الهجوم على القواعد الأميركية… هل حانت الساعة الصفر؟
} رنا العفيف
لم تكن النظرة الأميركية المعهودة في المنطقة كعادتها هذة المرة إزاء الهجوم الصاروخي على قواعدها العسكرية في الشرق السوري، وإنما كانت نظرة خيبة وكسرة عين قوية، تأبى أن تسجل في تاريخ البشرية جمعاء، لا سيما أنّ صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اعتبرت أنّ هذا التصعيد والهجوم على القواعد الأميركية أرخى بظلاله على البيت الأبيض والمؤسسات الرسمية الأميركية، كما تحدّثت أيضاً عن خلل في الدفاعات الجوية في القاعدة العسكرية الأميركية شمال شرق سورية، وأنها لم تكن هذة الدفاعات تعمل بطاقتها الكاملة، وأنّ هناك تحقيقاً بحسب الصحيفة…
أيّ رسائل لهذا التصعيد تودّ إيران وحلفاؤها إيصالها لواشنطن وربيبتها «إسرائيل».
الخارجية السورية تشدّد على تمسك دمشق بإنهاء الاحتلال الأميركي، وتؤكد أنّ الأكاذيب والتضليل الأميركي بشأن المواقع المستهدَفة هي محاولة فاشلة لتبرير العدوان وانتهاك سيادة سورية، إذ تساقطت صواريخ على قاعدتين أميركيتين في الشرق السوري، وعليه فإنّ لهذا التصعيد نتائج قوية على الأرض السورية في ظلّ الاعتداءات «الإسرائيلية» المتكررة على سورية، فالولايات المتحدة الأميركية تنظر لهذا التصعيد نظرة تحدّ دون خجل من نتائجه العكسية، بينما سورية وحلفاؤها ينظرون إليه على أنه معركة وجود وتقرير مصير…
بين هاتين النظرتين… ورداً على الهجوم استهدفت الطائرات الأميركية مواقع قالت إنها تابعة للحرس الثورة الإيراني قرب مدينة دير الزور، ووزارة الدفاع الأميركية أعلنت أنّ طائراتها انطلقت من قاعدة العيديد في قطر، بينما قال مصدر من المستشارين الإيرانيين إنّ في سورية طائرات أميركية هاجمت مخازن أغذية ومراكز خدمات المدنية، مما أدّى إلى استشهاد سبعة مدنيين…
إذن معادلة الصدّ والردّ بدأت، أيّ بمعنى أنّ كلّ اعتداء «إسرائيلي» سيقابله ردّ على القواعد الأميركية في سورية، كما كانت هناك رسالة تحذيرية صارمة من إيران، وعلى الولايات المتحدة أن تفهم أنه مع تراخي قبضتها في المنطقة يجب أن تتحضّر للانسحاب الكامل من سورية، خاصة أنّ الوجود الأميركي غير شرعي وهو انتهاك للسيادة السورية وللقوانين الدولية هذا من جانب.
أما من الجانب الآخر ربما هناك حسابات سياسية دقيقة بين إيران وسورية وروسيا وحتى الصين التي أخذت حيّز نفوذ في المنطقة وتخشاه واشنطن لأسباب اقتصادية وميدانية أخرى، يعمل كلّ منهم على انتهاز الفرصة التاريخية لاقتلاع جذور قوات الاحتلال الأميركي من المنطقة، وقد يتبلور هذا قريباً ربما إذ استمرّ التصعيد بحسب توقيت المقاومة والخارطة السياسية الجديدة للمنطقة.
في ظلّ المتغيّرات الاقليمية والدولية، لا سيما التقارب الإيراني السعودي الذي هو برعاية صينية وسورية مفتاح صمام العالم العربي مع بعض العواصم العربية والدولية، وهذا لا يروق لـ «إسرائيل» وأميركا، لذا نرى تصعيداً هنا وآخر هناك لزعزعة استقرار المنطقة، ولتأليب الفوضى قبل خروجها ربما، ولا ننسى الأزمات الداخلية التي تحاول «إسرائيل» لفت انتباهها إلى الخارج على حساب الهجمات المتواترة لتعيق مسار إحياء علاقات كلّ دولة عربية مع شقيقاتها من الدول الأخرى، وبالتالي تحاول الولايات المتحدة وربيبتها «إسرائيل» خلق اضطرابات ونزاعات تحت ذريعة ما، لتظهر قوّتها الوهمية في المنطقة أمام من تخلوا عن سياستها ربما، لا سيما أن نرى اليوم تراجع كبير في تأثير الولايات المتحدة على الآخرين، لذا أيّ تعاون او تقارب بين الدول في ما بينهم لن يفيد مصلحتها بعد الآن وهذا ما يسمّى في أو يصنّف سياسياً خسارة كبرى لواشنطن في المنطقة على مستوى هذه اللعبة.
لهذا كانت المعادلة الميدانية في سورية قائمة بين قوسين الهجمات «الإسرائيلية» على سورية سيقابلها هجوم يستهدف القواعد الأميركية، لأن الضوء الأخضر الأميركي لم يتوقف لليوم بالإيعاز «الاسرائيلي» لشن ضربات على سورية بحجة المواقع التابعة لإيران معتبرين هذا التصعيد سيعود إليهم بالفائدة، ولكن الحقيقة التي لا تريد رؤيتها واشنطن هي أنّ هذا التصعيد سيجلب لها العار للمرة الثانية في المنطقة، لماذا؟ لأنّ مؤشر الانسحاب مع تراخي القبضة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط لن تفلت من توقيت محور المقاومة وقد تعمل على التقاطها لإخراج الاحتلال الأميركي من سورية في سياق هذه الهجمات .
لذا اليوم نرى ونشاهد جميعاً موضع ومكانة كلّ من سورية وحلفائها في المنطقة إذ لا يُقارن أبداً مع مكانة الولايات المتحدة و»إسرائيل»، أيّ عالم ينهض وعالم ينهار، خاصة أنّ الصين اليوم تعدّ اللاعب الأكبر والأبرز في المنطقة وهذا ما لا ترغب فيه الولايات المتحدة التي تعاني اليوم من صعوبة في الخيارات أو تواجه صعوبة ومطبات كثيرة ضمن أطر الاتجاهات الجديدة التي نراها، وقد نشهد لعبة كبيرة على مستوى المنطقة وقد تكون الصين أبرزها كدور أساسي في النفوذ وهذا عامل مهمّ تقلق واشنطن منه كثيراً…
إذن هل حانت الساعة الصفر؟