الوطن

مزيد من المواقف المُتضامنة مع سورية واستغراب إحجام الغرب عن إغاثتها ودعوات لأوسع تحرُّك لكسر الحصار وتقديم المُساعدات العاجلة

 

توالت أمس، المواقف المُتضامنة مع سورية والمنكوبين بالزلزال المدمِّر الذي تعرّضت له مع تركيا وأسفر عن عددٍ كبير من القتلى والجرحى والمفقودين فضلاً عن أضرارٍ ماديّة جسيمة. ودعت أحزاب وقوى وطنيّة وقوميّة إلى أوسع تحرّك لكسر الحصار الجائر عن سورية، مستغربةً إحجام الأمم المتّحدة و الدول الغربيّة وبعض العرب عن تقديم المساعدات لها ومسارعة تلك الدول، في المُقابل، إلى إغاثة تركيا.
وفي إطار التضامن مع سورية لبنانيّاً، اتّصل وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، بنظيره السوري الدكتور بطرس الحلاّق والقائم بالأعمال في السفارة السوريّة في لبنان علي دغمان، معزِّياً بضحايا الزلزال. وأبدى المكاري خلال الاتّصال «استعداد لبنان لمدّ يد العون والمساعدة في المجالات كافّة، لدعم الأشقاء السوريين في مواجهة تداعيات هذه المحنة».
كما اتّصل المكاري بسفير تركيا في لبنان علي باريش أولوصوي ورئيس إدارة الاتّصالات في رئاسة الجمهوريّة فخر الدين آلتون، معزِّيا بضحايا الزلزال ومتضامناً مع الدولة التركيّة وكلّ جريح ومنكوب ومُشرَّد.
وتعقيباً على ما تُكابده سورية والشعب السوري بفعل الزلزال، قال وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى في بيان “لم يُحرِّك أحدٌ في ذلك الغرب ساكناً تجاه نكبة الزلزال في سورية. أيُّ تحضّرٍ هو هذا وأيُّ إنسانية وأيُّ فضيحة أخلاقيّة؟! ذلك الغرب هو نفسه الذي وضع سورية وشعبها وشعوب المنطقة على خطّ الهلاك وزلازل الحروب، وما برح يُغذّي في أذهان المُضَلَّلين هنا وهناك، أوهاماً كاذبة: أنه يريد لنا “الحريّة” ولدولنا “الديمقراطيّة”، يريد لنا “الحقيقة” و”العدالة” وهو لا يبتغي لنا في الواقع مسلمين ومسيحيين، إلاّ الدمار الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي خدمةً لمصالحه ومصلحة ربيبته إسرائيل.»
وأضاف “سورية تحت الأنقاض يا ايّها الغرب العظيم، متروكةٌ لتواجه مصيرها، والواضح ان ليس لها إلاّ الله ومن يخاف الله.»
وأمل أن تخف وطأة هذه النكبة عن كاهل السوريين “وأن تكون مناسبةً لتعافيهم من جراحهم والندوب ومنطلقاً لبناء الوحدة بينهم من جديد، ومحطةً تعي فيها شعوب هذه المنطقة (واللبنانيون من بينهم) بأن عدونا لا يريد لنا الحياة او الحريّات، إنّه لا يريد لنا إلاّ الموت بل وإنّه يتلذّذ ويستطيب أن يكون موتنا بأيدي بعضنا بعضاً”.
وختم “فَلْتَعلَم الشعوبُ، بأنّ سورية نَفنَـى ولا نَلِـيـنْ، ولْتَطمئن القُلوبُ، بأنّه لن يهنأ الغريبُ في العرينْ”.
من جهته، دعا النائب جهاد الصمد، في بيان “الدول العربيّة وبقيّة دول العالم والمنظمات الإنسانيّة العاملة في مجال الإغاثة إلى تقديم المساعدات العاجلة لسورية، ومساعدتها في مواجهة الزلزال الذي ألحق بها أضراراً بشرية ومادية كبيرة”.
