أوباما للخليجيين: قاتلوا وحدكم إن أردتم

عامر نعيم الياس

طمأن الرئيس الأميركي بارك أوباما الدول الخليجية على استمرار واشنطن بدعمهم على كافة المستويات، خصوصاً ما تعلّق منها بملف التسليح، وهو الأجدى والأنفع بالنسبة إلى الشركات الأميركية، وحتى عرب الخليج المراهنين على حروب تدمير المنطقة. لكنه بالتوازي وجّه انتقاداً غير مسبوق لحكام الخليج، موجّهاً الاهتمام الأميركي إلى الوضع الداخلي في دول الخليج، وضاغطاً من زاوية امتلاك البيت الأبيض عدداً من أدوات ضبط السلوك الخليجي من أي معارضة للاتفاق النووي «فرصة العمر» مع إيران.

ضَغط أوباما ملوحاً بورقة الداخل الخليجي «أكبر خطر يتهدّدهم ليس التعرض لهجوم محتمل مع إيران، بل السخط داخل بلادهم بما في ذلك سخط الشباب الغاضبين والعاطلين، والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم»، هنا يعيد أوباما التلويح بورقة الدمقرطة والمجتمع المدني في وجه منتقديه من حكام الخليج المتحالفين مع فرنسا وتركيا لمواجهة سياساته في المنطقة، فضلاً عن توجيه تحذير مبطّن للملكيات الخليجية بعدم المزايدة على إدارة أوباما في ما يتعلق بالمنطقة. هنا تحضر الواقعية السياسية الأميركية في رؤية الأحداث وتوصيفها، لكن هل تقف الأمور عند هذا الحد؟ وماذا عن سورية وإيران واليمن؟

إن توقيت مقابلة أوباما في صحيفة «نيويورك تايمز» مع الصحافي اليميني توماس فريدمان، يأتي بعد البيان الاتفاق مع إيران، والذي يأتي بدوره بعد سماح الإدارة الأميركية للسعودية بشن عدوان على اليمن. وبالتالي يرسّخ أوباما المعادلة القائلة إن تسهيل العدوان السعودي ـ العربي جاء في جزء منه لتمرير الاتفاق وتخفيف الضغط المتوقع على إدارته في هذا الملف. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فالرئيس الأميركي حاول الغمز من قناة توسيع «عاصفة الجنون» السعودية ـ العربية ـ الخليجية لتشمل سورية قائلاً: «لماذا لا نرى عرباً يحاربون الانتهاكات الفظيعة التي ترتكب ضد حقوق الإنسان أو يقاتلون ضد ما يفعله الرئيس السوري»، فهل يمنح أوباما الضوء الأخضر لتوسيع عمل التحالف السعودي ليشمل سورية؟ هل نحن أمام دعوة صريحة لضرب سورية؟ ماذا عن دور الدول العربية في تحالف أوباما؟

منذ بدء عمليات تحالف أوباما فوق سورية في أيلول الماضي، لوحظ أن التحالف ضمّ عرباً إلى جانب واشنطن، طائرات إماراتية تستهدف «داعش» في سورية، الأمر الذي يثير شكوكاً حول الدور العربي برمّته في حرب أوباما الجديدة. فما الذي سيختلف إن وسّع تحالف السعودية عملياته في سورية؟ ألا تشارك الدول العربية في تحالف أوباما وتقوم بما يجب القيام به؟

الواضح أن أوباما وفي سياق دفاعه عن الاتفاق مع إيران، يسعى إلى التمهيد لإدارة الأزمة في المنطقة والابتعاد عن المواجهة المباشرة مع القوة الإقليمية الضرورية لضمان بعض مصالح واشنطن في المنطقة. وبالتالي تنسحب إدارة أوباما من المواجهة المباشرة عبر دعوة العرب إلى تنفيذ ما يطالبون به الإدارة الأميركية بأنفسهم، خصوصاً في سورية، إذ يدرك أوباما جيداً أن الاختلاف جذري بين سورية اليمن، وأن قصف سورية بطائرات التحالف السعودي من شأنه أن يشعل حرباً في المنطقة لا تقف تداعياتها على الصراع العربي ـ العربي، بل تتعداها إلى «الحليف» إسرائيل والتي لا يزال أمنها ملازماً لكل تصريحات أوباما حول المنطقة. هذا أولاً، وثانياً الاختلاف في القدرات التسليحية للجيش السوري عن نظيره اليمني فضلاً عن تماسك الجيش السوري، أمور منعت الأطلسي من المغامرة في سورية، فهل تستطيع السعودية وأدواتها فتح جبهتين في آن؟ ماذا عن الخلاف المصري السعودي حول مقاربة الملف السوري؟ وماذا عن الموقف الأردني من التورط في عدوان مباشر على سورية وضدّ الدولة فيها؟ ألم يكن الخلاف بين الرياض والقاهرة حول سورية واضحاً، مع تحفظنا على الدور المصري الملتبس في تحالف آل سعود؟

الهاجس الأساس الذي يحكم سياسات أوباما في المنطقة حالياً، تمرير الاتفاق النووي مع إيران، وعلى رغم خلاف تفسير بنود البيان بين إيران و«السداسية الدولية»، إلا أن أوباما يوجّه رسائل إلى جميع حلفائه بضرورة الانضباط في موقفه، وتركه يحافظ على أمنهم الذاتي بطريقته. أما من يريد المواجهة خياراً ولا يرغب بتعهيد أمنه لأوباما بعد الاتفاق مع إيران، فليذهب وحده ويقاتل في الساحة التي يراها تهدد أمنه القومي. فهل تشن السعودية حرباً على إيران وسورية واليمن وربما العراق؟

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى