أخيرة

بلادنا الطبيعية وجغرافية الهوية

‭}‬ عبير حمدان
سيكتب التاريخ أنّ على هذه الأرض يوجد أناس يحترفون ثقافة الحياة رغم تراكم النكبات، رغم الحزن يمسحون عن جبين الوجع خوف الدقائق المزلزلة ويسعون الى ترميم الروح المثقلة بالغياب.
سيكتب التاريخ أنّ الطفولة في سورية تلعن تخاذل المرتهنين لأسيادهم، وأنّ إقدامهم الطرية ستدوس على عنجهية الجبناء الذين ينتظرون الإذن من الغرب الذي لم ينكر يوماً حقده على شرقنا لا بل أمعن في نشر سمومه وحروبه المتنقلة في ميادين بلادنا.
الثرى في سورية بلغ مرحلة القداسة مع كلّ دمعة ممتزجة بابتسامة لطفل عثرت عليه فرق الإنقاذ ومن الموت يولد انبعاث جديد أقوى من انحياز البعض في مقاربة الكوارث على إيقاع السياسة.
كلّ ما نرصفه اليوم من حروف لا يرتقي الى مرتبة ما قاساه ويقاسيه شعبٌ أتقن التصدي والصمود في وجه مهندسي الدمار وأدواتهم أولاً وإمعانهم في حصارهم عليه بهدف مقاصصته على انتصاره.
وما انحيازنا لسورية إلا ثقافة وجودية تؤسّس للغة علينا اعتمادها من موضع المسؤولية في مختلف القطاعات المرتبطة بنشر الوعي وأهمية الانتماء إلى هذا الشرق بما يختزنه من حضارة تتفوّق على كلّ الحضارات الكرتونية والزجاجية والافتراضية التي ستزول مهما طال تصاعدها.
ننحاز لسورية لأنها بلادنا الطبيعية ولا يمكن للتقسيم الهشّ أن يلغي جغرافية الهوية، لأنها السند في أوقات الضيم والقصيدة واللحن الأصيل الذي صدّره ساحلها من مدينة أوغاريت الى العالم منذ ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة مما يؤكد حجم رقي وفكر أبناء هذه الأرض التي وإنْ اهتزت بمشيئة الخالق ستبقى ملاذنا الأبدي والوحيد.
نعم، نحن ننحاز إلى سورية وارتباطنا بها كالحبل السري حتى لو حاول أحد قطعه يبقى متصلاً كاتصال الروح بالروح، لا يعنينا الحصار ولا نعترف بـ «قيصر» السفلة والسافلين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى