أخيرة

دردشة صباحية

الصديق المتطفل
يكتبها الياس عشّي

 

تعرّفت إليه قبل عقدين ونيّف؛ رحّبت به، وأفسحت له مكاناً في غرفة نومي، وفي سيارتي، وفي مكتبي.
وهو حتى اليوم يقيم معي، ويقاسمني أفراحي وهمومي. إنْ جلست جلس بجانبي، وإن نمتُ شاركني فراشي، بل كثيراً ما كان يستيقظ قبلي، ثم ينتزع النوم من عينيّ دون شفقة ولا رحمة، عارضاً عليّ أسماء الذين اتصلوا بي أثناء نومي، أو في أثناء استحمامي الصباحي.
لا يحترم أبداً خصوصياتي! يقطع عليك الكلام متى شاء، ويزورك متى شاء، حتى ليبدو لك أنه نشأ مع السوقة، رغم أنه تخرَج من أكثر الأكاديميات اهتماماً بالعلوم والتكنولوجيا!
يوم تعرّفت إليه كان بسيطاً ولائقاً، يستمع إليك برويّة واحترام، ولكنه مع الأيام صار متطفلاً، وجاسوساً، يناديك، رافعاً الكلفة، بأصوات متعددة، ونغمات ناشزة، وأخبار تقحمك بمشاكلَ “لا ناقة لك بها ولا جمل”.
وإنْ حدث وأخذ إجازة، أو أصيب بعلّة، أو أضاع الطريق للوصول إليك، فإنه يختفي! ومعه تختفي ذكرياتك وذاكرتك، وحتى عناوين الأصدقاء، وأرقام التواصل معهم!
عفواً… نسيت أن أعرّفكم على هذا “الصديق”، إنه الهاتف النقال، أو الهاتف المحمول.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى