراع إقليمي ودولي، يتمّ استخدامها كلغم دائم لزعزعة المنطقة متى شاؤوا فضلاً عن القضاء على الحلم «الإسرائيلي» بتقسيم دول المنطقة الى كانتونات قومية وطائفية.
ج ـ عودة النازحين السوريين وسقوط رهان إسقاط الدولة السورية
في الوقت الذي أعلنت فيه تركيا عزمها توسيع برنامجها الخاص بمساعدة السوريين على العودة إلى وطنهم متذرّعة في ازدياد وتيرة وجود العدائية من الأتراك تجاه اللاجئين السوريين فإنه في المقلب الآخر يمكن الاستنتاج انّ الرهانات التي تمّ التخطيط لها في الاستفادة من النازحين من أجل إسقاط الدولة السورية قد باءت بالفشل.
د ـ كسر الحصار والبدء بمعالجة أهمّ المشاكل الاقتصادية:
الحدود السورية ـ التركية التي تمتدّ لأكثر من 900 كم، تكاد تكون الجهة الأفضل لكسر الحصار المفروض على سورية، وبلحاظ انّ حدوداً برية بحجم الحدود مع تركيا وتتصل بشكل سهل مع دول، مثل: روسيا وإيران والصين والهند، يمكن أن يكون ذلك نقطة بداية لإعادة الحياة في الاقتصاد بما فيه كسر حصار المحروقات وحلّ أزمة الكهرباء.
2 ـ الأثر الإقليمي لتعاظم الدور السوري
لا شكّ انّ نجاح عملية إبرام تسوية سورية تركية تضمن بسط سلطة الدولة السورية على كامل أراضيها بما فيها الاستفادة من حقولها النفطية والغازية سيساعد في شكل كبير في تقلّص آثار العقوبات الاقتصادية والحصار الأميركي باتجاه عودة الحيوية الى الاقتصاد السوري. وهذا ما سيساهم في نهضة الدولة السورية التي تنهال عليها مروحة كبيرة من الاتصالات الدولية والعربية والخليجية منها بشكل خاص وتهدف الى تطوير العلاقات مع دمشق كعنصر ارتكاز مرشح ان يلعب دوراً بارزاً في العديد من الملفات الإقليمية سواء في ترطيب العلاقات الإيرانية السعودية بما فيها التطورات في اليمن ولبنان، او في غيرها من الملفات الشائكة والتي منها ملف النازحين السوريين وترسيم الحدود مع لبنان فضلاً عن إعادة تفعيل العلاقات التاريخية بين البلدين يقودها رئيس مواصفاته لا تكتمل إلا بالعطر المقطر من شجر الياسمين العتيق المسيّج بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.