ورأى أنّه “أمام هول الخسائر الضخمة بشريّاً وماديّاً في تركيا وسورية بسبب الزلزال، نجد أنّ أغلب الدول المنظمات الدوليّة تتوجّه لمساعدة تركيا، وهو أمر نطالب به ونحضّ عليه، لكنّها تتجاهل سورية بشكل كبير، برغم أنّ الخسائر الماديّة والبشريّة في سورية موازية لما هي في تركيا وربّما أكبر”، مناشداً “الدول والمنظّمات العربيّة والدوليّة باسم الإنسانيّة، مساعدة تركيا وسورية معاً، وعدم الكيل بمكيالين، وعدم ارتباط أعمال الإغاثة بحسابات سياسيّة”.
بدورها، أكّدت هيئة تنسيق “لقاء الأحزاب والقوى والشخصيّات الوطنيّة اللبنانيّة” في بيان إثر اجتماعها الدوري في مقرّ حركة “الناصريين المستقلّين -المرابطون”، بحضور أمين الهيئة القياديّة مصطفى حمدان، وقوفها وتضامنها “الكامل مع الشقيقة سورية وشعبها المظلوم، ومع الشعب التركي المنكوب، نتيجة الكارثة الإنسانيّة التي خلفها الزلزال المدمِّر”.
ودانت “سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الأنظمة الغربية، وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأميركيّة، إلاّ أن الأمر المُخزي والمعيب هو أداء مؤسّسات الأمم المتّحدة والمنظّمات الدوليّة التي تدور في فلكها، والتي أظهرت تبعيتها بالكامل للسياسة الأميركيّة المعادية لشعوب منطقتنا”.
وطالبت “الدول المُحبّة للعدالة بإدانة قانون قيصر الأميركي، الذي يُحاصر الشعب السوري بأبسط حقوقه وحاجاته الإنسانيّة البديهيّة، والتي أقرّتها الشرعة العالميّة لحقوق الإنسان وتبنّتها الدول المنتسبة للأمم المتّحدة”.
وشكرت “الدول والمنظّمات التي بادرت إلى إرسال المساعدات للشعب السوري الشقيق، والتي أثبتت أنها أمام امتحان الإنسانيّة لا تعير اهتماماً للقرارات والرغبات الأميركيّة الظالمة والمتوحِّشة التي تُعبِّر عن عدائها للإنسان والإنسانيّة”.
واستغربت “موقف الحكومة اللبنانيّة تجاه الكارثة التي حلّت بالشعب السوري”، مشدِّدة على أنّ “السياسة يجب أن تأتي في المرتبة الثانية أمام النكبات الكوارث التي تحلّ بالشعوب، فضلاً عن الاعتبارات القوميّة والوطنيّة والدستوريّة، التي تُلزم الحكومة اللبنانيّة بنسج أفضل العلاقات مع سورية”.
كما عزّى “لقاء الأحزاب والقوى الوطنيّة والإسلاميّة” في إقليم الخروب وساحل الشوف في بيان “القيادة السورية والشعب السوري بضحايا الزلزال”، داعياً إلى “تنكيس الرايات العربيّة كلها، تضامناً مع سورية”. وقال “إنّها سورية الشقيقة والحبيبة والوفيّة. لقد كانوا يتحضرون لصلاة الفجر، حين فاجأهم اللون القاتم، وغمرهم غبار الردى، وتمرّدت الأرض على الأرض، وانقشع المشهد عن ضحايا وشهداء احتضنهم الفزع وتراب الحقيقة. نعلم أنه القدر، لكن بين القدر والاختيار عزّة وسقوط، فما اختاره القدر لا اعتراض عليه”.
أضاف “امتلأت الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، بأخبار الجسور الجويّة من أصقاع العالم إلى تركيا في عملية إنقاذ سريعة لتخفيف أعباء الكارثة، التي حلّت نتيجة الزلزال المدمّر في سورية وتركيا، ومشكورة فرق الإنقاذ المستنفرة للعمل والإنقاذ، لكن المستغرب ألاّ نجد الهمّة والمبادرة تجاه سورية العروبة والمقاومة، وسورية العهد العربي مع المواجهة والانتصارات”.
وتابع “إنّها السياسة الأميركيّة المنحرفة الفاقدة للإنسانيّة والمنحازة للهمجية والفصل العنصري، إنّ ما قدمته سورية إلى العرب، كلّ العرب والعالم الحرّ من أقصاه إلى أقصاه، يستوجب وقوف الجميع بصلابة لكسر الحصار اللئيم ضدّ سورية”.
