السودان يقدم مثال الانهيار في ظل التطبيع… والمعارضة تنفي صلاحية المرحلة الانتقالية / رعد ينقل لعون تحيات نصرالله: متمسكون بالتفاهم ومقاربة المختلف بالحوار والتفهم / البنك الدولي ودوكان ينعيان استجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري… والفيتو أميركي
} كتب المحرّر السياسيّ
أكمل رئيس المجلس الرئاسي في السودان عبد الفتاح البرهان الخطوات التي بدأ بها على طريق التطبيع مع كيان الاحتلال منذ ثلاثة أعوام مع اللقاء العلني الذي جمع البرهان مع رئيس حكومة الكيان في أوغندا. وجاء استقبال البرهان لوزير خارجية الكيان إيلي كوهين بهدف استكمال الخطوات التطبيعية، بالرغم مما أظهرته تجربة السنوات الماضية من عقم الرهان على التطبيع في مساعدة الحكومة السودانية على كسب الودّ الأميركي بما يتيح تدفق الأموال على اقتصاد يترنح. وهي الوصفة التي قدمها الأميركيون للحكومة السودانية، ويشكل السودان النموذج الذي يمكن فهم ما يجلبه التطبيع لبلدان يشبه وضعها لبنان وسورية، بخلاف ما يقدّمه دعاة التطبيع من مثال لا علاقة لوضعه الاقتصادي بالتطبيع كحال دولة الإمارات، التي تنعم باقتصاد مزدهر سابق على الخطوات التطبيعية، بل يذهب بعض المحللين للقول إن المستفيد من التطبيع في حالة الإمارات هو كيان الاحتلال وليس الإمارات.
في الداخل اللبناني جاءت زيارة وفد قيادي من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد للرئيس السابق العماد ميشال عون في منزله في الرابية، فرصة لتأكيد تمسك حزب الله بالتفاهم مع التيار الوطني الحر الذي لعب العماد عون دوراً رئيسياً في إرسائه، كما قال النائب رعد، الذي أضاف «نؤكد عزمنا وحرصنا على مواصلة هذه العلاقة مع التيار الوطني الحر وفق الأسس التي أسهم الرئيس العماد ميشال عون في إرسائها والتي تقوم على الصدق والوضوح والشجاعة في مقاربة المختلف بروح حوارية جادة ووطنية وتفهم متبادل بعيداً من الضوضاء والصخب».
على صعيد ملف الكهرباء حملت الأنباء الواردة من واشنطن التي يزورها وفد نيابي برئاسة نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، ما يفيد بأن مشروع استجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري قد دفن، ناقلاً عن كبار مسؤولي البنك الدولي عدم وجود المشروع على جدول أعمالهم، بخلاف ما نقله المبعوث الفرنسي بيار دوكان عن ربط القرض من البنك الدولي بشرطي التحقيق المالي في وضعية كهرباء لبنان، وتعيين الهيئة الناظمة، في محاولة لتبرير الدعوة للانتظار الذي قد يمتدّ لسنتين وأكثر حتى نهاية التحقيق المالي، أسوة بما جرى في التحقيق الخاص بمصرف لبنان، بينما تؤكد المصادر المصرية أنها لم تتسلّم حتى تاريخه اي وثيقة أميركية تؤكد أن المشروع لا يخضع لعقوبات قانون قيصر، ووفقاً للمصادر التي تتابع الملف لا مكان للحيرة في تفسير أسباب العرقلة، لأن الفيتو الأميركي الذي منع الهبة الإيرانية هو الذي يمنع أي محاولة لاستنهاض الكهرباء باعتبارها مفتاح النهوض بالاقتصاد، فيما يواصل المتمسكون بالترويج للدور الأميركي برفض الحديث عن حصار أميركي يتعرّض له لبنان.
