دبوس
هذه الأميركا وحبّها المفرط للإنسان
يطيب لـ بلينكن أن يطلق نكات سياسية من وقت لآخر، تستدعي الكثير من الضحك والسخرية، آخر نكتة أطلقها قائد الدبلوماسية الأميركية حين ذرف دموع التماسيح، وتمنّى على حميدتي والبرهان في السودان التوقف الفوري للقتال، انْ لم يكن من أجل السلام وحلّ النزاع بطريقة سلمية، فمن أجل حقن دماء المدنيين الذين تحرص الإدارة الأميركية على تجنّب سفكها بلا طائل!
حنون بلينكن، وحنونة أميركا، وهي حساسة جداً إزاء المدنيين بالذات، والدليل على ذلك أنها حينما ضربت هيروشيما و ناغازاكي بالنووي في خواتيم الحرب العالمية الثانية، وقتلت 300 ألف مدني في ثانية واحدة، كان هدف الإدارة الأميركية آنذاك وكما أعلنت عنه بعد قذف اليابان بالنووي هو، حقن الدماء، أما قتل مليون عراقي بينهم نصف مليون من الأطفال، فإنّ ذلك من وجهة نظر مادلين أولبرايت، وزيرة خارجية أميركا السابقة شيء مبرّر بالنظر الى الأهداف السامية التي تسعى إدارتها لتحقيقها من وراء الحرب على العراق، تماماً مثل قتل مليون مدني أفغاني في سبيل السلام والمحبة ومكافحة الإرهاب، أما في فييتنام، فلقد كان عشق السلام والرغبة في تحقيق الأمن والحب بين الناس ونشر الديموقراطية يستأهل قتل 6 ملايين فييتنامي، جلّهم من المدنيين…!
أما تزويد الكيان الطارئ بكلّ أدوات وتكنولوجيا القتل منذ 75 عاماً لقتل الفلسطينيين، فهو أمر يندرج أيضاً في نطاق وَلَه أميركا بالحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء.
وفي اليمن، التي دُمّرت، وقتل عشرات الآلاف، انْ لم نقل مئات الآلاف بالسلاح الأميركي، فهي أيضاً من منتجات الحب الأميركي المفرط للمدنيين في كلّ مكان، ولكن أخشى ما نخشاه من هذه الدولة المغرمة بالحياة الإنسانية الى درجة الهوس والجنون أن نستيقظ ذات يوم فنجدها وقد قذفت الكرة الأرضية بعشرات القنابل النووية، وقتلت عشرات الملايين في لحيظات بحجة الأهداف السامية والنبيلة التي تعشقها أميركا لكبح جماح خطر التضخم الديموغرافي الذي يهدّد الإنسانية تهديداً فادحاً.
سميح التايه