وعزّى اللقاء أهالي الضحايا في سورية وتركيا، داعياً “كلّ الدول والقوى إلى أن تكون في صحوة ضمير وصدق، بعيداً من السياسة ومكائدها، وأن تتقدم المعونات العمليّة من فرق إنقاذ بكلّ معداتها اللوجستيّة والطبيّة والتموينيّة، كما لتركيا، كذلك لسورية، لاجتياز هذه الكارثة، بعيداً من التجاذب السياسي وسلبياته”.
وختم “بمرارة فرضها الموقف الرسمي العربي، نقول إلى الأنظمة الحاكمة، إن زلزلة الساعة آتية وستندمون”.
وعبّر المؤتمر العربي العام (يضمّ امناء وممثّلي المؤتمر القومي العربي، والمؤتمرالقومي – الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربيّة، ومؤسّسة القدس الدوليّة، والجبهة العربيّة التقدميّة) في بيان عن خالص تعازيها لسورية وتركيا “في هذا المُصاب الجلل، وعن أصدق مواساته لأسر الضحايا والجرحى، متمنياً لهم عاجل الشفاء”، مؤكداً تضامنه مع كلّ الذين فقدوا بيوتهم وممتلكاتهم.
وحيّا “الدول والجهات التي بادرت إلى تقديم الدعم والمساندة إلى سورية وتركيا”، منوِّها خصوصاً بـ”الجهود العربيّة الرسميّة والشعبيّة التي بادرت إلى القيام بواجبها تجاه سورية”، داعياً “جميع الدول العربيّة والإسلاميّة وكلّ دول العالم الحرّ إلى تحمُّل المسؤوليّة الأخلاقيّة والتاريخيّة والإسراع في مساعدة الشعبين السوري والتركي في هذا الظرف”.
واستغرب “موقف بعض الدول التي امتنعت عن تقديم المساعدة إلى سورية في هذا الظرف، وهي التي ظلّت رافعةً لشعار حقوق الإنسان، الأمر الذي يؤكِّد عدم إيمان تلك الدول بهذه الحقوق، ويؤكِّد في الوقت ذاته ازدواجيّة معايير هذه الدول وعدم صدقيتها وتوظيفها السياسي لحقوق الإنسان بعيداً عن أيّ قيمة ومبدأ».
وأكّد المؤتمر “أنّ الحصار الجائر المفروض على سورية أثّر سلباً على جُملة الأوضاع الإنسانيّة فيها، وتجلّت آثاره السالبة تلك، في الحاجة الماسّة للمساهمة في عمليّات إنقاذ ضحايا الزلزال، وفي تقديم المساعدات للمواطنين الذين تأثّروا به، في الوقت الذي يقف “قانون قيصر” وغيره من القوانين والقرارات والسياسات الغربيّة حاجزاً أمام تقديم المساعدات، وسدّاً مانعاً أمام عمليّات التضامن المطلوبة في مثل هذه الظروف، الأمر الذي يُبرهن على عدم قانونيّة تلك القوانين والقرارات ومجانبتها لكلّ حقوق الإنسان التي نصّت عليها الشرائع الدوليّة”.
وجدد المؤتمر دعوته إلى رفع الحصار الجائر عن سورية ولبنان، وإلى أوسع حركة شعبيّة لكسر الحصار عن هاتين الدولتين، لرفع المعاناة عن كاهل شعبهما، ولضمان حريّتهما واستقلالهما الوطني، ولصون كرامة الإنسان فيهما.
وأعرب مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان عن ألمه وحزنه الشديدين من جرّاء الزلزال المدمِّر الذي ضرب تركيا وسورية وأسفر عن آلاف القتلى والجرحى، معلناً تضامن دار الفتوى “مع أسر الضحايا والمصابين من الأشقاء السوريين والأتراك في هذه الكارثة الأليمة التي أصابت أيضاً الإنسانية جمعاء”.