فيما سجل تراجع الزخم السياسي في الملف الرئاسي، ملأ السفير الفرنسي المكلف بتنسيق الدعم الدولي للبنان بيار دوكان الفراغ بجولته على المسؤولين اللبنانيين، وقبيل أيام من ذكرى توقيع تفاهم مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر، برزت زيارة وفد حزب الله الى الرابية حيث التقى الرئيس ميشال عون.
وتناول البحث المستجدات السياسية والوضع العام في لبنان. وشدّد الرئيس عون خلال اللقاء على «أهمية الشراكة الوطنية واستكمال مشروع بناء الدولة ومكافحة الفساد وصون حقوق المواطنين».
من جهته، وصف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، اللقاء بـ «الودّي جداً» وقال «نقلنا إلى الرئيس ميشال عون التحيات الحارة والسلام من الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله واخوانه في القيادة وأعربنا خلال اللقاء مجدداً عن تقديرنا الكبير للعلاقة الثابتة الوازنة في ما بيننا، التي عززت الشراكة الوطنية وحمت السلم الأهلي وحصنت السيادة الوطنية عبر ردع جدي وحقيقي وفره التزام معادلة الجيش والشعب والمقاومة». وأشار إلى أن «هذه العلاقة التشاركية وفرت مناخاً مؤاتياً لبناء مشروع الدولة وفق ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني والتي لم ترق لكثر. اليوم نحن على بعد أربعة أيام فقط من مناسبة إرساء هذه العلاقة التشاركيّة المهمة التي تكرّست بدءاً من ٦ شباط ٢٠٠٦ في لقاء كنيسة مار ميخائيل قبل ١٧ عاماً وما زالت، نؤكد عزمنا وحرصنا على مواصلة هذه العلاقة مع التيار الوطني الحر وفق الأسس التي اسهم الرئيس العماد ميشال عون في إرسائها والتي تقوم على الصدق والوضوح والشجاعة في مقاربة المختلف بروح حوارية جادة ووطنية وتفهّم متبادل بعيداً من الضوضاء والصخب».
وشدد رعد على أن «بلدنا اليوم بحاجة الى تضافر جهود الجميع وفق هذه الأسس للنهوض من الأزمة الراهنة واستئناف مسيرة بناء الدولة لوطن حر سيد مستقل منفتح على العالم على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة».
وأِشارت مصادر مقربة من الحزب والتيار لـ»البناء» الى أن زيارة وفد الحزب الى عون ستنعكس ايجاباً على العلاقة بين الحزب ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وسيرخي برودة على الخلاف بينهما وستساهم مع المواقف التي أعلنها رعد بتعزيز تفاهم مار مخايل مع تنظيم الخلاف بينهما حول الملف الرئاسي والحكومي، ولاقت جهود الحزب بتقليص هذا الخلاف وتنظيمه واحتواء التصعيد الأخير بين الطرفين من خلال زيارة وفد الحزب الى ميرنا الشالوحي ولقائه مع النائب باسيل الذي كان بمثابة جردة حساب للعلاقة ومصارحة عميقة وشرح وجهات النظر في كافة القضايا والملفات».
ولم تسجل الحركة الرئاسية أي جديد بانتظار استكمال الجهود التي يقوم بها رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط باتجاه كافة الأطراف بالتوازي مع الحراك الذي يقوم به رئيس مجلس النواب نبيه بري على هذا الصعيد، في محاولة لتأمين أغلبية لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية أو التوصل الى تفاهم حول مرشحين توافقيين يجري الاختيار منهم لانتخابه رئيساً»، لكن معلومات «البناء» من أكثر من جهة سياسية تؤكد أن المواقف والتوجهات والمصالح متضاربة ولا زالت متباعدة والتوافق بعيد جداً حتى الساعة وقد لا يتحقق في المدى المنظور، لأن رئاسة الجمهورية تتطلب جملة ظروف داخلية وخارجية غير متوافرة الآن».
واستمرت حملة الترويج لترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون كمرشح توافقي، وكانت لافتة في التوقيت زيارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الى العماد عون في مكتبه في اليرزة، حيث تناول البحث شؤوناً مختلفة، وما إذا كانت تعكس موافقة سعودية على ترشيح عون.
