زيلينسكي والهزيمة الاستراتيجية
ما كان ممكناً لمدينة صغيرة كمدينة باخموت أن تقرّر مصير حرب كبرى كالحرب الأوكرانية يصطفّ فيها الغرب كله وراء الجيش الأوكراني، لولا قرار القيادة الأوكرانية رفض اعتبار الانسحاب من المدينة خياراً مطروحاً وفق المعطيات العسكرية الميدانية، والسير بخيار اعتبار المكانة المعنوية للربح والخسارة في هذه المدينة بمثابة نقطة الفصل بين حالتي الانتصار والهزيمة بالنسبة للجيش الأوكراني في الحرب وليس في هذه المعركة فقط.
الهزيمة في باخموت وفقاً لقراءة خبراء وقادة حلف الناتو هي نتيجة مؤكدة للمعطيات المحيطة بالمعركة، وما يجري يومياً من تقدّم ولو بطيء للجيش الروسي يؤكد هذا الاستنتاج، ولذلك نصح قادة الناتو القيادة الأوكرانية بالانسحاب وتخفيف الخسائر، ووفقاً لقرار البقاء حتى تسقط باخموت ويسقط معها الجيش الأوكراني في الحرب، صارت كل المساعدات الوافدة للجيش الأوكراني مجرد وقود تتكفل جبهة باخموت بها وتتولى استنزاف القدرة الباقية للجيش الأوكراني عبرها، ما يحول دون أن يؤثر هذا الدعم الغربي على وجهة الحرب.
ليس مهماً ما إذا كانت الفرضية الغربية بإمكانية تعديل وجهة الحرب لو قبلت القيادة الأوكرانية وعلى رأسها الرئيس فلاديمير زيلينسكي صحيحة أم لا، فقد بات واضحاً مع كلام زيلينسكي أن الزمن قد فات لاختبار هذه الفرضية.
يقول زيلينسكي إن معركة باخموت سوف تقرر مستقبل أوكرانيا. فالهزيمة تعني أن الجيش سوف يفقد الروح القتالية وأن التسوية السياسية بشروط معاكسة لما يريده الأوكرانيون سوف تفرض عليهم.
قد تستغرق معركة باخموت المزيد من الوقت طالما أن كل الجيش الأوكراني سيتمّ الزج به للدفاع عنها، وقد تزداد كلفة تحريرها من قبل الجيش الروسي، لكنها سوف تكون المعركة التي تحسم مستقبل الحرب، واتجاهات الحسم فيها واضحة لصالح الجانب الروسي، خصوصاً مع المعلومات التي تتحدث عن أن نهاية العام هو موعد اكتمال وصول المساعدات التي ينتظرها الأوكرانيون من دول الناتو، بينما تزجّ روسيا بالمزيد من القوات والعتاد الحديث في ساحة المعركة بما يضمن كسبها.
التعليق السياسي