وأبرق الشيخ نصر الدين الغريب، إلى الرئيس السوري الدكتور بشّار الأسد، معزِّياً بضحايا الزلزال، وقال “نتوجّه إلى القيادة السوريّة برئاسة سيادة الرئيس الأسد وإلى جميع أبناء الشعب السوري الشقيق بأسمى التمنّيات وبالدعاء المتواصل أن يسّهل الله عليهم هول الكارثة والزلزال المدمِّر(…) إنّنا نتطلّع إليكم بألم عميق لما حدث، ونتوجّه إلى أهالي الضحايا بالعزاء، ومتمنين الشفاء العاجل للمصابين وألاّ يُصيبكم بعد اليوم مكروه”.
من ناحيته، قال بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك السابق غريغوريوس الثالث لحام في بيان “تعزيتنا هو ما نسمعه عن أخبار التعاون والتضامن والمحبة والمساعدة والنخوة والشعور الوطني الإنساني الأخوي، الذي نشاهده متجسِّداً بأحلى صوره ومظاهره في شوارع حلب واللاذقيّة وحماه وطرطوس وإدلب وفي دمشق وفي بيروت”.
وتابع “هذه هي قيمنا الدينيّة والوطنيّة. هذا هو تراثنا، هذا هو تاريخنا، وهذا هو ضمانة مسيرة أجيالنا الطالعة. إنّنا نفتخر بشعبنا ودولتنا، رئيساً ووزراء ونوّاباً ومحافظين، وجيشاً، ومشافيَ وأطباء وممرضين، والهلال والصليب الأحمر والدفاع المدني، والمؤسّسات الاجتماعيّة والخيريّة والمواطنين في جميع المناطق المنكوبة”.
وتوجّه “إلى الأمم المتّحدة والولايات المتّحدة الأميركيّة ودول الاتحاد الأوروبي، أن يرفعوا العقوبات عن الشعب السوري المنكوب، بالحرب والزلزال والعقوبات”.
كذلك أعربت نقابة محرِّري الصحافة اللبنانيّة، في بيان عن حزنها “للكارثة التي ضربت كلاًّ من سورية وتركيا جرّاء الزلزال المدمِّر الذي ذهب ضحيته آلاف القتلى والجرحى، فيما لا تزال أعمال البحث جارية لإنقاذ من هم عالقون تحت الانقاض والعثور على المفقودين”.
وأكدت النقابة تضامنها مع “الشعبين السوري والتركي في هذه الكارثة”، سائلةً الرحمة للضحايا البريئة والشفاء للجرحى، متمنيةً “النجاح لأعمال الإنقاذ الجارية للذين لا يزالون تحت الانقاض”، داعيةً إلى “أوسع استنهاض دولي من أجل إغاثة المنكوبين».
واتّصل نقيب المحرِّرين جوزف القصيفي بنقيب الصحافيين السوريين موسى عبد النور مواسياً ومعزِّياً بضحايا الزلزال. كما أجرى اتّصالاً بالسفارة التركيّة ومنظمة تيكا للغاية نفسها.
وتوجه اللقاء الاسلامي الوحدوي في لبنان من الدولتين التركية والسورية بأصدق العزاء بضحايا الزلزال المدمر في الدولتين سائلا الله ان يمنّ على الجرحى بالشفاء وعلى ذويهم بالصبر والقبول بقضاء الله وقدره.
ولاحظ رئيس اللقاء عمر غندور أنّ المساعدات الدولية وفرق الإنقاذ تتقاطر على الدولة التركية للتخفيف من تبعات الزلزال، بينما هي ضئيلة وممنوعة عن سورية بحجة قانون قيصر الأميركي الذي يحاصر الدولة السورية وشعبها، باستثناء إيران والعراق والجزائر والامارات العربية وعُمان وروسيا ولبنان وبعض الدول الصديقة، حتى ولو كان الحدث يستدعي إيقاظ المشاعر الإنسانية النبيلة! وهو ما يفضح النوايا العدائية في الدول الممتنعة عن تقديم المساعدة الإنسانية التي تفترضها الأخلاق والقيم التي تتبجّح بها الولايات المتحدة ومن يسير في ركابها، في خدمة مطامعها واستغلالها وتسخيرها في خدمة مصالحها بمعزل عن قيمها وإنسانيتها وثقافتها المزعومة… وهم بذلك أظلم وأطغى “ألا لعنة الله على الظالمين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى