آخر الكلام
أنا قويّ… إذن أنا موجود
يكتبها الياس عشّي
القوة وحدها صاحبة الحقّ في تقرير مصير الأمم، وكلّ قول غير ذلك يخالف طبيعة الأشياء؛ ففي العصر الجاهلي نقرأ لزهير بن أبي سلمى:
ومن لم يذدْ عن حوضه بسلاحه يهدَّمْ، ومن لا يظلمِ الناسَ يُظلمِ
والفيلسوف الألماني هيغل المتوفّى في القرن التاسع عشر يقول: «من له القوة له الحقُّ، ومن لا قوّةَ له لا حقَّ له».
وسعاده باعثُ النهضة السورية القومية الاجتماعية يكتب: « … وإنْ كنتم أقوياءَ سرتُ بكم إلى النصر».
وصوت المتنبي ما زال هادراً:
ولا تحسبنَّ المجدَ زِقّا وقينةً فما المجدُ إلّا السيف والفتكةُ البكرُ
باختصار… أنا قويٌّ، إذن أنا موجود.
العرب أقوياء، إذن العرب موجودون…
يوم كانوا أقوياء، رفعوا راياتِهم على مضيق جبل طارق… يوم كانوا أقوياء كانوا يقاتلون، وعندما تحوّلوا إلى قتلة صاروا الحلقة الأضعف في تاريخ الصراع…
أخرج اليهودُ الفلسطينيين من ديارهم، وليس في جعبتهم إلّا مفتاح يتدلّى على صدورهم، وذكريات ماتت مع مرور الزمن، وذكريات أخرى بديلة تعمّق جرح الخيمة، وفضيحة المخيمات .
وباختصار… كلّ ما يجري الآن، وقبل الآن بمئة عام، ليس سوى تنفيذ لمخططات سرّية بدأت مع محادثات حسين ـ مكماهون، ووعد بلفور، واتفاقية سايكس ـ پيكو، وتوّجت بنظرية هنري كيسنجر التي تحدّثت، لأول مرّة، عن الفوضى الخلّاقة .
في جوّ هذا الخراب الهائل الذي يضرب العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه، تبرز المقاومة، ويتألق شهداؤها وأسراها بأمعائهم الخاوية، فيرسم الأولاد ملامحهم على دفاتر تلاوينهم، ويحفظون أسماءهم على ظهور قلوبهم.