ويبدو أن ترشيح النائب ميشال معوّض قد سقط بضربة جنبلاطية، ما يفتح الباب أمام انسحابه أو تخلي الكتل الداعمة له عنه، وسجل معوّض عتبه على جنبلاط لجهة طريقة تعامله مع ترشيحه، ولفت معوّض الى أنّ المشكلة في مبادرة رئيس الاشتراكي، ليست بالتخلي عني بل بأنها غير منسّقة بشكل كافٍ معي ومع المعارضة، وستؤدي الى مزيد من التشدد لدى الطرف الآخر بدليل رفضهم أسماءه وتمسّكهم برئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، واستجداء الدعم السعودي له».
وأشار في حديث لقناة الـ «أم تي في»، الى أن «الحائط المسدود ليس في ترشيحي، بل بالتخلي عن المشروع السيادي وسأناقش الأمر مع جنبلاط واتمنى عدم تكرار اخطاء الماضي، لأن البلد لا يحتمل مزيدًا من المساومات واسماء جنبلاط مقبولة لدينا لكن تنقصها موافقة الطرف الآخر».
لكن حظوظ فرنجية لا زالت مرتفعة وفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء» والتي نفت المعلومات التي تشاع عن أن الثنائي حركة أمل وحزب الله سيسير بتسوية توصل قائد الجيش الى الرئاسة ضمن ضمانات سياسية – أمنية – استراتيجية، مؤكدة تمسك الثنائي بفرنجية الذي لم يفقد فرصته بعد ويمكنه تأمين أغلبية الانتخاب بـ 65 نائباً في حال توافر نصاب الانعقاد.
وعلمت «البناء» من مصادر قواتية أن كتلة الجمهورية القوية لن تصوّت لفرنجية علماً أنه لا يحظى بأغلبية حتى الساعة، لكن في حال حصل على أغلبية لانتخابه فلن نحضر الجلسة وسنقاطع لثلاث جلسات متتالية ونحاول كسر هذه الأغلبية، وإذا لم نستطع سنحضر في الجلسة الرابعة.
وينعقد اللقاء الأميركي الفرنسي السعودي المصري في 12 الشهر الحالي من أجل لبنان، ووفق المعلومات فإن اللقاء قد يخرج بورقة عربية دولية تدعو لبنان الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وإنجاز الإصلاحات، وستجدّد دعمها للبنان وللمؤسسات الأمنية والعسكرية لا سيما الجيش اللبناني ودعم صمود المجتمع اللبناني عبر مساعدات إنسانية. وتشير المعلومات الى أن مقررات الاجتماع لن تؤدي إلى نتيجة، بل ستعمّق الخلاف والانهيار الاقتصادي والتوتر الأمني لا سيما إذا تضمنت الورقة بنوداً سياسية تتعلق بقضايا خلافية كسلاح حزب الله والحدود وأزمة النازحين السوريين وشروط صندوق النقد الدولي، وبالتالي المخاوف أن تتحول الورقة الى دفتر شروط دولي للبنان وإما السير به أو تحميل المسؤولين اللبنانيين مسؤولية الانهيار.
وكان السفير دوكان جال على المسؤولين أمس، واجتمع برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السرايا الحكومية، وأكد دوكان خلال الاجتماع أنه «يزور لبنان في إطار جولة قادته الى مصر والاردن في اطار السعي لدعم لبنان في مجال الطاقة».
وشدد على انه «سيزور الولايات المتحدة الاميركية خلال أسبوعين للبحث مع المسؤولين الاميركيين في السبل الآيلة الى تحييد ملف الكهرباء عن «قانون قيصر» بما يتيح مساعدة لبنان في حل أزمة الطاقة». ولفت «الى ضرورة تنفيذ الشرطين اللذين طلبهما البنك الدولي للمساعدة في قطاع الطاقة وهما التدقيق في حسابات كهرباء لبنان والبدء بتشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء، وفق القانون الساري المفعول».
