نقاط على الحروف

من قال إن أحداً يريد الرئاسة بالـ 65 صوتاً؟

ناصر قنديل

ــ تجري محاولة تذاكٍ إعلامية وسياسية لمناقشة الكلام الذي قاله المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل حول الاستعداد للمضي بانتخاب الوزير السابق سليمان فرنجية، إذا توافر له تأييد 65 صوتاً، بصورة لم نشهد مثلها مع تكرار عشرات المرات للكلام ذاته بما يخصّ المرشح النائب ميشال معوض أو من يمثل معسكره. فالكل في هذا المعسكر يقول إن القضية هي بتوافر مرشح يجمع الـ 65 صوتاً، بل إن كثيرين في هذا المعسكر اخترعوا بدعة نصاب الـ 65 التي رفضها رئيس مجلس النواب نبيه بري علناً.
ــ القضية ليست أبداً أن أحداً يريد انتخاب رئيس بـ 65 صوتاً. فالقضية هي بالتحديد بالإجابة عن سؤال أنه إذا توافرت لمرشح رئاسيّ فرصة انعقاد نصاب دستوريّ لجلسة الانتخاب بحضور ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب أي 86 نائباً، ولم يوافق على انتخابه نواب الكتلتين المسيحيتين الكبيرتين، أي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، هل يعتبر انتخابه محققاً لشروط الميثاقية، حتى لو حاز شروط الدستورية والقانونية، والـ 65 هنا هي مفتاح رمزيّ للإشارة للفوز في الدورة الثانية بنصاب الـ 86 وربما بانتحاب 80 نائباً. وهكذا نعيد السؤال، هل انتخاب رئيس بـ 80 صوتاً مع نصاب الـ 86 نائباً، من دون أن يصوّت نواب القوات والتيار له، يُعتبر ميثاقياً وشرعياً ودستورياً، علماً أن بين هؤلاء من النواب المسيحيين ما يزيد عن عدد أي من الكتلتين منفردة؟
ــ القضية هي هنا بالتحديد، والوزير السابق سليمان فرنجية يريد أن يُنتخب بعدد من الأصوات يعطي رئاسته الزخم الذي يتيح له الانطلاق بقوة في بداية عهده، ويترجم موقعه التوافقي في فتح حوار وطني وفتح الباب لتسمية رئيس حكومة توافقي وصولاً الى تشكيل حكومة وحدة وطنية، إذا أمكن، بل إنه يسعى لأن ينتخب من نواب الكتلتين المسيحيتين الكبيرتين، أو إحداهما على الأقل. وهذا ما يسعى إليه حليفاه في ثنائي حركة أمل وحزب الله، والمعادلة هي: هل موافقة إحدى هاتين الكتلتين على اسم المرشح الرئاسي شرط مسبق للترشيح؟ والسؤال موجّه للنائب مروان حمادة الذي أراد الغمز من فكرة الـ 65 معتقداً أنه يخدم مبادرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، التي تسعى للتحرر من القيد المسبق لصدور الترشيح التوافقي عن إحدى الكتلتين، في سابقة يصعب قبولها إلا في نظام فدرالي، وليس تشديد جنبلاط في مبادرته على رفض الفدرالية إلا رفضاً ضمنياً لمحاولة تكريس نوع من التصويت داخل الطائفة على مرشحي الرئاسات التي تعود للطوائف، وهو أصلاً ما لم تحترمه الكتلتان عندما أيّد كل نواب الطائفة الشيعية والكتلتان الشيعيتان الوحيدتان في مجلس النواب ترشيح الرئيس نبيه بري، وصوتت الكتلتان المسيحيتان بورقة بيضاء!
ــ الجميع يعرف أنه إذا توافر لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية دعم 65 نائباً، وتأكد تأمين نصاب الـ 86 نائباً لجلسة الانتخاب، فهذا يعني انه بالإضافة الى كتلتي ثنائي حركة أمل وحزب الله ومؤيدي ترشيح فرنجية المباشرين، الذي يشكلون جميعاً 40 صوتاً، قد تجمع 46 نائباً مستعدون لتأمين النصاب والاعتراف بالنتيجة وهم يعلمون أنها لصالح انتخاب فرنجية، ويعني أن من هؤلاء الـ46 يوجد 25 نائباً على الأقل، مستعدين للتصويت لصالح فرنجية، والسؤال البديهي هو هل النتيجة في هذه الحالة ستكون فعلا الفوز بـ 65 صوتاً. والسيناريو الطبيعي الذي يعلمه الجميع هو أنه إذا قاطعت الكتلتان الكبيرتين مسيحياً أي القوات والتيار جلسة الانتخاب لتعطيل النصاب، فإن الحضور الـ 86 سينتخبون فرنجية على الأرجح ويفوز من الدورة الأولى، وهذا احتمال بعيد، أما إذا شاركت الكتلتان أو إحداهما على الأقل في تأمين النصاب، ولم تشارك بالتصويت لانتخاب فرنجية، فقد انتفى مبرر النقاش لأن حضور نواب أي من الكتلتين يعني موافقتها على الانتخاب ولو بمنح الشرعية الدستورية للجلسة الانتخابية وتأمين نصابها.
ــ الحديث عن الـ 65 صوتاً كالحديث عن نصاب الـ 86، استعارة الرقم من نص الدستور لشرح فكرة النصاب والانتخاب، والنصاب لانتخاب فرنجية أو سواه سيكون فوق الـ 90 وانتخاب فرنجية أو سواه سيكون فوق الـ 80، لأنه بدون نوع من التوافق لا انتخاب ولا نصاب، وعندما يحدث التوافق تكرّ المسبحة، وكل الباقي تنمرّ سياسيّ!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى