قمة أبو ظبي بدون السعودية والكويت؟
ناصر قنديل
– كان المشهد جديداً على مجلس التعاون الخليجي، فأبوظبي تستضيف قمة خليجية مع مصر والأردن دون حضور السعودية والكويت، وسط صمت إعلامي وسياسي عن تفسير أسباب الغياب، حيث سبق أن انعقد مثل هذا اللقاء دون قطر لكن بحضور سعودي، في أيام الأزمة التي أدت إلى قطيعة طويلة وحصار اقتصادي على قطر، قادته السعودية والإمارات قبل المصالحة التاريخية التي أعادت العلاقات الإماراتية السعودية مع قطر، اللافت هو حضور البحرين التي تتأثر قيادتها أكثر من سواها بالموقف السعودي، ومشاركة عمان التي تحرص على عدم التموضع في أي حلف لا ترضى عنه السعودية، خصوصاً أن الاجتماع يجري تحت اسم مجلس التعاون الخليجي، ما يعني أن السعودية تعرف بمضمون ما سيبحث في اللقاء وترغب أن تنتظر النتائج، ولم تدعُ لمقاطعته.
– حضور مصر والأردن لا يعني أن الموضوع مصري او اردني، على صلة بالملفات المالية والاقتصادية للبلدين، لأنه في هذه الحالة لا تملك البحرين وعمان ما تقدمانه، ولن تحضرا لتشكيل حلف يغضب السعودية إذا كان هناك موقف سعودي متحفظ على تقديم مساهمات مالية للدولتين، كما قالت بعض التحليلات. وكان الأرجح عقد لقاءات ثنائية مصرية إماراتية ومصرية قطرية، وأردنية إماراتية وأردنية قطرية، بانتظار موقف سعودي إيجابي، هذا إضافة الى أن الموقف الإماراتي الذي يسعى لحجز موقع مستقل في السياسة الإقليمية يقيم حسابات دقيقة بهدف الاحتفاظ بعلاقة تحت سقف ايجابي مع السعودية، وعدم إظهار أي خلاف إلى العلن، بحجم الإيحاء بتشكيل محور بوجهها، وهل تتحمل الأردن ومصر مخاطر الانضمام لمثل هذا المحور، أم تغامر قطر، أم عمان، عدا عن البحرين؟
– الحديث عن فرضية انعقاد القمة لبحث تطورات تتصل بالملف الفلسطيني بربط القمة بانعقاد قمة ثلاثية فلسطينية أردنية مصرية، بهدف توجيه رسالة للقيادة الإسرائيلية لأخذ مخاطر التصعيد في حسابها، غير واقعي لأنه يستدعي حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويفترض حضور السعودية التي كان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان يوجه مثل هذه الرسالة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من منتدى دافوس. هذا عدا أن القمة لم تخرج ببيانها ما يشير الى أن الأمر كان على الطاولة، وهدف يتصل بالعلاقة بما يجري في فلسطين لا ينسجم مع التكتم عليه في البيان، لأن البيان هو أعلى مرتبة فيما تملكه الدول المشاركة من سلاح ضاغط على كيان الاحتلال، خصوصاً أن التحرك لإجراء الاتصالات الدولية لا يستدعي قمة، ويكفيه اجتماع وزراء خارجية.
– الحديث عن فرضية عمل عسكري كبير تعدّ له “إسرائيل” على إيران، خارج التصور العقلي، لا بالنسبة للموضوع نفسه، ولا لاعتباره سبباً مفترضاً للقمة، ولا للغياب السعودي، وحضور البحرين، وربما لو حضرت السعودية والكويت لصار الاحتمال، كسبب مفترض، قابلاً للنقاش وليس العكس، فما يمكن لقادة الدول المشاركة فعله لا يحتاج قمة إن لم يكن البيان هو السلاح الذي قررت القمة عدم استعماله، نظراً لعدم وجود أي اشارة للأمر في البيان.
– الأرجح أن العملية التفاوضية التي تقودها السعودية حول اليمن قد بلغت مراحل حاسمة، كما توحي على كل حال كلمة وزير الخارجية السعودية في دافوس، وكما تقول تصريحات المبعوث الأممي، وما نشرته وكالة بلومبرغ، ووكالة أسوشيتد برس، وأن هناك خلافاً سعودياً إماراتياً في النظر لملف التفاوض كما تؤكد كل التقارير الاعلامية والدبلوماسية، خصوصاً لجهة ضم او عدم ضم مستقبل الجنوب لبنود التفاوض الحالية، والأرجح أن الوسيط العماني الذي استعان بالأصدقاء أصحاب المصلحة بالتوافق السعودي الإماراتي كل لأسبابه، وكان يتمنى المشاركة السعودية، لكن الرياض قررت أن تعطي مجالا للوساطة مع الإمارات للتوصل الى موقف موحد ينجح المسعى العماني التفاوضي، وعندها يمكن استضافة السعودية لقمة أوسع تنضم اليها الكويت تستضيف مصر والأردن والإمارات وقطر والبحرين وعمان، لدراسة أوضاع مصر والأردن والمساعدات المالية، تطلع خلالها الرياض المشاركين على نتائج مسارات علاقتها بإيران، والملف النووي، ورسم الموقف المشترك من تطورات المنطقة في ليبيا وسورية وفلسطين. وهو موقف توضح بعض ملامحه إشارات بن فرحان من دافوس، ولا تبدو مواضيع خلاف مع سائر المشاركين في قمة أبو ظبي.