وشدد «على وجوب استكمال الخطوات المطلوبة لتوقيع الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي الذي يمثل بالنسبة لفرنسا وللمجتمع الدولي الممر الأساسي لإعادة التعافي الى الاقتصاد اللبناني والحصول على مساعدات تتعدى ما هو متوقع الحصول عليه من صندوق النقد. هذا الاتفاق يعزز الثقة الدولية بلبنان وبمؤسساته وبالعمل الحكومي».
وتردّدت معلومات عن اجتماع عقد بين دوكان وعدد من النواب في منزل النائب فؤاد مخزومي في بيروت.
بدوره، أكد نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بعد اجتماعه والنواب نعمة افرام مارك ضو وياسين ياسين مع البنك الدولي في واشنطن، أن المسؤولين في البنك الدولي أبلغوهم أن قرض تمويل استجرار الغاز من مصر والطاقة من الأردن مجمد حالياً وليس مدرجاً على جدول أعمال البنك الدولي والسبب عدم إنجاز كل الإصلاحات المطلوبة للكهرباء، من دون أن يربط البنك ذلك بعقوبات قانون قيصر لكون استجرار الغاز والطاقة سيمران بسورية.
وقال بو صعب: «سنضع هذا الموضوع بيد الحكومة وتحديداً رئيسها نجيب ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض، وتجب مصارحة اللبنانيين بهذا الواقع المستجد»، مشيراً الى انه طلب من البنك الدولي الإعلان رسمياً عن هذا الموقف، اذا كان موقفاً نهائياً، لأن اللبنانيين ما زالوا يأملون بنجاح المشروع».
وأشارت أوساط سياسية لـ»البناء» أن «موقف صندوق النقد الدولي يعكس إرادة أميركية غربية خليجية بتمديد الحصار الاقتصادي والمالي والكهربائي على لبنان والذي بدأ عملياً في 17 تشرين 2019، والهدف زيادة الطوق حول عنق لبنان لفرض تسوية سياسية ورئاسية لتمرير الإملاءات والشروط الخارجية، ويعكس موقف صندوق النقد والتجاهل الدولي والإقليمي للملف اللبناني، وبالتالي سيعرقل أي تسوية رئاسية وتمديد الفراغ لأشهر عدة»، وتوقعت أن تتفجر ملفات عدة مالية واقتصادية وقضائية هذا الشهر لا سيما في ملف المرفأ، ما سيؤدي الى الفوضى القضائية والأمنية والمالية.
ووفق معلومات «البناء» فإن القاضي طارق بيطار يعتبر أنه لم يعزل وسيستمرّ بعمله بغض النظر عن إجراءات مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات وسيقوم بخطوات عدة وقد يصدر مذكرات توقيف بحق المدعى عليهم والمستدعين للتحقيق أمامه بحال لم يمثلوا، ما قد يدفع بالمقابل القاضي عويدات الى إصدار مذكرة توقيف بحق بيطار بحال لم يمثل أمامه، ما سيأخذ العدلية الى اشتباك كبير وفوضى عارمة قد تتحول الى أمنية.
في غضون ذلك، واصل الدولار ارتفاعه بالتوازي مع دخول قرار رفع السعر الرسمي لصرف الدولار إلى 15 إلفاً حيز التنفيذ.
وارتفعت أسعار المحروقات، كما رفعت «نقابة أصحاب محطات المحروقات» و»نقابة موزّعي المحروقات» مجتمعتَين، كتاباً إلى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض طالبتا فيه بتسعير المحروقات للمحطات بالدولار الأميركي «تفادياً للخسائر التي يمكن أن يتكبّدها المستهلك والمحطات، وذلك لعدم استقرار سعر صرف الدولار في السوق السوداء».
وعلمت «البناء» أن منصة صيرفة حُصِرت بموظفي القطاع العام، ومنعت المصارف موظفي القطاع الخاص من الاستفادة من المنصة.