أخيرة

دردشة صباحية

الزلزال من قبلُ… ومن بعدُ
‭}‬ يكتبها الياس عشي
هل كان من الضروري أن تقع كارثة الزلزال في سورية، لتعود الدول العربية إلى الشام، إلى ياسمينها، إلى برك بيوتها القديمة وناسها الطيّبين، وإلى ذاكرتها الوطنية التي درجنا عليها، نحن السوريين، منذ أن كنّا على مقاعد الدراسة؟
هذه الذاكرة الوطنية تجب استعادتها، والحديث عنها، في هذا الوقت بالذات:
كنت في العاشرة من عمري، وأنا تلميذ في مدرسة الأرض المقدسة في اللاذقية، يوم شاركتُ، لأول مرة، بتقديم ما تيسّر للنازحين من فلسطين، بعد النكبة الكبرى، ببرامجَ إسعافية، كانت المدارس نقطة الارتكاز في تنفيذها.
وتوالت المبادرات… من «معونة الشتاء» حيث للمخيمات الفلسطينية النصيب الأوفر منها، إلى المساعدات المادية والمعنوية المرسلة إلى الجزائر في حربها ضدّ الاستعمار الفرنسي، إلى الموقف البطولي للشعب السوري في وقفته مع مصر في أثناء الاعتداء الثلاثي عليها واستشهاد الضابط السوري جول جمّال في عملية بطولية مدهشة، إلى فتح الحدود السورية لكافة اللبنانيين في أثناء الحرب الأهلية والسماح لهم بالعمل والإقامة شأنهم شأن المواطن السوري.
حدث كلّ ذلك، ونحن وراء مقاعد المدرسة؛ كانت مساعداتنا جزءاً من أبجدية وطنية، وإنسانية، وأخلاقية، وقومية. من هنا، من هذه الأبجدية الأخرى راحت الأسئلة تأخذ شكل التحدي وأنا أراقب ردّات الفعل للدول العربية بعد الزلزال.
السؤال: لماذا تردّدتْ، ولا أقول جبنت، الدول العربية أن تواجه الزلزال السياسي والاقتصادي والأخلاقي الذي لم يتوقف عن إيذاء السوريين منذ 12 عاماً؟ ولماذا سكتوا على قانون قيصر الذي صادر اللقمة من أفواه الجائعين؟ ولماذا لم توجّه، وبشكل قانوني، تهمة السرقة للولايات المتحدة الأميركية التي تضع يدها على النفط السوري، فيما السوريون غارقون في العتمة؟ ولماذا موّلوا، ودرّبوا، وأرسلوا المسلحين إلى سورية لتفتيتها، وإلغاء حضورها القومي، وتقديم جغرافيتها الممزقة للصهيونية التي تسعى لدولة من الفرات إلى النيل؟
ألف لماذا… ستبقى في ذهني، ولن أثيرَ غبارها، طالما أنّ المعادلات تتغيّر، والعرب يعودون إلى أصالتهم، وسورية ستتعافى… وإنّ غداً لناظره قريب.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى