التحولات الأميركية بعد توقيع الاتفاق النووي

توفيق المحمود

في خطوة جديدة وجريئة باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأميركية الذي يسعى الى تقديم مقاربة جديدة للأوضاع في منطقة الشرق الاوسط، وتحديداً في ما يتعلق بالعلاقات الإيرانية ـ العربية، في ما بدا محاولةً لتسويق الاتفاق النووي مع إيران بعد تفاهمات لوزان الاسبوع الماضي، وبدء العد العكسي لتوقيع الاتفاق النهائي في نهاية حزيران المقبل.

وفي خطاب غير مألوف، منذ توليه منصبه رئيساً للولايات المتحدة، وجّه باراك أوباما رسالة تحذير مباشرة إلى دول مجلس التعاون الخليجي واصفاًَ أن أكبر خطر يتهدد الحكام الخليجيين، ليس التعرض لهجوم محتمل من إيران، وإنما حالة الغضب داخل بلادهم، بما في ذلك سخط الشبان العاطلين والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم.

بهذه الكلمات وجه أوباما كلامه لحلفائه وبخاصة بعد توقيع الاتفاق المبدئي للنووي الإيراني هذا الاتفاق الذي واجه معارضة شديدة من الكثيرين داخل الولايات المتحدة ومن أطراف كثيرة أخرى خارجها وخصوصاً الحليفين الرئيسيين لها الكيان الصهيوني والسعودية. واللافت أن المعارضة الدولية للتفاهم الأميركي الغربي مع إيران كانت تأتي في شكل أساسي من حلفاء واشنطن، فالاتفاق الذي وقع الأسبوع الماضي والأرجح أنّ الاتفاق النهائي سيتم توقيعه في الموعد المحدد له في 30 حزيران المقبل أظهر عدم الرضا لدى الطرفين، فكلام رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، الذي أعلن خيبته من انعدام التأثير في تطور العلاقات الإيرانية مع الغرب وأن الاتفاق يهدد وجود كيانه وأن هذا الاتفاق المرحلي بين الدول الكبرى وإيران «سيئ جداً» على حد وصفه بحجة أنه يبقي بنية تحتية نووية كبيرة لطهران. إذ يشوب التوتر العلاقات بين «إسرائيل» وحليفتها التقليدية الولايات المتحدة جراء إلقاء نتنياهو خطاباً في الكونغرس في آذار الماضي رغماً عن إرادة الإدارة الأميركية وهاجم فيها المفاوضات النووية مع إيران.

أما السعودية فقد شنت عدواناً على اليمن بحجة إعادة الشرعية ولكن في المضمون هي حاولت تعطيل الاتفاق بضرب أحد حلفاء إيران في اليمن فهي تمارس عدواناً فاضحاً موصوفاً ضد الشعب اليمني تحت حجج ومسميات أقبح من العدوان نفسه، فالحرب السعودية على اليمن كارثة على الجميع في المنطقة.

واعترف أوباما خلال مقابلته أنه سيجري حواراً صعباً مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وسيعدهم خلال القمة التي ستعقد في كامب ديفيد خلال الربيع بتقديم دعم أميركي قوي ضد ما وصفهم بالأعداء الخارجيين، وسيقول لهم إنه يتعين عليهم معالجة التحديات السياسية الداخلية وأن يكونوا أكثر فعالية في معالجة الأزمات الإقليمية وأن هذا ربما يخفف بعضاً من مخاوفهم، ويسمح لهم بإجراء حوار مثمر في شكل أكبر مع الإيرانيين.

كلام أوباما والتطورات في المنطقة تعتبر ضمن السياق التراجعي لدور الولايات المتحدة في العالم بعد بروز روسيا كقوة كبرى وتحالف دول البريكس وقد تختلف الأسباب والتسميات، لكن الدقيق والمؤكد أن الولايات المتحدة تتابع مصالحها في كل مكان وقد ارتأت أن تحقيق هذه المصالح يستوجب نقلة نوعية في المواقف وفي علاقاتها الدولية، وهذا ما حصل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى