لبنان في حالة تفكك وتحلّل…
} عمر عبد القادر غندور*
مع استمرار الخلافات والاختلافات، والانقسامات الحادة والتراشق بالأوصاف والنعوت، وتدهور الليرة اللبنانية حتى لا تكاد تساوي بصلة، بتنا اليوم على موعد مع انهيار جميع مؤسسات الدولة، تزامناً مع انتهاء ولاية المدير العام للأمن العام ولاحقاً ولاية حاكم مصرف لبنان ثم بعدهما ولاية المدير العام لقوى الأمن الداخلي، وانقسام في الجسم القضائي، وجمود تشريعي وإخفاق في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بسبب التباينات والتحاق الكثير من النواب بطوائفهم…
وتبقى عقدة انتخاب الرئيس مستحكمة بين النواب الموارنة وليس بين النواب المسيحيين وليس بين المسلمين والمسيحيين، وتحاول البطريركية المارونية جاهدة لإصلاح ذات البين لاختيار رئيس مناسب لهذه الفسيفساء التنوعية التي طالما تغنّينا بها على مدى عقود وعقود غروراً وادّعاء!
اليوم بدأنا نشعر مع الإضرابات للعمال والأساتذة والاتحاد العمالي العام وهجرة الموظفين وخلوّ الوزارات من الموظفين الذين لا يجدون أوراقاً، ومن تواجد منهم يقوم بختم المذكرات والبلاغات والإفادات القديمة لتجديد قانونيتها.
كلّ ذلك ينذر بتفكك الركائز الرئيسية للنموذج الاقتصادي السياسي السائد في لبنان منذ تعليق الحرب الأهلية الثانية 1975، وانهيار الخدمات الأساسية العامة التي لا تقوم بها إلا الدولة! وهو ما جعل البنك الدولي يؤكد انّ الكساد الموجود في لبنان هو من تدبير قيادات النخبة في لبنان التي تسيطر على مقاليد الدولة وتستأثر بمغانمها الاقتصادية، واستمرّت في هذه الهيمنة، ما جعل الأزمة من أشدّ ثلاث أزمات في العالم منذ خمسينيات القرن التاسع عشر، وبحيث أنهت لبنان الذي ازدهر لسنوات مضت بفضل تدفقات رؤوس الأموال والدعم الدولي مقابل القيام بإجراءات إصلاحية ولم تحصل! حتى باتت الفوضى النقدية تغذي الانهيار بوجود عدة أسعار للصرف، والإيرادات تتدهور الى 69 % من إجمالي الناتج العام وهي ثالث أقل نسبة على مستوى العالم بعد الصومال واليمن، ويسجل لبنان حالياً رابع أعلى نسبة مديونية في العالم.
بعد هذا العرض الدرامي والمبكي، لا نقول انّ لبنان في غرفة العناية الفائقة، بل هو في حالة التحلل…
«ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ
(131) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ(132) الانعام.
*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي